الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مليارات مهدورة

6 نوفمبر 2010 22:19
ما أثارته الندوة التي نظمتها دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي مؤخراً حول الحوادث المرورية وما يتكبده الاقتصاد الوطني من خسائر مذهلة سنوياً جراء تلك الحوادث يدعو إلى القلق، خصوصاً وأن منحنى معدلات الحوادث بالدولة يسير باتجاه تصاعدي. الأرقام التي تطرقت إليها الندوة تتحدث عن خسائر اقتصادية ناجمة عن الوفيات والإصابات المرورية خلال العام الماضي تزيد على 16 مليار درهم، أي ما يعادل 18% من تكلفة الحوادث التي يتكبدها الوطن العربي بأكمله. فالمبالغ التي تهدر سنوياً تشكل ثروة حقيقية، كان بالإمكان توظيفها في أوجه تنموية تنعكس إيجاباً على أفراد المجتمع، خصوصا إذا ما علمنا أن أكثر من 82% من تلك الحوادث ناجمة عن أخطاء بشرية يمكن تداركها. لا نريد أن نتطرق إلى الآثار النفسية والمشكلات الاجتماعية المترتبة على الحوادث، سواء على المصابين أو أسرهم، فالحديث عن مثل هذه القضايا يطول، خصوصاً عندما ترتبط بالتكلفة الاقتصادية الباهظة التي جعلت المشهد أكثر سوءاً. وإذا كانت معدلات الدخل مرتفعة بالدولة بحيث تمكن غالبية السكان من امتلاك سياراتهم الخاصة، وربما أكثر من واحدة، فإنه من المفترض أن تكون هذه الأداة رافعة للنمو والتقدم الاجتماعي والاقتصادي وليس أداة للخسائر والمآسي. رغم إدراكنا أن المشاكل الناجمة عن الحوادث المرورية هي ظاهرة عالمية ولا تقتصر آثارها على الدولة دون غيرها، إلا أن المطلوب في هذه المرحلة هو توظيف كافة الامكانات والجهود للحد من تزايد أعداد الحوادث وضبطها والعودة إلى المعدلات الطبيعية على الأقل، خصوصاً وأن تكلفة الحوادث المرورية عندنا (16 مليار درهم) تفوق الناتج المحلي الإجمالي للكثير من الدول النامية. الندوة نجحت في استخلاص مجموعة من النتائج والتوصيات المفيدة، غير أن الاهتمام يجب أن ينصب على الحلول غير التقليدية التي يمكن أن تساهم في حال تنفيذها بالحد من الحوادث، كتعميق مفهوم الثقافة المرورية وإعداد برامج توعوية لسائقي المركبات بشكل دوري، خصوصاً الفئات العمرية الشبابية، وهي الفئة الاكثر تسبباً في الحوادث، وإطلاعهم على ما يمكن أن ينجم من مضار اجتماعية واقتصادية جراء ذلك. كذلك يمكن تعميم بعض التجارب في تنظيم وتجهيز مواقع للسباقات الرياضية للهواة ومحبي السرعات، تحت إشراف كوادر مدربة ومؤهلة على هذا النوع من الهوايات، بغية تفريغ طاقات الشباب بشكل آمن ومشروع وصرفهم عن استعراض مواهبهم في الطرقات العامة والأماكن المأهولة. هنالك مجالات أخرى قد تساهم ايضاً في التخفيف من آثار الحوادث كتشجيع ثقافة استخدام وسائل النقل العام، مما ينعكس ايجاباً ليس فقط على معدلات الحوادث، بل على نواح عديدة مثل تقليل استهلاك الوقود والحد من الازدحامات المرورية، فضلاً عن تجنيب البيئة مزيداً من التلوث. بعض مسببات الحوادث يمكن السيطرة عليها ومعالجتها بقليل من الوعي والرقابة، خصوصاً إذا ما علمنا أن 26% من تلك الحوادث ناجمة عن انفجار الإطارات أثناء القيادة، الامر الذي يتطلب تشديد الرقابة على سوق قطع غيار السيارات واتخاذ إجراءات صارمة بحق المخالفين الذين يتاجرون بأرواح الناس وممتلكاتهم. هذه التوصيات وغيرها مما جاء في الندوة لابد من وضعها أمام متخذي القرار، حيث نأمل أن يساهم تنفيذها في الحد من الحوادث والتخفيف من الأعباء الاجتماعية والنفسية، فضلاً عن تجنيب الاقتصاد الوطني مزيداً من الأموال المهدورة. عمر الربايعة | omar.rabaia@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©