الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«صداع» العمر المديد

«صداع» العمر المديد
10 أغسطس 2011 22:35
ثلث العالم في حرب. وثلاثون مليون شخص مصابون بالإيدز في إفريقيا. وتدين الولايات المتحدة بأكثر من مليار دولار للأمم المتحدة. وفي كل دقيقة يموت شخصان على إثر حادث سيارة. كل بقرة في الاتحاد الأوروبي تستهلك حوالي 2.5 دولار في اليوم، وهذا أكثر مما يقتات به 75% من سكان إفريقيا. وتصرف الولايات المتحدة أكثر من 10 مليارات دولار سنوياً على الفن الإباحي، ومعدلات الحمل في سن المراهقة تبلغ أعلاها في الولايات المتحدة وبريطانيا. تقول مؤلفة كتاب “حقيقة ينبغي أن تغيّر العالم” جيسيكا ويليامز: لو قدّر لك العيش في عالم متحضّر، فستحظى بفرصة جيدة للعيش فترة أطول مما عاشه والداك، وسيعيش أطفالك مدة أطول. لقد استطاع العلم في البلدان المتقدمة والغنية أن يجتث بعض الأمراض الفتاكة. ونتيجة لذلك تضاعف معدل عمر الفرد خلال 200 سنة الماضية واستمر على حاله في بعض البلدان. أعمار الأغنياء تعرض المؤلفة سياقاً تاريخياً لمعدل عمر الفرد، فخلال سيادة الإمبراطورية الرومانية كان 22 عاماً فقط. ووصل إلى 33 عاماً بعد 1500 سنة، أي في العصور الوسطى في إنجلترا التي شهدت القليل من التطور، وليس بالضرورة أن يقضيها الفرد سليماً معافى. إذ عانى الناس باستمرار من المجاعات، واقتصرت العلاجات على بعض التقنيات الجراحية البدائية. هذا فضلاً عن استشراء الأوبئة، مثل: التيفوئيد والجذام والطاعون في أوروبا ما بين عامي 1347 ـ 1351، الأمر الذي أودى بحياة ربع السكان فيها. لم يبدأ التطور الدراماتيكي في معدل أعمار الأفراد حتى ظهور الثورة الصناعية، التي بدأت في إنجلترا في القرن التاسع عشر، ومن ثم انتشرت سريعاً في أنحاء أوروبا. فالتحسن في معدل عمر الفرد بدأ منذ عام 1840، واستمر على هذا النحو حتى هذه الأيام. إذاً، ما الذي يكمن وراء هذا الارتفاع المفاجئ في معدل أعمار الأفراد؟ بالتأكيد، أسهمت التغيرات الاجتماعية الكبيرة في بداية القرن التاسع عشر إلى حد كبير في ذلك. فأدى النمو إلى تعاظم سريع وكبير في المراكز المدينية وإلى بناء الضواحي بنظام يتماشى مع متطلبات العاملين الذين تركوا الحياة الريفية ليبدأوا حياة جديدة في المدينة. فالعيش في المدينة يحد من ظروف الانتشار السريع للأمراض، مثل السل، والكوليرا، التي أودت بحياة الكثيرين. لقد شكل اكتشاف المضادات الحيوية قفزة نوعية إلى الأمام وضعت عندها جانباً كل الطرق القديمة التي كانت شائعة في المعالجة، الأمر الذي قلل بشكل كبير وملحوظ عدد النسوة اللواتي كن يمتن أثناء الولادة. وتسأل المؤلفة: إذاً إلى أي حد سيبقى هذا النمو مستمراً؟ هل يمتلك الجسد عمراً محدوداً، أم أننا قد نتمكن من العيش لفترة غير محدودة؟ يجيب أحد التكهنات على هذه الأسئلة بالقول إنه على الرغم من التقدم في العلم والطب، فسنصل إلى الحد الذي تعجز عنده أجسادنا عن متابعة تأدية وظيفتها. وما تم الحصول عليه من معارف يفضي إلى نتيجة مفادها أن طول العمر تحدده درجة التطور والتقدم. ولكن إذا استمر الجنس البشري بإنجاب أطفال قادرين على العيش لفترات طويلة، فإن حس التوازن الدقيق بين إمكانية البقاء والتناسل قد يضيع: بمعنى أن معدل عمر الأفراد سيزداد بثبات، الأمر الذي سيشكل عبئاً على الحكومات لجهة تأمين الخدمات الأساسية اللازمة للبقاء. وتعرض المؤلفة كيف أن معدل عمر المرأة اليابانية يصل إلى 84.6 سنة، ولاتوجد أية دلالات على تراجع هذا الرقم، الأمر الذي يجعلها صاحبة أطول فترة عمرية حسب التوقعات. وقد افتخرت اليابان بأن مواطنتها أكبر معمرة في العالم وهي السيدة كاماتو هونغو، من مواليد 1887، والتي بلغت من العمر 116 سنة عندما توفيت في 31 أكتوبر عام 2003. ويعتقد البعض أن عمر هذه المرأة التي تجاوزت المائة عام قد يصبح شائعاً في المستقبل. وبعد ستة عقود، سيصل معدل عمر الفتاة اليابانية إلى المائة عام. الأمر كما تقول الكاتبة لا يدعو للتفاؤل بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في وسط وجنوب إفريقيا. فمعدل الأعمار هناك لا يتزايد بل على العكس يتناقص بسرعة وخصوصاً مع تفشي مرض نقص المناعة المكتسبة، الإيدز. ويرى مكتب الإحصاء الرسمي في الولايات المتحدة أن 51 دولة ستشهد انخفاضاً في معدل الأعمار لديها طالما أن هذا الفيروس يحصد أرواح الملايين كل عام. .. وأمراض الفقراء ويعتبر مرض الإيدز السبب الأهم في خفض معدل الأعمار في البلدان النامية، فضلاً عن أن معدل الوفيات بين الأطفال عال جداً. فيموت، في سيراليون 157 طفلاً من بين كل ألف قبل أيبلغوا عامهم الأول. ومقارنة مع آيسلاندا، حيث يموت فقط ما معدله 2.6 طفل، فإننا نرى بوضوح لماذا يعتبر معدل الوفيات بين الأطفال عاملاً هاماً في قياس الصحة العامة لبلد ما. والحصول على الماء النظيف والغذاء الجيد، والعناية بالصحة من الأمور المصيرية في فترة الحمل. وبينما ينعم الغرب بهذه الأمور نجد أن الكثير من البلدان الأخرى تفتقر إليها، ونتيجة لذلك يموت الأطفال الذين لا يحصلون على كميات كافية من الغذاء بسب أمراض الزكام والإسهال. وقد قدرت اليونيسف أن 150 مليون طفل مصابون بسوء التغذية. تجد المؤلفة أن التوقعات المتعلقة بمعدل الأعمار هي عرضة لتحديات مختلفة في كلا العالمين المتطور والنامي، فيجب على البلدان ذات الدخل المرتفع أن تركز الجهود على الأنظمة المتعلقة بالصحة والصالح العام. ويجب عليها النظر فيما ستقدمه للأفراد أثناء التقاعد. فإذا كان معدل عمر الرجل البريطاني 75 سنة فإنه سيقضي عقده الأخير في سحب راتب دون عمل من الدولة، وبعض الدول الأوروبية بدأت فعلاً في مناقشة رفع سن التقاعد، وبما أن نسبة المعمرين تزداد تدريجياً، فسيصبح عدد الناس الذين يعملون لوضع المال اللازم في نظام الرفاه العام أقل مع الوقت. الكتاب سيجعل القارئ يعيد النظر بأشياء كان يعتقد أنه يعرفها. ويبرز بعضها تغييرات بطيئة وطويلة الأمد في مجتمعاتنا. أما البعض الآخر فيركز على تحديات تواجه الناس في حياتهم اليومية. من خلال كل هذا تذكّرنا المؤلفة بأن عالمنا مفكك وأن الحضارة هي مفهوم هش.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©