الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإسلام يحث على الأناقة والتزين

الإسلام يحث على الأناقة والتزين
10 أغسطس 2011 22:46
من المعلوم أن الله تعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم وفي أحسن صورة، وفق تناسق فَذّ وبمقاييس ذوقية رفيعة، قال الله تعالى في محكم تنزيله:(لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)”التين، 4”، وما أحكمه من تقويم رباني الذي يدل على أن أعضاء الإنسان كواكب مضيئة في جسم الكوكب كله بكل ذراته وجزئياته، فطلب من المسلم أن يلبس الأعضاء حلة تليق بجماله الذاتي ليسهم كل عضو بأناقة خاصة، لأنها صنعة ربانية. قال جل جلاله (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ) “البقرة، 138”، وقال تعالى أيضاً: (صُنْعَ اللهِ الذي أَتْقَنَ كُلّ شَيء إنَّهُ خبيرٌ بِما تَفْعَلُونَ) “النمل، 88” وعلى اعتبار أيضاً أن النظر في الأناقة والإيمان بخصوصيتها وسيلة لاستحضار مبدأ نسبة النعم إلى المولى، وذلك يقتضي حمداً وشكراً وذكراً للباري تعالى، وفي ذلك ما فيه من الفضائل الكثيرة والعظيمة. قيمة الأناقة ترجع قيمة أناقة الإنسان إلى اتصالها بالفطرة التي تدل على البراءة التامة والنصاعة الظاهرة، لتمتد الأناقة إلى حوار شاعري رفيع بين الإنسان والكون الذي خلقه الله عز وجل جميلاً أيضاً وما فيه من جزئيات النباتات والأشجار والجبال والحيوانات، إنه عالم من الأناقة الحق والمتكامل ليعيش الإنسان حياة طيبة جميلة، فلنا أن نتخيل ذلك التكامل في أناقة الأزهار والنباتات التي تناسب كل الأذواق، ولنا أن ننظر قليلاً إلى عالم الطّيور والأنهار ناهيكم عن السماء في كل تلوناتها وتغيراتها، فضلاً عن حركات الأسماك وأمواج البحار، لندرك حينئذ حقيقة تأصيل الشرع لقيمة الأناقة الحقيقية والروحية والطبيعية، بعيداً عن التكلف والتصنع، وهذا يلزمنا أن نذكر بشرط ألا تكون على حساب الفضائل النفسانية والسلوكية التي تحتاج إلى أناقة لتتكامل مع غيرها من الشكل الظاهري للإنسان. حسن المظهر الإسلام يريد تحقيق الأناقة لحصول تناسب وانسجام مع مجالات جمالية أخرى ووفق أبعاد مختلفة ليكون الأمر كله وسيلة لمرضاة الله سبحانه على جهة التعبد، ومقياساً لبناء العلاقات المختلفة على نحو من الشعور والطمأنينة والهدوء. وعليه مطلوب من المسلم الاهتمام بلباسه وبشعره، تنظيفاً واختياراً لما يناسب شكله وما يوافق تحسين الناس، وتشذيب اللحية أيضاً ومشط الشعر بين الفينة والأخرى، بجانب التعطير بأجود أنواع الروائح الطيبة، وقد قالت الحكماء: من نظف ثوبه قلّ همه، ومن طاب ريحه زاد عقله، ومن طال ظفره قصرت يده، ولنا في رسول الله أسوة حسنة فكان الرسول صلى الله عليه وسلم يهتم بالطيب. الفطرة والعقل الأناقة تعبر بحق عن مقتضيات الفطرة التي تحتم التنظف والتزين للوصول إلى قلوب الناس، ولربما قول النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله جميل يحب الجمال” (مسلم)، توجيه وإرشاد إلى التحلي بالجمال والبهاء والأناقة، لأن الإسلام يعتبر ذلك وسيلة لبناء ذلك الشعور الإنساني الرفيع فتنشأ الثقة والإيجابية، فينتج ذلك حضارة وثقافة تفقه حقيقة الإنسان، ولنا أن نعي أن المظاهر المادّية والشكلية تعتبر قضايا شرعية لها قيمة، لأن الإسلام دين ينسجم مع الفطرة والعقل، وإلا كيف نفسر اهتمام الإسلام بالأناقة ومظاهر التجمّل، وذلك اقتضى توفير أجواء أناقة أخرى في الأمكنة التي يتردد عليها المسلم، فأمرنا بنظافة وطهارة المكان كالبيت والمسجد والساحات بعد أن رغبنا في التنظّف والتجمّل للصلوات وليوم الجمعة وغيرها، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده) “الترمذي”. مناسبات إسلامية مطلوب من المسلم أن يظهر النعم الظاهرة كالأناقة، فيلبس ثَوْبًا جَيِّدًا لِيَعْرِف النَّاس أَنه غَنِيّ وَأَنَّ اللَّه أَنْعَمَ عَلَيْه بِأَنْوَاعِ النِّعَم. ووضع الإسلام لذلك منهجا كبيراً كما سبق لتظهر الأناقة على أكبر عدد من الناس، فقد اغتنم أوقاتا مناسبة لتحقيق هذا المقصد لتشبع القلوب والعقول بالأناقة كالعيدين، وصلاة الجمعة لأن العيد مناسبة طيبة لخلق حياة الأناقة والفرحة والسرور، وكذلك الذهاب لصلاة الجمعة، قال صلى الله عليه وسلم: (إن هذا يوم عيد جعله الله للمسلمين، فمن جاء الجمعة فليغتسل وإن كان طيب فليمسّ منه، وعليكم بالسواك) “ابن ماجه”. والأناقة التي نتحدث عنها هي التي ستظهر الوقار والرزانة، ويقول عمر رضي الله عنه: “تعلموا العلم وعلموه الناس وتعلموا الوقار والسكينة”. نعم على المسلم أن يظهر أنه مرموق الرخاء منظور النعمة يسحب مطارف الثراء ويجتلي معارف السراء من النعمة والرخاء. د. محمد قراط
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©