الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مساجد وشوارع لبنان تتزين في رمضان لاستقبال الضيف الكريم

مساجد وشوارع لبنان تتزين في رمضان لاستقبال الضيف الكريم
10 أغسطس 2011 22:53
يتميز شهر رمضان المبارك، وهو الشهر التاسع في التقويم الهجري، عن بقية شهور السنة الهجرية، بأنه شهر الصوم ففيه يمسك المسلمون عن الطعام والشراب من الفجر وحتى غروب الشمس، ومن أفضاله ان أبواب الجنة تفتح وتغلق أبواب النار، فأول ليلة من هذا الشهر الفضيل تصفد الشياطين وترد الجن وتغلق أبواب النار، فلا يفتح منها باب الا باب الجنة الذي ينادي: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر... في رمضان المبارك تصفو القلوب وتتقرب النفوس أكثر من اي وقت مضى الى الله عز وجل، ويحل الصيام من بزوع الفجر وحتى غروب الشمس، وقد ورد في القرآن الكريم: “وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود، من الفجر، ثم اتموا الصيام الى الليل”.. لذلك على الصائمين ان يستيقظوا قبل بزوغ الفجر من أجل وجبة السحور الخفيفة، استعداداً ليوم الصوم، وقد ورد عن فضل السحور أن الرسول الكريم قال: تسحروا فإن في السحور بركة. وفي الصوم يجب ان يمتنع المسلم عن الكلام المؤذي والفعل السيئ، حيث يقول الحديث الشريف: اذا كان صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فان شتمه أحد أو قاتله فليقل اللهم أني صائم... ضيف عزيز زينة المساجد والشوارع عادات وتقاليد هذا الشهر المبارك لا يزال يسير عليها كل مسلم، وان اختلفت المعايير بعض الشيء، ففي كل سنة يستقبل أهل الإسلام هذا الضيف العزيز على القلوب والنفوس، وفيه أنزل القرآن، وفيه أيضاً ليلة عظيمة، ليلة خير من ألف شهر، وهي ليلة القدر التي يرجح البعض انها ليلة السابع والعشرين من رمضان المبارك، أي هي في العشر الأواخر منه. وفي لبنان، يطغى الوضع الاقتصادي المتفاقم وارتفاع أسعار الكثير من السلع والمواد الغذائية، والتي يستغل بعض التجار والباعة قدوم هذا الشهر المبارك، لزيادة التقنين في الشراء لدى الصائمين، فأصبحنا نرى الايقاع الحياتي لشهر رمضان المبارك فقد الكثير من روحية التقارب، بعدما غلب لدى البعض المنحى الاستهلاكي البحت، فيحتفل اللبنانيون باستقباله، عبر ارتداء الشوارع حلة العيد وزينته، وعبر اكتساء المساجد عباءة من الأنوار، مع الشعارات والمسيرات الدينية التي تهنئ المسلمين بحلول الشهر الفضيل وبركاته، فتحثهم على العطاء ومساعدة المحتاجين. ابتهالات ودعوات الفنان الراحل محمد شامل كان يقول: إن المسافة شاسعة بين سلوكيات الشهر الفضيل في لبنان الخمسينيات والستينيات والسبعينيات، ولبنان ما بعد الألفين. فالواقع الحالي يعكس طغيان المظاهر الاجتماعية واستغلال المناسبة الفضيلة لغير مفهومها الديني. ويضيف: تغيرت البلاد ومن عليها، ورمضان كما هو مطبوع في ذاكرتي، له بهجته لا سيما في الأحياء الشعبية حيث نشأت، وتكريماً لحلوله، كان شباب الحي يستقبلونه بالألعاب النارية والمفرقعات، ولانعدام مكبرات الصوت انذاك، كان المنشدون والمقرئون يصعدون الى مآذن المساجد، لتلاوة الآيات المباركة، وإنشاد الابتهالات والادعية. وتسترجع يمنى يموت عادات رمضان في الماضي، فتقول: كان أهل بيروت يحيون رمضان بالتسابيح والصلوات، وكان الجيران يتبادلون الأطباق لتحل البركة على مائدة الإفطار، وكان الفرح يعمّ أفراد العائلة كباراً وصغاراً، وأهل الحي كانوا يتكفلون بفقرائه، فيوزعون عليهم الطعام سراً، تحاشياً لإحراجهم وجرح شعورهم، وغالباً ما كانت تقرع أبواب هؤلاء الفقراء والمحتاجين ليلاً، ليلقي القارع حمله تحت جنح الظلام، ثم يتوارى هارباً قبل التعرف إليه. كذلك كان المحسنون يفتحون منازلهم ويمدون المآرب طيلة أيام الشهر المبارك لعابري السبيل. وجهاء بيروت في الماضي كان وجهاء بيروت يستقدمون بعض المنشدين والمقرئين أمثال عبد الباسط عبد الصمد والشيخ مصطفى اسماعيل، للاحتفال بليلة القدر وفتح مكة وذكرى غزوة بدر، وكانت الأمسيات الرمضانية في المساجد يحضرها كل السياسيين والشخصيات المعروفة وجمهور كبير من المؤمنين، أما اليوم فإن ظاهرة سلبية انتشرت بعض الشيء وذاع صيتها، عندما استبدلت أغلب العائلات سهراتها، بسهرات في الخيم، التي أثارت ردود فعل شاجبة لدى المراجع الدينية التي حملت عليها، وعلى العادات الغريبة عن الشهر الفضيل، الذي يجب ان تكون أيامه مليئة بالصلاة والدعاء والغفران وقراءة القرآن، ولا يجوز تحويل أيام شهر هو أفضل الشهور، الى سهرات فيها من الإسراف والبذخ في غير محله. توحيد العادات تمتزج العادات والتقاليد في كل المجتمعات وبين الناس في شهر رمضان المبارك، فتتكيف الأمزجة بالرغم من الاختلافات الموجودة، وتكتسب الشعوب مميزاتها بعضها بعضاً، فيحدث التآلف والتجاذب، فيتعلم الجميع صفات جديدة في كل المجالات. الجاليات العربية في لبنان، وفي شهر رمضان لا تخلو موائدهم من الأطباق اللبنانية ومن الطعام المشهور في بلدهم، بحيث أن “الغربة” لا تشعر بها اي جالية مقيمة في أي بلد عربي آخر. وتذكر صباح خليفة المقيمة في إحدى بلدان الخليج، أن المائدة الرمضانية تزخر بالمأكولات اللبنانية هناك، بدءاً من الجلاب وشوربة العدس والفتوش، وانتهاء بالطبق الرئيسي المشهور في الخليج مثل: كبسة الدجاج أو اللحم أو السمك مع الأرز. كذلك الامر بالنسبة الى العادات المصرية والسورية والمغربية التي لا تزال تزخر بها هذه الموائد المتنوعة بكل أطباق الطعام المشهورة بها، فالمائدة الرمضانية في مصر تزدان بالشوربة وسلطة الخضار والرز والفراخ، مع شراب قمر الدين و”الخشاف”، الذي هو عبارة عن القراصيا والمشمشية المجففة، مع إضافة بعض الفواكة الطازجة والمكسرات. اما المائدة السورية، فأشهر اطباقها “التسقية”، وهي عبارة عن فتة تحتوي على الحمص والخبز “وصلصة الزبادي”، الى جانب الشوربة المشهورة بالعدس والشعيرية. وتبقى المائدة المغربية التي تعتمد على شوربة الحريرة، وهي مكونة من الحمص والعدس والكزبرة والبقدونيس والخضار الى جانب الشباكية والبغرير، وهما من أنواع الحلويات الشبيهة بالقطايف، لكنهمـا بالعسل والزبدة. مشاركة إنسانية مهما كثرت حدة الانتقادات لتطال بعض أنماط السلوك التي لم يتعودها اللبنانيون في الشهر الفضيل، يبقى لكل يوم من أيامه وقعه على نفوس الصائمين وغير الصائمين في لبنان، لان عبارة رمضان كريم تحتل الكلام اليومي، وتدخل جميع البيوت، مهما كانت طائفة أصحابها، لتساهم في إحياء أجواء مشاركة إنسانية في ظل وتيرة الحياة الضاغطة، لتأمين أرزاقهم وتحسين أوضاعهم، رغم الصعوبات الاقتصادية التي تكاد تقضي على الروابط الوثيقة، التي طالما ميزّت العائلة اللبنانية والمجتمع اللبناني.
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©