لم يكن يتخيل الجنود الذين بدأوا في تشييد جدار برلين قبل نصف قرن من الزمان أنهم، مثلما يصنعون أداة للمعاناة والاحتواء والتقسيم، ينسجون قطعة هي الأكبر في تاريخ الفن.
وبحلول وقت سقوطه في عام 1989 أضحى الرمز الأخير للحرب الباردة من الأشياء الجمالية التي تلقى هوى الناس. في حين اختفى الجدار إلا أن النمط الفني الذي كان باعثاً على الإلهام لا يزال باقياً، حيث بدا ذلك في الشوارع وواجهات المباني في برلين الحديثة، وهو ما حول المدينة إلى مزاراً لفن الشارع مستقطباً رموزاً شهيرة مثل الرسام الجرافيتي البريطاني بانكسي. ولم يكن بادياً على الإطلاق في البداية أن مثل هذا الشيء المرعب يمكن أن يتحول بصورة أشبه بالمعجزة إلى عمل فني.
ويتذكر تيري نوار وهو رائد فن الجدار والمسؤول عن بعض أشهر رسوماته كيف بدأ الأمر. في هذا الصدد قال نوار “في البداية لم يفهم أحد ما نعمله. وكانوا يسألوننا من الذي يدفع لكم لتحسين شكل الجدار”.
وجاء نوار إلى برلين الغربية من موطنه الأصلي فرنسا في عام 1982. “في ذاك الوقت لم يكن يوجد سوى بضع رسومات على الجدار معظمها عبارة عن رسومات صغيرة وشعارات ورسائل شخصية أو مضحكة.
وفي بعض المناطق لم يكن يوجد بها أي شيء هي مجرد كيلومترات من الجدار الخالي”. في واقع الحال لم يكن الجدار الذي برز للوجود في 13 أغسطس 1961 ملائماً في حقيقة الأمر لكي يتم طلاؤه. فقد كان عبارة عن حواجز على شكل حروف ارتفاعها 6ر3 متر فقط. وكانت مقامة بطول الجدار اعتباراً من عام 1975 وهو ما وفر سطحاً ملائماً للفنانين. نوار بدأ عمله في 1984 حيث قام برسم الرؤوس الدائرية المميز بها في مربعات من الألوان الفاتحة.
عدد اليوم
