السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

زين الدين زيدان الأستاذ

زين الدين زيدان الأستاذ
7 أكتوبر 2006 23:32
وضعه بيليه ضمن أفضل خمسة لاعبين في تاريخ كرة القدم ومنحه لقب ''الأستاذ''، وصفه ميشيل بلاتيني بالرائع الذي يبتكر الجديد في كل مباراة، وأطلق عليه ميشيل دينيسو مذيع قناة كنال بلوس الفرنسية الزعيم، واختاره الاتحاد الأوروبي كأفضل لاعب في النصف قرن الأخير· زين الدين زيدان هو الأستاذ والرائع والزعيم والساحر والمبدع والفنان والمايسترو، أعاد كتابة تاريخ الكرة الفرنسية ورسم بموهبتة الاستثنائية اجمل لوحات الإبداع في ملاعب الكرة واحتلت كل أعماله مكانة بارزة في متحف التاريخ الكروي مع بيليه ومارادونا وكرويف وديستفانو وبلاتيني · ترك الملاعب وعلق الحذاء على الحائط بعد مونديال المانيا 2006 ولكن إنجازاته التي سطرها خلال 16 عاماً لن تغادر ذاكرة عشاق كرة القدم لسنوات طويلة، ومع إبداعات زيدان نتوقف في أهم المحطات من خلال أحدث كتاب صدر عن قصة حياة استاذ كرة القدم · في مساء يوم 12 يوليو ،1998 دخل منتخب فرنسا التاريخ الكروي من أوسع أبوابه ·· كأس العالم ·· وتوج زين الدين زيدان بطلاً قومياً بل ورئيس غير رسمي للجمهورية الفرنسية، إذ كان صاحب الفضل الأول في انتزاع هذه الكأس من بين أنياب حاملي اللقب منتخب السامبا البرازيلي· ضربتا رأس تاريخيتان بهدفين جعلتا زيزو أكثر الفرنسيين شعبية رغم أنه لم يكن من النجوم الذين يجيدون تسجيل الأهداف بالرأس، بل كانت هذه هي نقطة ضعفه·· ولكن ما حدث في نهائي مونديال فرنسا 98 جعل كل البشر يبصمون بالعشرة على أن هذا النجم الموهوب قادر على أن يأتي بالجديد كل يوم، وكل ساعة، بل وكل لحظة ·· وإذا كانت قدمه تعاني فإن رأسه موجودة في ألعاب الهواء ولعل هذا ما دفع زيزو إلى أن يتدرب كثيراً على اللعب بالرأس قبل المونديال من أجل تحسين هذه المهارة التي لم يكن يجيدها· هذه الرأس التاريخية منحت الديوك بطولة كأس العالم ·· وتكرر المشهد مرتين في المباراة النهائية، عندما كان زيدان يتقدم للعب الكرة برأسه عند القائم القريب من الرمية الركنية ·· في المرة الأولى كان زيدان يتنقل من مكان إلى آخر داخل منطقة الجزاء زيادة في التمويه والخداع والبعد عن الرقابة ولكنه كان يعرف انه عند تسديد الضربة الركنية سيتجه مباشرة إلى القائم القريب، تماماً مثلما كان يفعل في التدريبات· وهكذا جاء هدفه الأول عن طريق مرمى البرازيل، وتمضي المباراة وترتفع درجة الاثارة والمتعة في ظل محاولات البرازيليين للتعويض· ولكن قبل دقيقة واحدة من انتهاء الشوط الأول يحتسب الحكم ضربة ركنية جديدة للفرنسيين، ولكنها هذه المرة من الناحية اليسرى الجانب الذي يشغله اللاعب يوري جودكاييف·· وكان زيزو مراقباً فالبرازيليون لا يريدون أن يلدغوا مرتين، فما كان من زيزو إلا أن تسمر في مكانه ولم يتحرك ·· خدعة جديدة وفخ ينصبه، فقد كان جاهزاً للتحرك المفاجئ والسريع نحو القائم القريب عند رفع الكرة من الضربة الركنية وكانت رأسه في انتظار الكرة لايداعها المرمى، وليخدع البرازيليين مرتين في نهائي لن ينساه التاريخ· طريقة بلاتيني وتمضي الأيام ويواصل زيدان رحلة تسجيل الأهداف الرائعة ومنها الهدف الذي سجله من ضربة حرة مباشرة في لقاء دور الثمانية لبطولة كأس الأمم الأوروبية 2000 أمام منتخب اسبانيا· ففي الدقيقة 32 من الشوط الأول قلب زيزو اللقاء بضربة حرة مباشرة رائعة تذكرنا بما كان يفعله نجم فرنسي آخر يحمل الرقم 10 وهو الساحر ميشيل بلاتيني· ولكن بداية لابد أن نقول إن زيدان ليس هو بلاتيني فكلاهما صاحب أسلوب وطابع مختلفين في اللعب وان كان كلاهما فنان بارع· ورغم ذلك ورث زيزو ميراثاً ثقيلاً التصق بجلده مثل فانلته الزرقاء التي تحمل رقم عشرة ·· نفس الفانلة التي كان يرتديها بلاتيني· أعود إلى المباراة التي أقيمت يوم 25 يونيه عام 2000 في ستاد يان بريديل في مدينة بروج البلجيكية والتي كان يديرها الحكم الايطالي الدولي الشهير كولينا والذي احتسب ضربة حرة مباشرة لصالح فرنسا بعد مرور نصف ساعة من اللقاء، وعلى بعد 22 متراً من مرمى منتخب اسبانيا بميل خفيف جهة اليسار· ووقف حائط الصد الاسباني، وأمام الكرة وقف زيدان وجوركاييف، وبنصف عين نظر زيزو إلى حيث يقف الحارس الاسباني ثم ركز عينيه على الكرة نفسها ·· وكان يعرف ما الذي ينبغي عليه عمله بعد ذلك، فسدد بيسراه مخترقاً حائط الصد مسجلاً هدف فرنسا الأول، والهدف رقم 15 له مع المنتخب على امتداد 57 مباراة دولية لعبها حتى ذلك التاريخ، ولكنه كان أول هدف من ضربة حرة مباشرة يسجله مع المنتخب· وانتهت المباراة بفوز فرنسا 2-1 إذ أضاف جوركاييف هدف فرنسا الثاني بينما لم يفلح المهاجم الاسباني الشاب راؤول في ادراك التعادل بعد أن أضاع ضربة جزاء· ضربة جزاء ذهبية في سيناريو تسجيل الأهداف هناك دائماً جمال الحركة أو اللعبة ودقة التصويب ومهارة الخداع والتمويه والمفاجأة، وهناك أيضاً الحسم وهذا ما حدث يوم 28 يونيه في الدور قبل النهائي لكأس الأمم الأوروبية 2000 أمام منتخب البرتغال عندما سجل زيدان هدفاً ذهبياً من ضربة جزاء ·· فما هي الحكاية؟ كان الـ 55 ألف متفرج الموجودون في ستاد الملك بودوان في بروكسل قد انقسموا إلى نصفين أحدهما يشجع فرنسا والآخر يشجع البرتغال· وبدأ المنتخب البرتغالي بالتسجيل في الدقيقة 19 وسجله نونوجوميز ·· ولم يسكت الفرنسيون حاول زيدان الهروب من الرقابة كثيراً وكان يجد صعوبة كبرى في التمرير للمهاجمين· وانتهى الشوط الأول بهذه النتيجة· وفي الشوط الثاني نشط المنتخب الفرنسي ونجح في تسجيل هدف التعادل بعد نزول نيكولا أنيلكا وتنشيطه الهجوم مع تيري هنري ·· ثم استمرت المباراة سجالاً بين الفريقين حتى نهايتها ولكن قبل النهاية بثلاث دقائق فقط إذ باللاعب الفرنسي ويلتورد ينطلق بالكرة جهة اليمين ويسدد عرضية فتصطدم بالمدافع البرتغالي أبيل اكسافييه لتخرج خارج الملعب ويطلق الحكم صافرته ويظن كل من في الملعب ومن جلسوا أمام شاشات التليفزيون أن الحكم احتسب الكرة ضربة ركنية، ولكن حقيقة الأمر أن مساعد الحكم (حامل الراية) القريب جداً من الكرة رفع رايته بما يفيد ارتكاب خطأ لمسة يد وليس ضربة ركنية، وسارع لاعبو البرتغال بالاحتجاج والالتفاف حول الحكم النمساوي جونتر بينكو ومحاصرته وتوقفت المباراة سبع دقائق ما بين شد وجذب ونقاش وجدال دون جدوى· فالقرار نهائي ولا رجعة فيه·· وتقدم زين الدين زيدان لتسديد ضربة الجزاء ووضع كرته بعناية على نقطة البنالتي واضعاً يديه في وسطه، في الوقت الذي لم تتوقف فيه صيحات الاستهجان واطلاق السباب من جانب الجماهير البرتغالية ضد الحكم ومساعده· ولم يعبأ الحكم بما يحدث في المدرجات وأعطى الاشارة لزيدان لتنفيذ الحكم ·· حكم الاعدام ·· للفريق البرتغالي بهدف ذهبي صناعة زيدانية حاول الحارس الاسباني فيتور بايا أن يمنعه ولكن زيدان خدعه ووضع الكرة على يمينه مسجلاً الهدف الذهبي ولتصعد فرنسا إلى المباراة النهائية في هذه البطولة التي أحرزت كأسها· الحركة المستحيلة كل هدف يسجله زيزو ينطوي على مهارة خاصة لهذا اللاعب الفذ الذي يسجل من جميع الزوايا وبكلتا قدميه وبرأسه أيضاً ·· وفي مساء يوم 12 مايو 2002 كان زيدان على موعد مع هدف جديد أسطوري· فعلى ملعب هامبدن بارك في مدينة جلاسجو استطاع بلمحة عبقرية في الثواني الأخيرة من المباراة أن يتوج فريقه ريال مدريد بالكأس الأوروبية السابعة، اللقاء كان في نهائي دوري الأبطال الأوروبي والمنافس فريق عريق وقوي هو باير ليفركوزين الالماني· وافتتح ريال مدريد الأهداف بعد مرور 9 دقائق فقط بهدف سجله نجمه راؤول ولكن لم تمض سوى خمس دقائق أخرى، وكان المدافع البرازيلي لوسيو مدافع بايرليفركوزين قد سجل هدف التعادل· وارتفع ايقاع المباراة وازداد توترها وسيطر الالمان على مجريات اللعب وسط دهشة الـ 52 ألف متفرج الذين امتلأ بهم ستاد ''هامبدن بارك'' بينما واجه الريال صعوبة بالغة في اللعب على الألمان، رغم أن الفريق الاسباني هو المرشح الأول للفوز وسبق له لعب المباراة النهائية في هذه البطولة 12 مرة· وفي آخر هجمة في المباراة استلم المدافع البرازيلي روبرتو كارلوس الكرة وانطلق بها ناحية اليسار والتفت برأسه ليرى من سيلعبها له فوجد زيدان في انتظاره على حافة منطقة الجزاء فأرسلها اليه ولم يشأ زيزو أن يترك أي شيء للصدفة فلم ينتظر حتى تسقط على الأرض وانما لعبها على الطائر بقدمه اليسرى (التي لم تعد سيئة) بعد أن مال بجسمه للخلف قليلاً مع تثبيت قدمه اليمنى على الأرض بقوة حتى يحافظ بقدر الامكان على توازنه· وكان ميكانيزم هذه الحركة بالغ الصعوبة بل مستحيل، ورغم ذلك نفذها زيدان بمهارة بالغة وبدقة محكمة فانطلقت الكرة كالسهم أو الرصاصة في طريقها إلى اعماق شبكة مرمى هانز جورج بوت حارس باير ليفركوزين وسط دهشة وذهول الـ 52 ألف متفرج الذين حضروا المباراة· وهكذا قلب زيدان - كعادته دائماً - نتيجة اللقاء في لحظة عبقرية منحت البيت الأبيض المدريدي كأسه التاسعة وهي الكأس الأولى لزيدان بعد أن أخفق في الحصول عليها مرتين مع اليوفنتوس، وهذا هو مبعث حلاوتها وجمالها ·· وإذا كان ريال مدريد مديناً بهذه الكأس لزيزو فإن هذا النجم الكبير أهداها للريال بمناسبة عيده المئوي· وخرجت الجماهير الاسبانية بعد المباراة إلى شوارع جلاسجو تحتفل بهذا الفوز العظيم وطافت بميادينها وأزقتها وضواحيها كما لو كانت هذه الجماهير في بلدها اسبانيا ·· صراخ، غناء، رقص، وكان هتافهم الرئيسي هو: زيدان ·· زيدان·· نعم زيدان فهو المنقذ وهو الرجل الذي ادخل السعادة في قلوب الجميع ·· وسيبقى هدفه هذا محفوراً إلى الأبد في ذاكرة عشاق الكرة جميعاً وليس مشجعي الريال وحدهم·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©