الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نظام الأسد... ضغوط إقليمية تتراكم

نظام الأسد... ضغوط إقليمية تتراكم
11 أغسطس 2011 00:30
تتفاقم في الوقت الراهن عزلة الرئيس السوري، وذلك بعدما كسر جيران سوريا جدار الصمت وانضموا إلى معزوفة النقد الدولية للعنف المتعاظم في ذلك البلد. في آخر مؤشر على تزايد السخط الدولي، قام وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو بزيارة إلى العاصمة السورية دمشق أول من أمس الثلاثاء، لكي يوصّل رسالة لرئيسها تتضمن تحذيراً حازماً مؤداه أن"صبر أنقرة قد نفد" من جراء الحملة الأمنية القاسية التي تقوم بها السلطات السورية ضد شعبها، والتي خلفت ما يقرب من 2000 قتيل منذ بداية الانتفاضة. وعلى الرغم من أن تركيا كانت أول دولة تنتقد الطريقة التي تعاملت بها سوريا مع أزمتها الداخلية، فإن الدول العربية قد كسرت صمتها لأول مرة لتعبر عن عدم موافقتها على العنف الذي لا يزال مستمراً في سوريا. ولكن الضغط الإقليمي المتزايد على سوريا قد لا يولد نتائج فورية - كما يقول المحللون. فعلى مدار العقد الماضي نادراً ما خضع النظام السوري لضغط خارجي، بل إن الحقيقة هي أنه قد استمد شهرته من براعته في ضرب الأطراف المختلفة ببعضها بعضا. أحد هؤلاء المحللين هو"أندرو تابر" الخبير في الشأن السوري بمعهد "واشنطن لسياسات الشرق الأدنى"، الذي يقول:"سيحاول النظام السوري إطالة أمد النقاش إلى أقصى حد ممكن". ويرى "تابر" أيضاً مشيراً إلى المجموعة التركية التي تناضل من أجل الحصول على الحكم الذاتي في تركيا أن دمشق "يمكن أن تقوم بإطلاق سراح أعضاء حزب العمال الكردستاني الموجودين في سجونها على الرغم من أن الحزب قد تم تصنيفه على أنه منظمة إرهابية من قبل تركيا، وسوريا والدول الغربية". ويوم الثلاثاء الماضي وهو اليوم نفسه، الذي انضمت فيه الهند، وجنوب أفريقيا، والبرازيل إلى تركيا في إرسال مندوبين من عندها إلى دمشق للدفع من أجل وضع نهاية للعنف، شنت الدبابات السورية عدة هجمات مما أدى إلى مصرع 30 شخصاً بحسب بيان صادر عن المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان التابعة للمعارضة السورية. وفي يوم السبت الماضي، عبر مجلس التعاون الخليجي عن قلقه من"العنف المتفاقم والاستخدام المفرط للقوة الذي أسفر عن قتل وجرح أعداد كبيرة من السوريين"، ويوم الأحد الماضي دعت جامعة الدول العرية سوريا إلى إيقاف كافة أعمال العنف فوراً. بيد أن النقد الأكثر دلالة على الإطلاق جاء من المملكة العربية السعودية عندما وصف الملك عبد الله بن عبد العزيز النظام السوري بأنه" آلة قتل". وقال الملك عبد الله في تصريحه:"إن مستقبل سوريا بين خيارين لا ثالث لهما فإما أن تختار الحكمة، وإما أن تنجرف إلى أعماق الفوضى والضياع، لاسمح الله". وفي نهاية الكلمة التي ألقاها الملك السعودي بشأن سوريا أعلن أن بلاده تعلن عن سحب سفيرها من دمشق للتشاور. وإدانة السعودية للعنف فتحت الباب لاتخاذ موقف أشد صرامة ضد النظام السوري من جانب جيرانه، الذين التزموا الصمت حتى الآن حيث سارعت البحرين والكويت إلى السير على نهج السعودية في انتقاد موقف النظام في دمشق واستدعاء سفرائها للتشاور. في مواجهة ذلك كله لا تزال سوريا تصر على أن قواتها تقاتل ضد "المخربين" والإرهابيين الأجانب وتشكك في دقة رقم القتلى جراء الأحداث(ما يزيد عن 2000 قتيل) وتشير في الوقت نفسه إلى مصرع المئات من قوات الأمن، وتعتبره دليلًا على أنها تواجه ما هو أخطر من مجرد انتفاضة مدنية سلمية. وفي حين تولت دول مجلس التعاون الخليجي القيادة في انتقاد النظام السوري وسحب السفراء، إلا أن جيران سوريا المباشرين وأهمهم العراق والأردن كانوا أكثر تردداً. فالأردن التزم الصمت منذ بداية الأزمة، في حين لم يتوصل العراقيون حتى الآن إلى رأي موحد بشأن ما يحدث في سوريا. فشيعة العراق ينظرون بقلق إلى احتمال سقوط النظام السوري المنتمي إلى الطائفة العلوية، وهي إحدى الطوائف المتفرعة عن المذهب الشيعي.. أما سُنّة العراق وخصوصاً هؤلاء الذين يعيشون في محافظة الأنبار، والذين يرتبطون بروابط عشائرية قوية مع سكان منطقة شرق سوريا، فقد أعربوا عن تأييدهم للانتفاضة ضد النظام السوري. وفي هذا السياق كان أسامة النجيفي رئيس البرلمان العراقي، هو أول مسؤول عراقي كبير يعرب علناً عن رفضه للطريقة التي يتعامل بها نظام الأسد مع الانتفاضة حيث قال:"ندعو لوقف جميع الأنشطة والأعمال غير السلمية، وما يحدث في سوريا من إراقة للدماء وقهر للحريات أمر مدان وغير مقبول". وعلى الرغم من أن الصراع في سوريا هو في جوهره صراع بين القمع والتطلع للحرية، فإنه لا يمكن فصله مع ذلك عن شبكة الهويات المعقدة سواء داخل سوريا أو داخل لبنان المجاورة. والانقسام الطائفي في لبنان، الذي يعيش في ظلال جاره السوري القوي هو الذي جعل الحكومة اللبنانية المكونة في غالبيتها من حلفاء لحزب الله اللبناني هي صاحبة الصوت الوحيد في المنطقة المستمر في تأييده لنظام الأسد. هذا الموقف يلقى اعتراضاً من جانب سعد الحريري رئيس الوزراء السابق وزعيم تيار "المستقبل" المعارض الذي أدلى بتصريح قال فيه إن:"لبنان لا يستطيع أن ينأى بنفسه عن المذبحة التي تجري في دولة شقيقة هي الأقرب للبنان"، وأضاف الحريري:"ولكن الرئيس اللبناني، والحكومة اللبنانية والمؤسسات اللبنانية يجب، مع ذلك، أن ينأوا بأنفسهم عن تبني سياسات القمع الذي يواصل النظام السوري انتهاجها". نيكولاس بلانفورد - بيروت ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©