الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لبنان تنشئ متحفاً لتخليد صناعة الحرير «البائدة»

لبنان تنشئ متحفاً لتخليد صناعة الحرير «البائدة»
7 نوفمبر 2010 20:17
عرف لبنان صناعة الحرير في القرن التاسع عشر، واحتلت هذه الصناعة مكانة مرموقة في الإنتاج الحرفي، وكانت الشواطئ اللبنانية تستورد الحرير الخام من الصين، وكان يصبغ ويحاك ثم يرسل أقمشة. والحرير الأرجواني من أغلى الأنواع، وتنافست المدن اللبنانية في ترويجه وصناعته، فحرير طرابلس كان ناصع البياض وصناعه كانوا يؤثرونه على غيره من أعمال التطريز. أما حرير الشوف فكان أخشن قليلاً من حرير طرابلس وكان يستعمل في صناعة النسيج المخملي، وحرير بيروت كان يختص بصنع قماش التفتا والستائر وأغطية الفرش، وكان التجار الفرنسيون يبتاعون سنوياً من حرير لبنان بمليوني فرنك ذهبي، وكانت تجارة صيدا السنوية تقدر بمليوني ليرة ذهبية. كساد الإنتاج هذا الازدهار لم يدم طويلاً، فموسم الحرير تلاشى واندثر عند اندلاع الحرب العالمية الأولى، وأصبح الاعتماد بعد الحرب على الفاكهة والخضار والحبوب. فالأسواق أقفلت وكسد الإنتاج ودخلت يد عاملة أرخص ثمناً من الدول الشرقية، إضافة إلى أن صناعة الأقمشة حلت محل الحرير المصنّع يدوياً. وبحسب إحصاءات لم يبق من المصانع التي بلغ عددها 175 مصنعاً للحرير سوى متحف في بلدة بسوس، حوله جورج عسيلي من مصنع إلى متحف للحرير، يعرض فيه نماذج صغيرة عن كيفية أكل دود القز للورق، وكيفية صناعة الشرنقة، وكيف تسحب الخيطان منها، حيث يصل طول الواحد إلى 600 متر وأكثر. وفقدت المهنة “معلميها”، وضاع التراث بعدما واجه صانع الحرير معاناة صعبة، بسبب سيطرة الصناعات الحديثة، ولانعدام الدعم والتشجيع وكافة السبل التي تعينه على الاستمرار. فصناعة الحرير بالرغم من كل ما يعترضها من صعوبات مادية ومعنوية، وصدمات إنتاجية، إلا أن عشاق الحرفة مصرون على المضي بهذه المهنة “المتعبة” والتي تحتاج إلى رعاية ودعم دائمين. والآلاف من دود الحرير تنتج شرانق جميلة، ويقال إن صناعة الحرير احتاجت إلى حوالي 3000 سنة قبل أن تعرف أي دولة أخرى هذا السر الغامض، لنتاج يبدأ وينتهي بخيوط تتشابك وتنفصل عن الشرنقة، التي أنتجت حريراً أكسب الأزياء النسائية شهرة واسعة، وعرف المصممون كيف يستخدمون خيوط الحرير الناعمة في “موديلات” الألبسة و”موضة” الأزياء. الفتوحات الإسلامية يعرف المؤرخون أن الحرير اكتشف في الصين أولاً، والتي حافظت على أسرار دودة الحرير من العالم الخارجي، واستفادت من تجارة الحرير مع كل دول الغرب، حيث كانت القوافل تشق طريقها عبر آسيا، وتصل إلى دمشق وبيروت، وكان التبادل يتم بين الحرير وأشياء أخرى ثمينة، إذ أن الحرير كان يباع بأسعار غالية جداً، إلا أن هذا لم يدم طويلاً، لان الناس تعلموا فيما بعد كيفية تربية دودة الحرير وطريقة استخراجه من الشرانق، ونقل المسلمون دود الحرير إلى إسبانيا وجزيرة صقلية خلال الفتوحات الإسلامية، وهذا ما جعل إيطاليا تتبوأ المركز الأول حينها في الغرب، لتنافس بعدها فرنسا في هذه الصناعة وتحتل مركزاً متقدماً. وأضيفت إلى صناعة الحرير عدا الملابس الستائر والمفروشات، فهو يتمتع ببريق طبيعي لا يتوافر إلا في ألياف قليلة تتعلق بدودة الحرير، الذي يعتبر خيطه أقوى من شعيرة من الفولاذ، عدا عن أنه يتميز بمرونة عالية عند شدّه. وملابس الحرير خفيفة الوزن، وهي أدفأ من الملابس القطنية والكتان، وتعطي بريقاً لماعاً ويمكن كيّ الحرير بسهولة، خصوصاً وأنه يقاوم الانكماش. مصادر الحرير الحرير الطبيعي نوعان: حرير مزروع وحرير بري؛ فالأول ينتج الحرير الطبيعي من الدودة التي تتغذى على ورق التوت، وهي تسمى بـ”دودة القز” التي تتمتع بأجنحة مخططة بالسواد، والثاني يستخرج من الدود الذي يتغذى على أوراق البلوط، وهي كبيرة الحجم وتعيش في الصين والهند. والطريف أن تغذية دودة الحرير تتطلب قدراً كبيراً من العناية والصبر، حيث يعامل منتجو الحرير دودة الإنتاج بكثير من الحرص كما الاهتمام بالأطفال الصغار وحديثي الولادة، والتربية تقضي بدرجات حرارة محددة، وبقدرة على التحكم، عدا حمايتها من البعوض والذباب وباقي الحشرات، ويتم النتاج لدى أنثى دودة القز بوضع ما بين 300 و500 بيضة، تضعها على شرائط ورقية وبعدها يوضع البيض في مكان بارد، ومن ثم في حضانة التي تعتبر الوسيلة لحفظ البيض عند درجة حرارة مناسبة للفقس، وبعد 20 يوماً يفقس البيض وتخرج منه ديدان الحرير.
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©