الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تلوث الهواء ظاهرة موجودة منذ أزمنة سحيقة جراء احتراق الغابات وحدوث البراكين

تلوث الهواء ظاهرة موجودة منذ أزمنة سحيقة جراء احتراق الغابات وحدوث البراكين
7 نوفمبر 2010 20:18
يعد الهواء من أهم العناصر الأساسية المكونة للبيئة فهو أساس الحياة، فهل من الممكن أن نتخيل حياتنا بدون هواء؟، فالهواء لا يمكن لأي كائن حي أن يستغني عنه حتى ولو لفترة قصيرة من الوقت، فهو مطلب مهم من مطالب الحياة وبدونه تستحيل الحياة على الإطلاق، فلو لم يكن هناك الهواء لما وجدت رياح ولا أمطار، والأكثر من ذلك لو لم يوجد الهواء لظهرت السماء باللون الأسود القاتم في فترة النهار، لأن اللون الأزرق للسماء ناتج عن انكسار أشعة الشمس عند اختراقها طبقة الهواء المحيطة بالكرة الأرضية، ولو لم يوجد الهواء لما أمكن سماع الأصوات لأن الهواء هو الوسيط الأساسي، الذي يتم من خلاله انتقال الموجات الصوتية من مصادر الصوت إلى الأذن. الدكتور إسماعيل الحوسني الذي يحمل دكتوراه في إدارة حماية البيئة بإدارة تقييم الأثر البيئي للمنشآت الساحلية، وماجستير إدارة حماية البيئة إدارة التلوث البحري وطرق المكافحة، وبكالوريوس الدراسات البحرية علوم بحار، ودبلوم علوم بحار ومدير عام المركز الإماراتي الأميركي لعلوم البيئة، تحدث عن الهواء فقال إن تلوث الهواء ظاهرة موجودة منذ أزمنة سحيقة جراء احتراق الغابات وحدوث البراكين. أيضا نتيجة الاستعمالات المنزلية للخشب والفحم في التدفئة والطبخ، وإن حدث تلوث فإنه يعد مشكلة محلية مؤقتة، وبتراكم إنتاج الفضلات وتدفقات الدخان والملوثات الأخرى الى الجو، اتسعت تأثيراتها لتتجاوز الحدود المحلية وتبلورت كحالة بيئية غير محلية، مسببة مشاكل بين المستقرات البشرية المتجاورة مما تطلب اهتماما ومعالجة وسيطرة. منذ العصور الوسطى أُسدل على أثر الهواء السام على صحة الانسان وعلاقته بانتشار بعض الأمراض، فقد تم الربط بطريق الخطأ بين مرض الملاريا والروائح المنبعثة من المستنقعات وليس البعوض الذي يتكاثر فيها، كما نظر الى المباني والموروث الحضاري وتغير ألوانه كمؤشر على أثر الدخان، وفي الحقيقة إن تراكم المعرفة في القرون الماضية والخاصة بممارسات التدفئة المنزلية والعمليات التعدينية والصناعية البدائية، قادت الى الاستدلال على أن تلوث الهواء لم يميز كمشكلة كبيرة تؤثر على صحة الانسان وحياته. المطلوب نقل المصانع الموجودة في المناطق السكنية الى مناطق أخرى غير مأهولة بالسكان، وتركيب مرشحات وفلترات ومصاف لمداخن المصانع، ويجب أن تكون على ارتفاع كبير بعيدا عن السكان، مع مراعاة تنظيفها بشكل مستمر ومنتظم، والاستعانة بالاشخاص أصحاب الخبرة والمتخصصين في تشغيل الآلات والمحركات وصيانة تلك الأجهزة، حتى لا تكون مصدرا للتلوث البيئي الذي يجب أن نقضي عليه. تخفيف ملوثات الهواء ويضيف: من أجل التخفيف من ملوثات الهواء علينا الاهتمام والتقدير لكل الأبحاث التي تعمل في مجال البيئة, مع ضرورة تطبيقها لكي نحد من التلوث, لابد لأي دولة أن تخصص مدينة صناعية كبيرة تشمل جميع المصانع المهددة للبيئة, بحيث تكون بعيدة عن المناطق السكانية, وكما هو معروف أن معظم الغازات التي تصدر من عوادم السيارات والقطارات والطائرات تكون سامة. لذا يجب أن نقاوم خطر التلوث الناتج من هذه الوسائل عن طريق عدم تشغيل وسائل النقل المخالفة لقوانين البيئة, والتي تصدر عوادم بنسب كبيرة غير مسموح بها, وإجراء فحص فني دقيق على جميع وسائل النقل وذلك عند تجديد الرخصة والكشف الدوري على تلك الوسائل والتأكد من شروط الأمان المختلفة, وإبعاد ورش الميكانيك والسمكرة الخاصة بالسيارات والدراجات النارية الى مناطق غير مأهولة بالسكان, والعمل على تخفيف الاختناقات المرورية في الشوارع والميادين وخاصة وقت الذروة, إلى جانب صيانة ونظافة وسائل النقل العامة كالأتوبيسات والقطارات ومترو الأنفاق. عند إقامة مدن جديدة يجب مراعاة ارتفاع الأبنية وأبعاد النوافذ والعمل على اتساع الشوارع, ومن المهم إنشاء أكبر نسبة من الحدائق العامة والخاصة والمساحات الخضراء, وذلك عن طريق زراعة بعض النباتات الخضراء والتي تقوم بامتصاص المركبات الضارة التي تنفثها العوادم الصناعية وعوادم السيارات, ومن ضمن تلك النباتات نبات الصنوبر وشجرة عود الأنبياء والقمح والحمص, ولقد أثبتت الدراسات والأبحاث أن تلك النباتات تمتص أكاسيد النيتروجين من الهواء الجوي, والتي يصعب احتجازها بوسائل تقنية حديثة, كما تمتص أشجار الحور غاز ثاني أكسيد الكبريت السام من الهواء الجوي. أشجار الكافور والكازورينا ويوضح الحوسني: من أجل هواء نقي مطلوب زراعة أنواع مختلفة من الأشجار وخاصة أشجار الكافور والكازورينا والنخيل, حيث يمكنها صد ورد كميات كبيرة من الأتربة والرمال والغبار التي تحملها الرياح في شكل عواصف, ولذلك فإن الإشجار والمساحات الخضراء في المدن وحول المناطق السكنية, تلعب دوراً محورياً في تنقية الهواء الجوي من الملوثات البيئية, إن عملية التشجير تؤدي إلى تثبيت حبيبات التربة ومنع عملية التعرية وصد الرياح, ومن الطبيعي أن يكون للإعلام وأجهزة الإذاعة والتلفزيون دور مؤثر من خلال توعية الناس من الأخطار والكوارث الناتجة جراء التلوث البيئي عن طريق الندوات والمؤتمرات العلمية بين المسؤولين والمختصين عن حماية البيئة, وبين الناس الذين لا يدركون مخاطر التلوث, وتوعية الناس بأهمية الأشجار وقيمة التشجير وزيادة الرقعة الخضراء وما يترتب عليها من مقاومة للتلوث. المهندس أحمد محمد الجسمي رئيس قسم الدراسات والتخطيط البيئي في بلدية دبي تحدث عن الأهداف الاستراتيجية للأعوام 2015 وحتى 2020 فقال إن الأعوام المقبلة يتوقع خلالها توسعة المحطات التي ترصد نسب التلوث في الهواء, والتي يبلغ عددها حاليا 6 محطات لتصل إلى 13 محطة, ومنهما محطتان في جانب طريقي شارع الشيخ زايد وشارع الامارات والبقية في المناطق الحضرية, وهناك مبادرة لتخفيض الإطلاقات من المصادر الثابتة مثل محطات توليد الطاقة ومصافي مصافي تكرير البترول وصهر المعادن وإنتاج الزجاج ومواقع البناء. خلال العام 2015 ستكون هناك توسعة إلى 17 محطة حتى العام 2020 حيث سيصل عدد محطات شبكة رصد نوعية الهواء 21 في جميع إنحاء الإمارة, خطة التعاون مع هيئة الطرق والمواصلات لتخفيض الانبعاثات من المركبات والخطة الاستراتيجية لشبكة الطرق مع الأخذ بنظر الاعتبار تحسين نوعية الهواء, والحالات التي تم فيها اتخاذ إجراءات لتحسين نوعية الهواء في إمارة دبي هي أولا تتعلق بعمليات خفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكبريت من إحدى الشركات في جبل علي. خدمة جليلة للبشرية وقد قامت الشركة، على حد قول د.الحوسني، بتركيب وحدة استخلاص الكبريت لجمع الاطلاقات العالية من غاز ثاني أكسيد الكبريت, وتحويلها إلى كبريت سائل والذي سيتم بيعه لاحقا في دبي أو خارجها, أما بشأن الاطلاقات العالية من أكاسيد النتروجين في منطقة جبل علي, فقد قامت شركات في جبل علي وبعد الدراسة التي تمت في 2001 باستخدام حارقات الوقود Burners , ذات الانبعاث الواطئ من أكاسيد النتروجين لجميع توربينات الغاز الجديدة, وذلك جزء من الخطط والإجراءات التي تنفذ من أجل نقاء الهواء. الدكتورة طرفة الشيبة الشرياني التي تحمل دكتوراه علوم البيئة ورئيس قسم البيئة والطاقة في مركز إحصاء أبوظبي وهي باحثة بيئية, فقد قالت إن الغلاف الجوي هو ملك للبشرية كافة كما هو ملك للأجيال القادمة, ولذلك لا يحق لجيل واحد أن يحتكر هذا الغلاف الشديد الحساسية أو أن يفسده, ومنذ بداية القرن العشرين والإنسان يعتمد على الوقود الإحفوري, وهو الفحم والبترول في توليد الطاقة، وهو الأمر الذي أدي الي الاحتراق المتزايد للاكسجين, وبالتبعية زيادة محتوي ثاني أكسيد الكربون مصحوبا بأكاسيد أخرى للكبريت والنيتروجين وإن كانت بتركيز أقل. كما قدمت البحار والمحيطات خدمة جليلة للبشرية، بامتصاصها المستمر لكثير من ثاني أكسيد الكربون الذي ينتج من السيارات والطائرات والمصانع, أي أن البحار علي مدار عقود الثورة الصناعية كانت تسعى بأمر الله الى إصلاح ما يفسده الإنسان, غير أن المحيطات والبحار قلت قدرتها علي استيعاب المزيد، حيث إنها قاربت حد التشبع. تحذر الدكتورة طرفة قائلة إن المحيطات لم تعد بنفس القدرة السابقة، وان معدلات زيادة ثاني أكسيد الكربون وأخوته ستتزايد في الهواء بمعدلات أكبر, لعدم قدرة المحيطات علي الاستمرار في الدور الذي عكفت على القيام به من قبل, وللبشرية أن تتوقع نتيجة لذلك تغيراً مناخياً أكثر حدة, وتعد العلاقة بين محتوى ثاني أكسيد الكربون في الهواء والاحتباس الحراري, علاقة ثابتة ومؤكدة, وكلما زاد ثاني أكسيد الكربون كلما زادت كثافة الهواء، الأمر الذي يؤدي الي زيادة زاوية انكسار أشعة الشمس، مما يجعلها غير قادرة علي الارتداد، ومن ثم تمتص هذه الأشعة في الأرض لتزيد من حرارتها. محطات رصد جودة الهواء دعا د. الحوسني الى الاهتمام بمتابعة حالة الهواء وجودته، وهذا ما تقوم به الدولة منذ حوالي عقدين، عن طريق المعامل المتحركة في سيارات خاصة أو المحطات الثابتة والمنتشرة في كافة الأرجاء, حيث جاوزت محطات رصد جودة الهواء الثلاثين محطة منتشرة في أنحاء إمارة أبوظبي, وبالعموم تنعم الإمارة بهواء جيد الجودة. لكن المطلوب أن نتذكر أن انبعاثات الغازات الدفيئة سواء كانت المعدلات عالية أو منخفضة في دولة واحدة بحجم الإمارات, لن يكون محركا حقيقياً للاحتباس الحراري, ولكن السلوك العام ودور الدول الثماني الصناعية الكبري, وهي المنتج الأكبر للانبعاثات الغازية هما معا سبب الاحتباس الحراري أمس واليوم وغدا, ومن المرغوب فيه أن تسعى هيئة البيئة - أبوظبي الى الشراكة الاستراتيجية مع المعاهد والمؤسسات والهيئات المرموقة, في مجال رصد جودة الهواء وتحسين جودته. هذا ما تحقق مؤخراً على أرض الواقع، حيث عقدت اتفاقات شراكة استراتيجية مع أحد المعاهد النرويجية غير الربحية لمدة خمس سنوات، ومن أهم الأهداف دراسة جودة الهواء في إمارة أبوظبي، وقياس انبعاثات القطاعات الاقتصادية المختلفة من ملوثات الهواء الجوي، بالإضافة إلى تدريب الكوادر الوطنية.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©