الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لا مكان للغجر··· في المجر

لا مكان للغجر··· في المجر
16 فبراير 2008 00:32
خلال الأشهر الأخيرة الماضية، يكاد لا يمر أسبوع واحد إلا ويشهد موكباً من مواكب مجموعة ''ماجيار جاردا'' -الحرس المجري- وهي من آخر المجموعات التي عينها الفاشيون المجريون خلال الحرب العالمية الثانية، ويرتدي أفراد هذه المجموعة في مواكبهم المذكورة الأحذية العسكرية السوداء، والزي الرسمي الحامل للرموز والشارات الوطنية، أما هدف هذه المواكب المنتظمة، فهو الحيلولة دون مساعي الغجر ومن يساندونهم في مساعيهم الرامية لإلحاق أبنائهم بالمدارس، وعادة ما يتم تنظيم هذه المواكب في الأحياء والقرى والضواحي التي تعج بالغجر، أما من جانبها فتقدم مجموعات الحرس المجري نفسها بصفة حامي حمى العرقية المجرية الأصيلة· تعليقاً على عرقية الغجر المنبوذة، يقول ''زولتان فوزيزي'' -الناطق الرسمي باسم حزب ''جوبيك'' وهو حزب يميني متطرف يتولى زعيمه ''جابور فونا'' قيادة مليشيا ''الحرس المجري''-: لقد تجاوزت الجرائم التي يرتكبها الغجر الحدود، ولذلك فإن أعداد مؤيدينا وأتباعنا في تزايد يومي مستمر، لكن وفي الوقت نفسه يتواصل نمو معارضي هذا التيار اليميني المتطرف في البلاد''، فعلى سبيل المثال دعا النائب العام بالعاصمة ''بودابست'' إلى حل مليشيا الحرس المجري والحزب المؤيد لها، بينما دعا عمدة بودابست ''جابور دميزسكي'' كافة مسؤولي البلديات إلى مقاطعة المناسبات والمواكب التي تنظمها المليشيا هذه، ليس ذلك فحسب بل وصف الرئيس ''لاسزلو سوليوم'' مواكب المليشيا نفسها بأنها ''بالغة الضرر''، بينما نعتها رئيس الوزراء ''فيرنك جايوركاسني'' بأنها ''عار الأمة المجرية''· من ناحيتها قالت فكتوريا ''موهاكسي'' -قائدة من قيادات الغجر ونائبة في البرلمان الأوروبي- في وصف المليشيات نفسها: ''إنها النازية بعينها، وإن خطرها آخذ في الازدياد''، وذكرت أن الكثيرين من أعضاء مجموعة الغجر وجهوا إليها الدعوة للانضمام إلى حلقات غجرية سرية، تهدف إلى تنظيم المجموعة بما يتناسب ومستوى تنظيم المليشيات المجرية المذكورة لنفسها· وفيما لو حدث ذلك بالفعل -والحديث لا يزال على لسان ''موهاكسي''- فإن من المؤكد أن يحدث صدام ومواجهات وإراقة دماء متبادلة بين الجانبين، وهو ما يفتح الباب أمام نشوب حرب أهلية داخلية، وهذا ما يوافقها عليه ''استيفان ريف'' -أستاذ التاريخ بجامعة أوروبا الوسطى بقوله-: ''الغجر يمثلون الهدف المباشر والمفتوح لهذه الروح العدوانية الكارهـــة للآخر، وللغجر ما يبرر مخاوفهم، ففي حال لم تجد هذه العرقية المستهدفة من سبيل آخر لها سوى الرد على من يبادرونها الكراهية والعدوان، فلا مناص من أن يثور القلق بين الجميع''· هناك من يحمّل حكومة يسار الوسط المجرية الحالية، مسؤولية التقصير في التصدي لجذور التوترات العرقية التي تستغلها مجموعة ''الحرس المجري''، وتتلخص هذه التوترات في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية المزرية التي تعيشها العرقية الغجرية، على رغم كونها تشكل نسبة تتراوح بين 8-10 في المائة من إجمالي السكان المجريين البالغ تعدادهم 10 ملايين نسمة، ليس ذلك فحسب، بل إن المجر تعد دولة من دول الاتحاد الأوروبي، إلا أن العرقية الغجرية فيها تعيش أوضاعاً لا تقل سوءاً عن أوضاع شعوب أفقر دول العالم قاطبة· وضمن هذه الأوضاع يقدر الناشطون الغجريون نسبة البطالة في أوساط الراشدين والقادرين على العمل من أبناء المجموعة بنحو 70 في المائة، بينما تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن نسبة الأطفال الغجر الذين يكملون دراستهم الثانوية العليا تقل عن 5 في المائة، وكان أفراد المجموعة في مقدمة الذين فقدوا وظائفهم في أعقاب انهيار النظام الاشتراكي السابق، على حد قول ''آجنيز داروكزي'' -ناشط غجري وأستاذ لعلم الاجتماع بمعهد الثقافة والفنون المجري-· ومضى إلى القول: ولكي أصارحك القول فإن الكثيرين منا يسرقون، لكن وعند النظر إلى حقيقة الوضع الذي نعيشه، فليست أمامنا فرص عمل ولا أي أمل آخر نتعلق به· أما زميله ''جانوس سايمون'' -الأستاذ بمعهد العلوم السياسية المجري- فقد ذهب إلى وصف الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها الغجر حالياً، بأنها أسوأ مما كانت عليه قبل عشرة إلى عشرين عاماً مضت، وبالنتيجة فقد ارتفعت بينهم معدلات الجريمة، ومعها بالطبع وفي المقابل ارتفعت معدلات التأييد الشعبي لمليشيا الحرس المجري التي تستهدفهم باسم الدفاع عن المجريين، واستطرد ''سايمون'' قوله: إن الحكومة لا تبدي عزماً ولا جدية في التصدي للجذور الاجتماعية الاقتصادية للمشكلة، فكل الذي تفعله هو السماح لمليشيا الحرس المجري بتنظيم مواكبها ثم التعليق بالقول من جانبها: انظروا إلى هؤلاء الشوفينيين المعادين للغجر! وأخذ ''سايمون'' على مسؤولي الحكومة استغلالهم لهذه المواكب في خدمة أجندتهم السياسية الخاصة، وهو ما وصفه بـ''اللعبة السياسية القذرة''· يذكر أن مليشيا ''ماجيار جاردا'' قد تأسست في أغسطس من العام الماضي، في مراسم شارك فيها أول وزير دفاع بعد العهد الاشتراكي، إضافة إلى 56 من أعضائها المرتدين للزي الرسمي للمليشيا، بينما تزامن معها موكب آخر مواز شارك فيه نحو 600 من مؤيدي المليشيا، وعادة ما يرتدي أفراد المليشيا الدروع ويحملون الأعلام ذات الخطوط الحمراء والبيضاء، التي ترمز إلى حزب ''صليب السهم الأحمر'' المتهم بإبادة ما يزيد على 50 ألفاً من الغجر إبان الحرب العالمية الثانية· كولين ودوارد- بودابست ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©