قال الأصمعي: خرج الحجاج متصيداً، فوقف على أعرابي يرعى إبلاً وقد انقطع عن أصحابه، فقال: يا أعرابي، كيف سيرة أميركم الحجاج؟ فقال الأعرابي: غشوم ظلوم لا حياه الله ولا بياه. قال الحجاج: فلو شكوتموه إلى أمير المؤمنين؟ فقال الأعرابي: هو أظلم منه وأغشم، عليه لعنة الله! قال: فبينما هو كذلك إذ أحاطت به جنوده، فأومأ إلى الأعرابي فأخذ وحمل، فلما صار معهم قال: من هذا؟ قالوا: الأمير الحجاج، فعلم أنه قد أحيط به، فحرك دابته حتى صار بالقرب منه، فناداه: أيها الأمير: قال: ما تشاء يا أعرابي؟ قال: أحب أن يكون السر الذي بيني وبينك مكتوماً، فضحك الحجاج وخلى سبيله.
وخرج مرة أخرى فلقي رجلاً. فقال: كيف سيرة الحجاج فيكم؟ فشتمه أقبح من شتم الأول حتى أغضبه، فقال: أتدري من أنا؟ قال: ومن عسيت أن تكون؟ قال: أنا الحجاج، قال: أو تدري من أنا؟ قال: ومن أنت؟ قال: أنا مولى بني عامر، أجن في الشهر مرتين هذه إحداهما. فضحك وتركه.
قال عبد الله بن مروان لثابت بن عبد الله بن هلال: إنك أشبه الناس بإبليس، قال: وما تنكر أن يكون سيد الإنس يشبه سيد الجن.. قيل لأعرابية من بني عامر: لقد أحسنت العزاء على ابنك، قالت: إن فقده أيأسني من المصائب بعده. ونعى إلى أعرابية ابن لها، فقالت: لقد نعيتموه كريم الجدّين، ضحوكاً إذا أقبل كسوباً إذا أدبر، يأكل ما وجد، ولا يسأل عما فقد.
قال أبو الزناد لابن شبرمة في مناظرته له: من عندنا خرج العلم، فقال ابن شبرمة: ثم لم يعد إليكم.
محمد رضا - أبوظبي