عبيد بن معضد الخريباني النعيمي··· الشاعر والراوي

يسعى نادي تراث الإمارات للحفاظ على نشر تراث الدولة ووضعه مُحققاً ومنشوراً بين أيدي أبنائه· وفي هذا السِياق وبتوجيهات ودعم ورعاية سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس نادي تراث الإمارات فقد حرص النادي من خلال لجنة الشعر الشعبي أن يُعزِّز من إصدار ''سلسلة شعراء من الإمارات'' للتعريف ونشر الشعر النبطيّ في الإمارات، عبر جمع وتوثيق ونشر دواوين الشعراء في الدولة الذين رحلوا رحمهم الله والباقين من الشعراء الأحياء لكي يحافظوا على أشعار قصائدهم في دواوين مُحققة حفاظاً عليها من الضياع والاندثار· وقد أصدر النادي مؤخراً ضمن ''سلسة شعراء من الإمارات'' التي نشرت لهم من قبل دواوين شعرية، ديوان الشاعر الإماراتي بن معضد الذي قام بجمع أشعاره وإعداده الدكتور راشد أحمد المزروعي رئيس لجنة الشعر الشعبي في نادي تراث الإمارات· سيرة الشاعر تحكي سيرة حياة الشاعر عبيد بن معضد بن عبيد بن معضد الخريباني النعيمي أنّه من قبيلة النعيم فخذ ''البوخريبان''، والمولود في منطقة مزيد عام 1929م، والذي قضى فترة صباه متنقلاً مع أسرته بين الإمارات وعُمان وتجول في عدة مناطق مثل ضنك والحلّه وحفيت والسنينه ومزيد وهيلي والوجن والقوع، حاله حال بقية أبناء البادية المتنقلين من منطقة إلى أخرى في ذلك الوقت طلباً للكلأ والمرعى· وترعرع وشبّ بن معضد في مناطق أهله ومساكنهم. أما عن موهبته وتفتح قريحته الشعرية فإنّه بدأ يقرض الشعر مبكراً مذ كان عمره أقل من خمسة عشر عاماً· وكان المرحوم الشاعر سالم بن ثعيلب العامري صديقه وجاره لفترة طويلة في منطقة الوجن حتى وفاة بن ثعليب في عام 1974م· وقد تساجل الشاعر بن معضد معه بقصائد كثيرة وكانت مساجلاته وصداقاته مع سالم العامري قد أثّرت عليه وزادت من مَلكته الشعرية. أغراض شعرية على الرغم من محاولات الشاعر الأولى في نظم الشعر، فإنّ خبرته ازدادت في الحياة وتنوعت أغراضه الشعرية فتطرّق في قصائده إلى مختلف أغراض وأبواب الشعر النبطي، ومنها أغراض المدح والرثاء والنقد الاجتماعي وشعر النصائح والحكم والشعر التراثي والتغرودة والمشاكاه مع الشعراء، والغزل· وقد امتاز بن معضد بكونه راوية كبيرا ومعروفا على مستوى الإمارات، إذ شارك في الكثير من الأمسيات التراثية وحاز على جائزة الراوي في إدارة الإعلام في الشارقة، كما أطلق عليه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيبّ الله ثراه، لقب ''رجل التراث'' لحفظه الكثير من الأشعار القديمة والتغاريد والحكايات الشعبية، كما أنّ له باعا طويلا في فنّ الشلاّت والردح والونّه والطارج، وهو مغنٍّ بدويّ معروف وله أشرطة موجودة في محال التسجيلات، ولهذا فقد أُختير ليعمل بعد تقاعده في محل ''إيواء الأيتام'' لكي يعلمهم الآداب والسنع والعادات والتقاليد الإماراتية الصرفة، نظراً لخبرته وحنكته في هذا المجال. كما ساهم الشاعر بن معضد النعيمي في برامج الإذاعة والتلفزيون من أبوظبي ودبي، وهو ضمن أعضاء مجلس شعراء العين الرئيسيين منذ بداية تأسيسه. لذلك فله علاقات عديدة مع جميع شعراء مجلس العين وأبوظبي والإمارات الشمالية. كما كان عضواً فعّالاً في برامج الإذاعة مثل برنامج جلسة شعبية وبرامج التراث التي كانت تذاع من إذاعة أبوظبي خلال التسعينيات من القرن الماضي، وقد أثرى خلالها الساحة الشعبية الأدبية بالكثير من المعلومات والمواد التراثية. قراءة في الديوان توزعت أغراض ديوان بن معضد إلى أربعة أقسام، حمل القسم الأول قصائد الشاعر'' الوطنيات والمدح والاجتماعيات'' البالغة'' 33 قصيدة· وهي: ''البارحة ما غضيت العين، هنّيتكم بالعيد، اليوم عم الخير، اطلبك يامعبود، سمّيت بالرحمن، يامرحبا بعيد اتحاد، مرحبا ياعيد لْبلادي، يالله ياوالي، القول له عنى، يامرحبا بنور الديار، يالله لي بيدك، يقول بن معضد، اطلب اللي له الحمد، دار المثل في خاطري، البارحه دارت، قم ياقلم خط المثايل سطرها، اطلبك يامعبود، ياونّتي و،هن في خليفة بدع جيلي، مبروك مليون تكرار، عجمان دار السيف، سمّيت بالرحمن، أطلبك ياكريم، يالله يلّي، خبرٍ لفاني، اطلب إله العالمين، هاض جيلي، وكالة المسعود، دارت على بالي مثايل، دق قلبي، اطْرت على قلبي، اليوم قلبي بالمثل، ويوم الأحد يتني وصيّه''· وأول قصائد ديوان الشاعر بن معضد هي''البارحه ما غضّت العين''، كتبها في بداية حُكم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه لإمارة أبوظبي العام 1966م، التي يقول فيها: البارحه ما غضّت العين بالكرا دارت بي الأمثال حل امْحضورها منّي سلام ألفين يا شيخ وأكثرا وبعيد الأضحى لي على الحول دورها مبروك عيدٍ فيه الأعلام تنشرا وإلْكم تهاني ما تقاصى عبورها سلامي على كل الإمارات بادرا هنّيتكم بالعيد وآذع انْشورها يقول بن معضد جرى الجيل به جرى ولي خلِّف الأمثال زلّت اسْطورها قم يا قلم اكتب على كيف ما جرى أبيات شعرٍ هايضه من انْهورها اعتاشوا الأضعاف والناس لفْقرا من فضل زايد باهي الوجه نورها الردود والشكاوى تناول الشاعر في باب الردود والشكاوى مجموعة من القصائد التي تشاكى فيها -أي تبادل القصائد- مع العديد من شعراء الإمارات أمثال المرحوم سعيد بن مهيله الشامسي، ومحمد بن رغش الشامسي، وراشــد النايلي، وعـوض بالسبـع، والشيخ عبدالله بن ربيّع الكتبي، ومحمد بن راشد الشامسي، ومحمد بن سلطان الدرمكي وغيرهم من الشعراء الآخرين في الدولة··· وجاءت قصائد هذا الباب على النحو الآتي: ''اشتكيلك يابن مهيله، حي من جتني تماثيله، جيل لفاني، قم ثيب بو سلطان وإلحق، باب المثل ياشيخ مغلوق، أهلاً عدد ما هبّت اشْروق، الناس تمشي في هواها، اعْجبت في سير انْحوهاها، هبّتني الشرتا صباها، البارحة ذعذع، يامرحبا خطٍ لفاني، فن قلبي دار، بو سهيل الجيل ينصاكم، من شاعرٍ يشكي، لي عزاني، لا تغرّك الدنيا، يابو علي مسموح، مرحبا ثم مرحبا، أطلبك يامعبود ياخالق اليود، يادق قلبي، يدق قلبي دايم ايْدق، افهموا في رد لْمثالي، التقيت بطيّب الفالي، سمحوا عليّ، ما حيدني ياعبيد، بشّيت من يتني، ياقلب مالك حايه، ياسعيد حرف الآيه، خبرٍ لفاني، ذبيت في عالي المشاريف، مجبورٍ قلبٍن يابن رغش روس المشاريف، ياسعيد عوقي غابي، ويهلا حي الجوابي''· وقد شاكى الشاعر بن معضد في قصيدته ''اشتكيلك يا بن مهيله'' الشاعر المرحوم سعيد بن مهيله الشامسي، ويقول فيها: اشتكيلك يا بن امْهيله أنت ذخري وانته اسنادي والشعر تفهم مزاميله تنتخه من لب لفوادي واشتكي من غيّة الليله لي استوت في حاير الوادي شفت من زينه مياديله منحره يسواله ابْلادي عنق صيدٍ في مقاييله والضحى في ظل مبرادي لو خذ القانص مخاتيله يوم خز وبالنظر عادي آه يا محلا تعازيله هايف الخصرين واجْلادي يعل داره يود ومخيله الغضي مزموم لنْهادي الاجتماعيات والنصائح بينما شكلت قصائد ''الاجتماعيات والنصائح'' كما كبيرا من قصائد ديوان الشاعر التي أودع فيها خلاصة تجاربه وخبرته في الحياة التي عاشها وتنقل خلالها بين عدّة أماكن، مما أوحت له بتجربة يراها جديرة بأن يبثها في قوافٍ للناس لتمنحهم النصح والحكمة من رجل خبير، في قصائد هذا الباب المُتمثلة في: ''يابو حمد، بوصي زمن يبغي وصاتي، آه ياعباد الله، دمعي جرى ياناس، يقول بن معضد، اللحيمر، مرّت ليالي، أبكي على وقتٍ، لي من طرى طاري، يامرحبا بالشيب، ياسالم ياخويّهن في الجبل ناس، هاض المثل في خاطري، فكرّت في هذا الزمان، أخْيَر تدوّر للولد سيّاره، قلبي تدور افكاره، خثرق، جارك قصير البيت، بوصيك ثم أوصيك، تمضي السنهن تابعت قولك، وقت الضحى، ياورق، طلبت ربي، اطلب كريمٍ ما ينام، كل شاعر يمشي أبوادي، في الزمن لوّل تشقّينا، دار المثل في خاطري، وجبل حفيت العالي''· وقال الشاعر في ''لي من طرى طاري'' مستذكراً فيها الشيب القادم ووداعه لريعان الشباب النضر: لي من طرى طاري على القلب ونّيت وآزمت متحسّف بطول الليالي أنا البارحه بروس المشاريف ذبّيت عدبٍ ومن روس المشاريف عالي ولا تنفع المنوى يلو قلت ياليت ولا ينضرب كفٍ على كف خالي على خوي الخير لي به اتْبهّيت قفّى ولا بيني وبينه سوالي فصّل ملابيسه على الراس وارْضيت ارْضيت وإلاّ ما نشد عن زعالي عشرٍ على العشرين أنا سرت به وجيت ومشيت به مع طيّبين الجبالي لا في نظر عيني ولا قلب حسّيت واما جرى للناس ظنّي جرالي لوْداع يا غيْ الصبا يوم قفّيت بيني وبينك كتَّم السيح لالي يا قلب أنا من وصلة الزين عيّيت أشوف عند الزين مالي مجالي لوّل يبادرني أنا حين ما ييت بتحيّةٍ فيها كثير السوالي يا قايد الأريام وش فيك صدّيت صدّك على قلبي يهيل الملالي بمشي بْعذر صوبك يلوحيد زلّيت وبقود لك نفسي على كل حالي شعر الغزل هذا هو الباب الأخير في ديوان بن معضد، حيث كتب فيه أشعاره التي ترقى إلى التغزل بالجَمَال الأسِر··· وعنوانات قصائد الغزل هي: ''يا خويْ الخير، أنا ونّيت، ياناظري، قم يانديبي، يانسيمٍ جيت من برّه، لي رماني بالهوى، ونّيت يا محمّد، ياموز يا متمايل، علي ونّيت مصطابي، هب النسيم وياني، قلبي وليع، حي بنسيم، دام قلبي في الهوى، لفّوا عليّ ووقّفوني، شاعر وعندي للشعر، ياغزالٍ ريت، قمت الفرض، مرّيت بدو الناس، آه يا من عوقه اتْعرقا، من صواب الزين معتلّي، حيْ شرتا الكوس لْمطلأّين في ضميري دار، يا زين ما ودّي بفرقاك، يوم لربعا مرّيت، يازين ودّك، ابدع قولي، صويب قلبي، أقول وانحي، يامن ون، خذني وداده، وهايعٍ والنوم''· ويقول في أولى قصائده الغزلية: ''يا خوي الخير'': يا خويْ الخير قلبي مستصيب وش علام القلب ما يفسر نباه ونّتي ونّات ميهودٍ عليل ونّة الميهود لي زايد وزاه يوم شفت الزين منسوع اليديل ين قبع بالثوب شيلٍ من قفاه وعيونٍ سود والمدمع كحيل بو حيايينٍ شرى خط الدواه الجدم في الأرض شوفه هب نحيل مازر الساقين ربح اللّي جناه وإن طلب لكّين مطلوبه قليل وإن بغى الثالث على شرغه هواه مضمره شروات عيصٍ في اليدين ظنّيه صبعين يلقن من قفاه وإن مشى في الأرض شوفه هب مليل وإن عرض في البيت طيّب ملتقاه هو خفيْ الصوت ما يظهر طويل هو غزير السد جاره ما شناه