الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ثقافة التسامح

28 أغسطس 2014 00:13
تتوجه بوصلة الاهتمام هذه الأيام نحو تشويه صورة العرب والمسلمين، وإن كان المشهد امتلأ بالدم، وعلا صوت وجلجلة الحرب، على صوت الحقيقة، وإن كنا ضعفاء بما يجعلنا كعرب عاجزين حتى عن فهم ما يحدث هذه الأيام، فاختلط الحابل بالنابل، وضاعت بوصلة الحقيقة، فإن هذا أدعى للعودة إلى وقفة مع الذات والتفكر والتفكير بعمق في ما يحدث، وترك العصبية والطائفية، ولن نفلح أبداً إلا إذا عدنا إلى التسامح فيما بيننا أفراداً وشعوباً وأمماً، خاصة نحن العرب أصحاب رسالة التسامح والتعايش بين الناس، والتاريخ يشهد على ذلك منذ زمن وحتى في عصرنا الحالي، مما يدل أن موجة التناحر هي موجة دخيلة على ثقافتنا. ومما يدعو للتفاؤل أن هناك أصواتاً في الشبكة العنكبوتية بالرغم من هذا الانتشار السرطاني لمحطات ومواقع زرع بذور الفتنة والفرقة، إذ تحاول الأصوات العقلانية أن تضيء إضاءات مشرقة على تاريخ العرب الذي ينبذ كل تطرف وكل عصبية وكل طائفية. ومن هذه الأصوات الدكتور جمال سلسع إذ ينادي: لماذا تغلق العيون أمام هذا التاريخ؟ ولماذا تصم الآذان عن صوت عروبة آت من أعماق التاريخ؟ هل أحمل جذوري العربية على كتفي وأرحل عن دياري، لأن مسيحيتي ثقافتها عربية إسلامية؟ لن أرحل كمسيحي من بلدي، لأن مسيحيتي ثقافتها إسلامية وأين «العهدة العُمرية» يا أشقائي المسلمين؟ أين دمع المثنى بن حارثة الشيباني، النصراني قائد جيوش النصارى في دولة الغساسنة الذي تخلى عن الرومان النصارى، وسار مع سعد بن أبي وقاص بجيشه، وشارك في الفتوحات الإسلامية؟ كيف ألملم معلقاتي الشعرية العربية الإبداعية عن حائط عروبتي الثقافية وما زال عمرو بن كلثوم يردد بحضارته وجيشه الكبير. . . كيف أنزع عن جلدي ميراث أجدادي وأترك هوائي؟ ومدينتي التي في حاراتها طفولتي، وفي شوارعها رفاق مدرستي، ولما كبرنا نسجنا معاً مواقفنا القومية العربية، ضد كل محتل ومستعمر، وعلق على أعواد المشانق أجدادي في بلاد الشام على يد جمال باشا السفاح من أجل حرية الأرض العربية؟. لماذا لم يقرأ الآخرون حضوري الوطني عندما كانت راية الإسلام التي رفعها الأتراك تدوس لواء الإسكندرون العربي، في حين كانت شوارع الشام بمسلميها ومسيحييها تخرج بمظاهرات لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، ومن كنائس الشام وأجراس المشرق، بعد أن أقفل الأتراك كل جوامع الشام لمنع التظاهرات ضد استلاب لواء الإسكندرون، حيث تحولت كل الكنائس إلى جوامع، ووقف خطيب المسلمين في محراب المسيح يلقي خطبة الجمعة، وصعد المؤذن إلى قبة الناقوس يرفع الآذان. ناصر علي النقبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©