الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«فن الألباستر» يعرف العالم بجماليات نحت الصخور قبل 3 آلاف عام

«فن الألباستر» يعرف العالم بجماليات نحت الصخور قبل 3 آلاف عام
20 يناير 2013 21:38
تشكل مهنة منحوتات الألباستر نوعا من الفنون الإبداعية الراقية والأصيلة التي اشتهر بها الصانع المصري واستلهم خصائصها الفنية والجمالية من فنون الحضارة الفرعونية التي يرجع إليها فضل تعريف العالم بجماليات نحت صخور الألباستر قبل نحو ثلاثة آلاف سنة. والألباستر نوع من صخر الرخام يسمى المرمر وهو تركيبة صخرية من الجبس الطبيعي بلونه الأبيض الصافي ويحتل مكانة كبيرة في عالم الديكور. محمد عبدالحميد (القاهرة) ــ دأب الصناع المصريون على الاهتمام بهذا الفن فاستعملوا منحوتات الألباستر ديكورات راقية في بيوتهم، كما انتشرت في عدد من القصور والفنادق والمطاعم والبازارات ثم إن شعبية هذه المنحوتات تزداد مع الحفلات ويقبل السياح على شراء نماذج مختلفة منها لأخذها معهم كتذكارات. والمهنة اليدوية التي تعتمد كليا على المطرقة والأزميل وهي نفس الأدوات البسيطة المتوارثة منذ عهد الفراعنة لها أسرارها التي يتوارثها العاملون بها على مر السنين، وتواجه تحديا كبيرا هذه الأيام إزاء التقدم الصناعي الذي أدى إلى تراجع الإقبال على المنتجات اليدوية وإغراق المنتجات الصينية المقلدة للأسواق وهو ما يشير إليه سعيد جمال نحات الألباستر بقوله: هناك فرق كبير بين الشغل اليدوي الأصلي والمنتجات المقلدة التي تنتجها الآلات الحديثة وتغرق بها الصين الأسواق ويقبل عليها البعض وهناك كثيرون لا يزالون يقدرون قيمة الشغل اليدوي ويحرصون على تزيين منازلهم وأماكن عملهم به. العلاقة بالمهنة جمال 48 سنة كان جالسا يهذب بالأزميل قطعة صغيرة من الصخر أمامه. ويقول: كثيرون لا يعلمون أن الألباستر نوع من صخر الرخام يسمى المرمر ويعرفه عامة المصريون منذ القدم باسم الألباستر وهو تركيبة صخرية من الجبس الطبيعي الدقيق الحبيبات وذات الشفافية العالية مع لونه الأبيض الصافي أو المخلوط باللون البني وهذه الصفة هي التي أهلته ليحتل مكانة كبيرة في عالم الديكور والزينة حيث يتم تشكيله ليصبح تحفا تزين المكان وصخور الألباستر تتواجد في مناطق حلوان والقرنة بالأقصر وأسيوط وأسوان وجبال البحر الأحمر ويتم تقطيعها إلى مقاسات مختلفة تبدأ من 25 سم وتصل إلى مترين وتنقل بواسطة سيارات النقل ومراكب الشحن من التجار إلى الصناع في منطقة خان الخليلي ونزلة السمان حيث تستخدم في نحت التماثيل والمزهريات والأواني، بالإضافة إلى النوافير والأرضيات. ويلخص جمال علاقته بمهنته بالقول: عشت عمري كله اعمل في الألباستر وأتمنى أن أموت وأنا ممسك بالمطرقة والأزميل وحبي لصناعة التماثيل والمزهريات يشعرني بأنني فنان مبدع ولا أفكر في البحث عن مهنة أخرى ورغم أن المهنة مرهقة للغاية وعملت بهذه المهنة منذ كنت صغيرا وتعلمتها من والدي الذي كان رئيس الصنعة ومن روادها في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي وظل يعمل حتى وفاته قبل نحو عشر سنوات وكانت لديه ورشة كبيرة يعمل بها نحو عشرة صناع مهرة وكنت أخرج من المدرسة وأذهب إلى ورشة والدي لأراقبه وهو يعمل وكان يقطع الصخور بمهارة فائقة مستخدما الأزميل وينحت كل قطعة على حدة. وأضاف: مهنتنا تعاني منذ سنوات كأي مهنة يدوية نتيجة تراجع إقبال الصغار على تعلمها لأنها تعد من المهن المرهقة نسبيا كما أن طبيعة المهنة تلزم الحرفي بالتعامل بيده مباشرة مع الصخور واستنشاق غبارها مما يؤثر على صحته ولهذا باتت أعداد العاملين بها في تراجع من عام لآخر. أدوات التصنيع يوضح حسين رزق 41 سنة أن معظم العاملين في تلك الصناعة توارثوها عن آبائهم وأجدادهم وأخذت تتنقل عبر الأجيال. وعن أدوات المهنة قال: تقريبا هي نفس الأدوات التي كانت مستخدمة في زمن الفراعنة وأبرزها الأزميل والمطرقة والمبرد والمنشار والشاكوش وهو برأس حديدية مدببة تستخدم في النقر بدقة على الصخور لتهذيبها والخامات التي نستخدمها فى تلك المهنة عبارة عن صخور الحجر الأبيض أو الأخضر أو الجيري أو الجرانيت والبازلت وكلها مواد خام الألباستر ولرخام الألباستر أسماء تجارية مثل بوتشينو والزعفرانة ورخام الجلالة ورخام زمزم وفلتو الحسنة والبرلاتو وسلفيا وجولدن ولكل منها ما يميزه في درجة اللون أو نعومة حبيباته وهي خصائص لا يدركها إلا الحرفي الخبير بأسرار الألباستر. وعن مراحل تصنيع هذه المادة يقول: القطعة الواحدة تمر بثلاث مراحل على الأقل وتستغرق من 4 إلى 6 ساعات حيث تبدأ بمرحلة التقطيع ثم الخراطة وتشكيل القطعة وفقا لرؤية الصانع أو رغبة الزبون، وأخيرا مرحلة التشطيب والتي يجري فيها صقل وتلميع القطعة وأهم مقومات المهنة هي الصبر والإتقان ومهارة اليد وتذوق الفن وقوة الملاحظة ونحن نتعامل بأصابعنا مع الصخور من دون مساعدة أي آلة حديثة وأصابعنا هي أعيننا التي نرى بها عن طريق اللمس وبالصبر واتباع أساليب المهنة وأسرارها يتحول الصخر إلى قطع فنية غاية في الجمال. ويشير إلى أن زبون الألباستر الفاهم في جماليات المهنة أصبح عملة نادرة. وقال: أيام زمان كان ضغط الشغل كبيرا وكان زحام العمل يصل للذروة في شهور الشتاء وكان السياح يقبلون على الالباستر كقطعة ديكور لها قيمتها الفنية والآن أعداد السياح المهتمين بالالباستر في تراجع والزبون المحلي من المصريين يفاصل في السعر كثيرا والبعض يريدها كقطعة زينة مثل صور الفوتوغرافيا وقطع البلاستك من دون أن يدرك قيمة وروعة الالباستر كفن وكم الجهد والتعب الذي بذله الصانع في إنتاجها وهو الأمر الذي يصيب المهني بخيبة أمل بان جهده وتعبه لا يجد من يقدره. أسعار مختلفة أشار إلى أن أسعار منحوتات الألباستر ليست واحدة ولكل قطعة سعر خاص بها، حسب مقدار الجهد الذي بذله الصانع في إتمامها فهناك قطع قد تصل إلى 5 آلاف جنيه مصري وهناك قطع صغيرة الحجم تباع بـ 100 جنيه ومن الممكن أن يمضي قرابة شهر كامل في نحت تمثال صغير من الألباستر وليس مهما كم الوقت ولا الجهد المستغرق في النحت والمهم أن تكون قطعة طبق الأصل من التمثال الموجود في معبد الكرنك أو المتحف المصري أو على جدران المعابد والذي من أجله جاء الزبون وطلب نسخة مقلدة منه. وقال: الآلات الحديثة أوقفت حالنا ولم نعد نعمل بشكل كاف والمنتجات الصينية أفقدت الناس حاسة تذوق الجمال وأفهمتهم أن التحف والأنتيكات برخص التراب وهو ما يؤدي بنا إلى أن نعيش من حين لآخر أيام كساد وشح وبيع منتجات الألباستر له مواسم وفترات من العام فهي كغيرها من المهن التي تعتمد على تدفق السياح إلى مصر لاسيما في فصل الشتاء بينما في الصيف يذهب السياح إلى المدن الساحلية ونعتمد على السياح في تصريف منتجاتنا وفي بعض الأوقات نعتمد على عرضها في البازارات ومحلات التحف والانتيكات والقرى السياحية التي قد يطلب أصحابها أيضا كميات من حين لآخر لتزيين الغرف والشاليهات وعرضها فى المكان المخصص لتسوق السياح والعمل معهم يتطلب علاقة جيدة بالمسؤولين بهذه القرى السياحية وفي هذه الحالة يتحسّن الدخل كثيرا وجانب كبير من الربح يذهب إلى تجار التحف والانتيكات فهم يشترون منتجات الألباستر بسعر زهيد من الحرفيين ويبيعونها للسياح بأسعار عالية في خان الخليلي وهضبة الأهرام وغيرها من الأماكن ويحققون ثروات كبيرة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©