الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

7 بالمائة فقط من الجزائريات يتممن إرضاع أطفالهن حولين كاملين

7 بالمائة فقط من الجزائريات يتممن إرضاع أطفالهن حولين كاملين
20 يناير 2013 21:39
حسين محمد (الجزائر) - تقوم وزارة الصحة الجزائرية منذ أعوام بحملات توعية واسعة لإقناع الأمهات بضرورة «الرجوع» إلى الرضاعة الطبيعية لأطفالهن لحمايتهم من الأمراض وضمان نموّ سليم لهم، والكف عن الاعتماد الكلي على الرضاعة الصناعية، التي تفشت على نطاق واسع في السنوات الأخيرة، في ظل تزايد خروج المرأة الجزائرية للعمل. تراجع كبير تأتي هذه الحملة بعد أن أكد «المعهد الوطني للصحة العمومية» أن عدد الأمهات اللواتي يتممن إرضاع أطفالهن من صدورهن حولين كاملين قد انخفض من 12 بالمائة في سنة 2010 إلى 7 بالمائة فقط في سنة 2011، ولم يُصدر المعهد بعد أرقاماً خاصة بسنة 2012، وإن كانت الأوساط الطبية تتخوف من تراجع آخر لنسبة الرضاعة الطبيعية بالبلد. وأبدت مسؤولة برنامج التغذية بوزارة الصحة زكية فضيل الشريف استغرابها من هذه النسب المتدنية للرضاعة الطبيعية في الجزائر مقارنة بما هو سائد في بلدان أخرى، حيث تتراوح بين 30 و47 بالمائة لدى دول الجوار، بينما ناهزت حدود الـ95 بالمائة في الدول الاسكندنافية بفضل سياسات التوعية الاجتماعية التي تُعتمد هناك على نطاق واسع. وتنتشر قارورات الرضاعة الاصطناعية، البلاستيكية والزجاجية، في مختلف المحلات بالجزائر، وحتى محلات المواد الغذائية تقوم ببيعها، كما تنتشر على نطاق واسع مختلفُ أنواع الحليب الاصطناعي المستورَد من بلدان عديدة، وخاصة سويسرا وهولندا، والموجّه إلى تغذية الطفل، ويلقى إقبالاً كبيراً من الأمهات، وبخاصة الأمهات الشابات والعاملات. ويأتي خروج المرأة بكثافة إلى العمل في العقود الأخيرة في مقدمة أسباب الإفراط في اللجوء إلى الرضاعة الاصطناعية، وتكاد الأمهات العاملات لا يُرضعن أطفالهن من صدورهن بشكل مشبع سوى في الأشهر الثلاثة الأولى التي تلي الولادة، حيث يستفدن من عطلة الأمومة، وبعدها يبدأ الاعتماد بإفراط على الرضاعة الاصطناعية التي تتكفل بها المربِّيات، بينما تعود النساءُ العاملات إلى بيوتهن كل مساء منهَكات من العمل ليجدن أشغال البيت في انتظارهن، فلا يتفرغن لإرضاع أطفالهن إلا قليلاً، وبمرور الوقت يصبح اللجوء إلى الرضاعة الاصطناعية «عادة» سهلة ومريحة للمرأة العاملة التي تواجه أعباء متعددة، فلا تكاد تشعر بتأنيب الضمير لإهمالها إرضاع صغيرها من صدرها. تحسين الظروف المعيشية تقول آسيا مصّار، أستاذة تاريخ وجغرافيا «لديّ ثلاثة أبناء لم تتجاوز فترة الرضاعة الطبيعية لأي منهم ثلاثة أشهر، وبعد انتهاء عطلة الأمومة كل مرة، أضطر إلى الاعتماد على الرضاعة الصناعية تدريجياً، وبعد نحو 9 أشهر من الرضاعة المختلطة، أعتمد كليا على الحليب الصناعي والأجبان والخضراوات والفواكه المسحوقة لتغذيتهم». وتتواجد حالياً ملايين الجزائريات في سوق العمل بهدف تحسين الظروف المعيشية لأسرهن ومساعدة الأب أو الزوج في تحسين مستوى الدخل العائلي لمواجهة غلاء المعيشة المتفاقم، وبقدر خروج النساء إلى العمل، طوعاً أو اضطراراً، يزداد اللجوء إلى الرضاعة الاصطناعية لأطفالهن على حساب الرضاعة الطبيعية. وفضلاً عن عمل المرأة الذي يتفق الجميع على أنه السبب الأول في إهمال الرضاعة الطبيعية الكاملة للمواليد الجدد، يذكر أطباء مختصون في شؤون الأمومة والطفولة أسباباً أخرى، ومنها «تغيّر النظام المعيشي والإشهار المغرض والجذاب للحليب الاصطناعي والذي يقدِّمه في صورة مثالية ويزعم أنه بديلٌ حقيقي لحليب الأم، وكذا الاعتبارات الجمالية للمرأة، حيث تعتقد الأم الشابة خطأ أن الرضاعة الطبيعية تُفسد قوامَها، وكذا إحساسها بأنها تفتقد إلى حليب كاف لتغذية رضيعها، ونقص وعيها بأهمية حليب الأم في وقاية الطفل من الأمراض حاضراً ومستقبلاً» بحسب عثمان حمزاوي، طبيب مختص في مصلحة الأمومة والطفولة بمستشفى تيزي وزو. أما الدكتورة زبيدة طويمر، فأشارت إلى أفكار أخرى خاطئة لدى الأمهات ومنها الامتناع عن إرضاع أطفالهن أثناء تناولهن أي دواء، أو إصابتهن بأية أمراض. حملات توعية لمعالجة الوضع، شرعت وزارة الصحة بتنظيم حملات توعية بين الفينة والأخرى، قصد إقناع الأمهات بـ«العودة» إلى الرضاعة الطبيعية بشكل أساسي، وتقليل الاعتماد على الحليب الصناعي إلا في حالة الضرورة، ويشارك في هذه الحملات أطباءٌ مختصون في الولادة وطب الأطفال، والذين يركزون عادة على دور حليب الأم في التقليل من وفيات الرّضع، وضمان نموّ صحي جيّد للطفل جسديا ونفسيا، والحصول على حاجته من الغذاء باعتباره وجبة متكاملة غنية بمختلف المكوِّنات الغذائية الضرورية للطفل، وحصوله على حاجته من الحنان والحب، وبأنه أفضل تطعيم طبيعي ضد الأمراض؛ حيث إنه مادة بيولوجية حيوية مركّزة تحتوي على خلايا مناعية تقي الطفل من الأمراض لعدة سنوات. ويؤكد الأطباء في حملاتهم أن الأطفال الذين لم يتلقوا تغذية كافية بحليب الأم، يكونون عرضة للعديد من الأمراض ومنها الإسهال المزمن والالتهابات الرئوية في الصِّغر، والسمنة والسكري وارتفاع ضغط الدم الشراييني والاضطرابات العاطفية الناجمة عن نقص الحنان وأمراض أخرى في الكِبر. ويركز الأطباء في حملاتهم أيضاً على أن الرضاعة الطبيعية تحمي الأم نفسها من العديد من الأمراض، يقول مدير «المعهد الوطني للصحة العمومية» الدكتور كمال كلو «ثبُت علمياً أن الأم المرضعة تقلُّ لديها احتمالات الإصابة بسرطان الثدي كثيراً عن الأم غير المرضعة»، بينما يؤكد الدكتور حمزاوي أن «الرضاعة الطبيعية تسهم في تقليص خطر الإصابة بسرطان الثدي والرحم في فترة ما قبل انقطاع الطمث كما تجنِّب المرضع البدانة، وتساعدها على تجنب الحمل وفق شروط معينة ودون استعمال حبوب منع الحمل أو اللولب». وتحصي الجزائر سنوياً ما يناهز 10 آلاف حالة سرطان ثدي في أوساط السيدات، ويتوفى منهن 3500 سيدة بسبب الاكتشاف المتأخر لإصابتهن وعدم جدوى علاج الإصابة في مراحلها المتقدمة، ويدعو المختصون الأمهات إلى «العودة» إلى الرضاعة الطبيعية لعلها تسهم في الحدّ من الإصابات بهذا المرض والتي تتزايد من عام إلى آخر. مستشفيات صديقة الرضع يؤيّد رئيس مصلحة الأمومة والطفولة بمستشفى مصطفى باشا بقلب الجزائر العاصمة جميل لبّان فكرة إقامة «المستشفيات صديقة الرّضع» بالجزائر، والتي بدأ أكثر من 20 ألف مستشفى في العالم بانتهاجها في السنوات الأخيرة بغرض تكثيف الرضاعة الطبيعية بناءً على توصية من منظمة الصحة العالمية واليونيسكو، بينما يطالب آخرون بتمكين النساء العاملات من ساعات عمل أقل من الرجال لضمان تواجدهن بجنب رضَّعهن لساعات أطول.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©