الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإسلام يحرم الأسئلة الجدلية منعاً للمشقة والإثم

الإسلام يحرم الأسئلة الجدلية منعاً للمشقة والإثم
11 أغسطس 2011 22:13

اشتد نهي الله ورسوله عن كثرة السؤال والتردد على رسول الله بالسؤال والتعمق في الجدليات، مثل سؤال الرجل عن نسبه وسؤال الأعرابي عن الحج في كل عام قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليم قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون) «المائدة 101 - 103». هذا تأديب من الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين ونهي لهم حتى لا يسألوا عن أشياء لا فائدة لهم فيها لأنهم إن علموها ربما ساءتهم وشق عليهم سماعها، كما جاء في الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يبلغني أحد عن أحد شيئاً إني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر». ويقول الدكتور خالد أبو جندية - أستاذ اللغة العربية بكلية الدعوة بجامعة الأزهر - نزلت هذه الآية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان قومه يسألونه عن أشياء ليست لها فائدة ولا قيمة وبعضهم يسأله على سبيل الامتحان لنبوته وأحياناً على سبيل الاستهزاء والسخرية فأنزل الله سبحانه وتعالى هذه الآية. وفي تفسير ابن كثير: نهى الله تعالى المؤمنين في هذه الآية عن كثرة سؤال النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الأشياء قبل تكوينها وإن سألوا عن تفصيلها بعد نزولها تبين لهم حقيقتها وألا يسألوا عن الشيء لعله يحرم من أجل تلك المسألة ولهذا جاء في الصحيح «إن أعظم المسلمين جرماً من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته». قدوة ويتجه السياق إلى تربية الجماعة المسلمة وتوجيهها إلى الأدب الواجب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعدم سؤاله عن أشياء لم يخبره الله عنها مما لو ظهر لساء السائل وأحرجه أو ترتب عليه تكاليف لا يطيقها أو ضيق عليه في أشياء وسع الله فيها أو تركها بلا تحديد رحمة بعباده. وكان بعضهم يكثر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من السؤال عن أشياء لم يتنزل فيها أمر أو نهي أو يلح في طلب تفصيل أمور أجملها القرآن وجعل الله في إجمالها سعة للناس أو في الاستفسار عن أمور لا ضرورة لكشفها، فإن كشفها قد يؤذى السائل عنها أو يؤذى غيره من المسلمين. وجاء القرآن ليقرر عقيدة ويشرع شريعة ويربي أمة وينشئ مجتمعاً ويكون الأفراد وينشئهم على منهج عقلي وخلقي من صنعه ويعلمهم أدب السؤال وحدود البحث ومنهج المعرفة وما دام الله هو الذي ينزل هذه الشريعة ويخبر بالغيب فمن الأدب أن يترك العبيد لحكمته تفصيل تلك الشريعة أو إجمالها وأن يتركوا له كشف هذا الغيب أو ستره وأن يقفوا في هذه الأمور عند الحدود التي أرادها العليم الخبير، لا ليشددوا على أنفسهم بتنصيص النصوص والجري وراء الاحتمالات والفروض والجري وراء الغيب يحاولون الكشف عما لم يكشف الله عنه وما هم ببالغيه والله أعلم بطاقة البشر واحتمالهم فهو يشرع لهم في حدود طاقتهم ويكشف لهم من الغيب ما تدركه طبيعتهم، وهناك أمور تركها الله مجملة أو مجهلة ولا ضير على الناس في تركها هكذا كما أرادها الله ولكن السؤال - في عهد النبوة وفترة تنزل القرآن - قد يجعل الإجابة عنها متعينة فتسوء بعضهم وتشق عليهم كلهم وعلى من يجيء بعدهم. الأحكام وقال بعض العلماء: نزلت هذه الآية حين سأل القوم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البحيرة والسائبة والوصيلة والحام، وهي أسماء لمواش تحدث عنها القرآن الكريم بعد انتشار بعض المعتقدات الخاطئة عند العرب قبل الإسلام وكانوا يحرمون الاستفادة من بعضها بالأكل أو الانتفاع فأنزل الله آيات تحرم هذا الاعتقاد غير الصحيح وتؤكد أن هذه الحيوانات حلال. ونهى الله الذين آمنوا أن يسألوا عن أشياء يسوؤهم الكشف عنها وأنذرهم بأنهم سيجابون عنها إذا سألوا في فترة الوحي في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وستترتب عليهم تكاليف عفا الله عنها فتركها ولم يفرضها ثم ضرب لهم المثل بمن كانوا قبلهم - من أهل الكتاب - ممن كانوا يشددون على أنفسهم بالسؤال عن التكاليف والأحكام، فلما كتبها الله عليهم كفروا بها ولم يؤدوها، ولو سكتوا وأخذوا الأمور باليسر الذي شاءه الله لعباده ما شدد عليهم، وما احتملوا تبعة التقصير والكفران. ورأينا في سورة البقرة كيف أن بني إسرائيل حينما أمرهم الله أن يذبحوا بقرة بلا شروط ولا قيود كانت تجزؤهم فيها أي بقرة ولكنهم أخذوا يسألون عن أوصافها ويدققون في تفصيلات هذه الأوصاف وفي كل مرة كان يشدد عليهم ولو تركوا السؤال ليسروا على أنفسهم. وعن أنس - رضي الله عنه - قال: كان قوم سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أحفوه بالمسألة وغضب فصعد المنبر فقال: «لا تسألوني اليوم عن شيء إلا بينته لكم» فجعلت أنظر يميناً وشمالاً، فإذا كان رجل يغطي رأسه في ثوبه يبكي يدعى لغير أبيه فقال: يا رسول الله من أبي؟ قال «حذافة»: ثم قال عمر: رضينا بالله رباً وبالإسلام دينا وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - رسولاً نعوذ بالله من الفتن». وعن علي - رضي الله عنه - قال: لما نزل قوله تعالى: «ولله على الناس حج البيت» قال رجل: يا رسول الله أفي كل عام؟ فأعرض عنه - صلى الله عليه وسلم - حتى عاد وسأل مرتين أو ثلاثاً فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما يؤمنك أن أقول نعم؟ والله لو قلت نعم لوجبت ولو وجبت ما استطعتم فاتركوني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه». أسئلة المؤمنين المتأمل في السنة النبوية يجد أمثلة كثيرة تدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسأله قومه ويجيب بما أنزل الله عليه من علم، قال المغيرة ابن شعبة - رضي الله عنه -: لما قدمت نجران سألوني فقالوا: إنكم تقرؤون يا أخت هارون وموسى قبل عيسى بكذا وكذا فلما قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سألته عن ذلك فقال: «إنهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين قبلهم». لقد أراد الله أن يخفف من أسئلة الناس في الأمور التي تؤدي بهم إلى المشقة والتعب وتسيء إليهم. وتقبل الله من رسوله أسئلة المؤمنين عن قواعد الشريعة مثل سؤالهم عن الخمر والأهلة والحيض والشهر الحرام وغيرها، أما الأسئلة الأخرى فقد قال الله في شأنها: «عفا الله عنها والله غفور حليم».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©