الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حكايات من التراث قصة بيت من الشعر

9 أكتوبر 2006 22:31
حكى القاضي يحيى بن أكثم قال: دخلت يوماً على الخليفة هارون الرشيد ولد المهدي وهو مطرق مفكر فقال لي: أتعرف قائل هذا البيت: الخير أبقى وإن طال الزمان به..والشر أخبث ما أوعيت من زاد فقلت: يا أمير المؤمنين إن لهذا البيت شأناً مع عبيد بن الأبرص فقال: عليّ بعبيد، فلما حضر بين يديه قال له: أخبرني عن قضية هذا البيت• فقال: يا أمير المؤمنين كنت في بعض السنين حاجاً فلما توسطت البادية في يوم شديد الحر سمعت ضجة عظيمة في القافلة ألحقت أولها بآخرها• فسألت عن القصة فقال لي رجل من القوم: تقدم تر ما بالناس• فتقدمت الى أول القافلة، فإذا أنا بشجاع فاغر فاه كالجذع، وهو يخور كما يخور الثور، ويرغو كرغاء البعير، فهالني أمره وبقيت لا أهتدي الى ما أصنع في أمره فعدلنا عن طريقه الى ناحية أخرى، فعارضنا ثانياً فعلمت أنه السبب، ولم يجسر أحد من القوم أن يقربه فقلت: أفدي هذا العالم بنفسي، وأتقرب الى الله تعالى بخلاص هذه القافلة من هذا• فأخذت قربة من الماء فتقلدتها وسللت سيفي وتقدمت، فلما رآني قربت منه سكن، وبقيت متوقعاً منه وثبة يبتلعني فيها• فلما رأى القربة فتح فاه فجعلت فم القربة فيه، وصببت الماء كما يصب في الإناء فلا فرغت القربة تسيب في الرمل، ومضى فتعجبت من تعرضه لنا وانصرافه عنا من غير سوء لحقنا منه• ومضينا لحجنا ثم عدنا في طريقنا ذلك• وحططنا في منزلنا ذلك في ليلة مظلمة مدلهمة، فأخذت شيئاً من الماء وعدت الى ناحية عن الطريق فقضيت حاجتي، ثم توضأت وصليت وجلست أذكر الله تعالى فأخذتني عيني، فنمت مكاني، فلما استيقظت من النوم لم أجد للقافلة حساً وقد ارتحلوا، وبقيت منفرداً لم أر أحداً ولم أهتد الى ما أفعله، وأخذتني الحيرة وجعلت أضطرب، وإذا بصوت هاتف أسمع صوته ولا أرى شخصه يقول: يا أيها الشخص المضل مركبه..دونك هذا البكر منا تركبه حتى إذا ما الليل زال غيهبه..ما عنده من ذي رشاد يصحبه وبكرك الميمون حقاً تجنبه..عند الصباح في الفلا تسيبه فنظرت فإذا أنا بجمل بكري قائم عندي، وجملي الى جانبي فأنخته، وركبته وجنبت بكري فلما سرت قدر عشرة أميال لاحت لي القافلة، وانفجر الفجر ووقف البكر، فعلمت أنه قد حان نزولي فتحولت الى بكري وقلت: يا أيها البكر قد أنجيت من كرب..ومن هموم تضلّ المدلج الهادي ألا تخبرني بالله خالقنا من ذا..الذي جاد بالمعروف في الوادي وارجع حميداً فقد أبلغتنا مننا..بوركت من ذي سنام رائح غادي فالتفت الجمل البكر إليّ وهو يقول: أنا الشجاع الذي ألفيتني رمضاً..تكرّماً منك لم تمنن بأنكاد فجدت بالماء لما ضنّ حامله..والله يكشف ضر الحائر الصادي فالخير أبقى وإن طال الزمان به..والشر أخبث ما أوعيت من زاد هذا جزاؤك مني لا أمنّ به..فاذهب حميداً رعاك الخالق الهادي فعجب الرشيد من قوله، وأمر بالقصة والأبيات عنه، وقال: لا يضيع المعروف أين وضع•
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©