الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بوتين واختبار واشنطن

5 فبراير 2017 21:57
في الأسبوع الماضي، تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأميركي دونالد ترامب عبر الهاتف، في مكالمة كانت مرتقبة جداً ودامت حوالي ساعة. وللتذكير، كان ترامب أكد، طيلة الحملة الانتخابية والفترة الانتقالية، على أنه سيكون على وئام مع بوتين، ملمّحاً إلى تعاون وثيق بين الجانبين. وخلال الأسبوع الذي تلا المكالمة، عرف القتال تصعيداً دراماتيكياً في شرق أوكرانيا التي تدعم فيها روسيا المقاتلين وتمدهم بالعتاد. تصعيد كان من نتائجه ترك 25 ألفاً من المواطنين الأوكرانيين في «أفديفكا» من دون كهرباء أو تدفئة أو ماء، وفق «مركز المدنيين في النزاعات». وخلال الأسبوع نفسه، زعم محامي الناشط المعادي للكريملن فلاديمير كارا-مورزا إنه يشتبه في أن يكون موكله قد تعرض للتسميم مرة أخرى، وهو يعتقد أن المرض الذي كاد يودي بحياته في 2015 كان نتيجة سم! وكل هذه الأمور جعلت كثيرين في واشنطن يتساءلون حول ما إنْ كانت موسكو تسعى لاختبار واشنطن، وتريد أن تعرف إلى أي مدى تستطيع أن تضغط على الرئيس الأميركي الجديد. وفي هذا الإطار، نشر السيناتور الديمقراطي بوب مينينديز (عن ولاية نيوجيرسي) تغريدة على تويتر، قال فيها «يجب فتح تحقيق في إمكانية تعرض زعيم حقوق الإنسان الروسي فلاديمير كارا-مورزا للتسميم. لنعطِ روسيا إنذاراً». من جانبه، أصدر السيناتور الجمهوري جون ماكين (عن ولاية أريزونا) بيانين منفصلين. أحدهما حذّر ترامب: «ضمن أول اختبار مما سيكون اختبارات لإدارتك الجديدة نفسها، شنت روسيا والقوات الوكيلة لها هجمات على القوات الأوكرانية هذا الأسبوع». هذا في حين قال البيان الآخر: «يجب على الولايات المتحدة أن تستمد القوة من النموذج الذي يمثله (كارا-مورزا) وتطالب بإحالة المسؤولين إلى العدالة». ولكن في بعض المحافل، اتخذت الإدارة الجديدة موقفاً تقليدياً. فقد نددت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هالي بالأعمال الروسية في أوكرانيا يوم الخميس، وقالت إن العقوبات الأميركية ستظل قائمة إلى أن تعيد روسيا السيادة الأوكرانية وتحترمها. ولكن بعض المراقبين في واشنطن وفي أوروبا يتساءلون حول ما إنْ كان دعم أوكرانيا يمثل حقاً أولوية بالنسبة للإدارة الأميركية الجديدة. وفي هذا السياق، تقول هيذر كونلي من «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية»: «أعتقد أن الأحداث في أوكرانيا تشكّل اختباراً لمدى الاستعداد (في الولايات المتحدة) لدعم كييف». وتشير «كونلي» إلى أنه كانت ثمة دائماً انتهاكات صغيرة لوقف إطلاق النار هناك، ولكن الستة أيام الأخيرة كانت هي الأخطر على الإطلاق. وأضافت قائلة إن روسيا أخذت تكثف أنشطتها من القطب الشمالي إلى شرق المتوسط قصد معرفة الكيفية التي ستكون عليها ملامح السياسة الأميركية (والأوروبية) الجديدة. رأيٌ يشاطره داليبور روهاك من «معهد المشروع الأميركي» في واشنطن الذي يقول: «لقد شجع انتخاب ترامب الكريملن بالنظر إلى أن الرئيس الأميركي الجديد تعهد بالسعي لإقامة علاقات جيدة مع بوتين وألمح إلى رفع العقوبات». وأضاف قائلاً إن موقفاً شرساً في أوروبا الشرقية سيساعد روسيا في أي مفاوضات مقبلة حول التعاون بخصوص محاربة الإرهاب، سواء كان ذلك «حقيقياً أو متخيلاً». ولكن البعض لا يرى اختباراً، وإنما استغلالاً من جانب بوتين لرئيس جديد مطاوع. وفي هذا الصدد، يعتقد آندرز أسلوند من «المجلس الأطلسي» أن الزعيمين متوافقان أيديولوجياً، وهو الأمر الذي يطلق يد بوتين. ويقول أسلوند: «إن ما نراه حالياً هو أن إدارة ترامب تبدو حقاً مفتتنة ببوتين وببلاده لأي سبب». غير أن ثمة احتمالاً آخر: ألا تكون للتطورات الأخيرة أي علاقة ببوتين أو ترامب أو أي مناورات عالية المستوى بينهما. «إنه ليس تسلسلاً هرمياً يشتغل بنجاح وفعالية دائماً»، يقول ماثيو روجانسكي من «مركز ويلسون»، في إشارة إلى الزعامة السياسة لروسيا. ذلك أنه لا موسكو ولا كييف لديها سيطرة دائمة ومباشرة على المقاتلين على أي الجانبين في أوكرانيا الشرقية، واللذين من الممكن أنهم يسعيان للاستفادة من الوضع الحالي، كما يقول. وأضاف أن كارا-مورزا ربما لم يتعرض للتسميم من جديد، وربما أن الأمر يتعلق فقط بعودة للأعراض القديمة نفسها. وعلى رغم نوايا ترامب إقامة علاقات إيجابية أكثر مع موسكو، إلا أن تركة الارتياب المتبادل قد تكون هي العقبة الأكبر التي تواجهه. فحين يتعلق الأمر بالعلاقات الأميركية- الروسية، فإن كلا من الجانبين يفترض عادة أسوأ النوايا في الآخر، وهذا ما زال هو واقع الحال، على ما يبدو، بغض النظر عن هوية الرئيس الذي يجلس في المكتب البيضاوي. * محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©