الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محمد زاهر: كسر قوانين الخطوط يحملني إلى آفاق أوسع

محمد زاهر: كسر قوانين الخطوط يحملني إلى آفاق أوسع
3 أغسطس 2012
(القاهرة) - بدأت علاقة الفنَّان التشكيلي محمد رفيق زاهر بالخط العربي منذ الخامسة عشرة من عمره، ولم يكن قد تتلمذ على أي من الخطاطين المعروفين، ثم حصل على بكالوريوس الهندسة المعمارية عام 1983، ولم ينس عشقه للفن التشكيلي والخط العربي، والذي كان دافعه الأوحد في تناوله هو التمرد وإثبات الهوية العربية الإسلامية، والخروج بقيمته من مجرد اتباع أصول وقوانين ثابتة إلى مجال أكثر اتساعاً ورحابة، كون الحروف قطع منفردة بذاتها من الناحية التشكيلية، مما يسمح بالتعامل معها كمفردات إبداع متجاوزة الانحصار داخل قانون الخط ذاته، لتوظيف الفن في ترجمة أمثال من القرآن الكريم في صياغات وتراكيب ذات معاني متعددة. ويقول زاهر: إن مدخلي إلى عالم الخط العربي هو التناول من زاوية تخرج بنا من ضيق القيود الكلاسيكية إلى آفاق أكثر حرية، حيث تبدأ اللوحة بالرسم اليدوي من خلال أدوات تقليدية ثم يتم تحويل المادة إلى المجال الرقمي لسعة التعامل، ويقوم عمق الفكرة في المقام الأول على تأملات خاصة بالموضوع، كما كان الحال في مجموعة معرض 2008، وهى قائمة على مجموعة تأملات خاصة بـ “إبليس” وما ورد إلينا عنه في القرآن الكريم، وكيفية تلبيسه على الإنسان، وقد صحبت اللوحات المعروضة مجموعة قصائد شعرية في كتيب مرفق بالدعوات. وكان زاهر قد تخيل في ذلك المعرض - وجه النار ووجه القمر - طرق إبليس في الإغواء وكيفية تجنبها من خلال 24 لوحة تصوّر لـ 24 قصيدة، موضحاً أن كلاً منها تتضمن معنى عبّر عنه من خلال الصورة والامتزاج اللوني. كسر القوانين وقال إنه من الطبيعي أن يدخل الشيطان إلى الإنسان في هيئة فكرة أو خاطر وليس كما يُصور في الميديا كمخلوق له شكل بشع، ففي لوحة سماها “واحد إثنين ثلاثة” لا ينتبه الإنسان إلى ذنوبه الصغيرة التي قد تتجمع وتصبح معاصي، فهو يستهزئني بها ويقترب منها “واحد اثنين ثلاثة”، وهو يقنع نفسه بأنه يمكنه الرجوع عنها “ثلاثة اثنين واحد”، لكنه يشعر باستحالة ذلك ويجد نفسه عاصياً، لذا يدعو بدوره كفنان الإنسان إلى عدم الاستهتار بالذنوب مهما صغرت. ?وأوضح أن الخطين الثلث والديواني هما أقرب الخطوط المصنفة إلى نفسه، إلا أنه دوماً يهدف إلى كسر قوانين تلك الخطوط إلى آفاق فنية حرة تحملنا إلى مجالات تعبيرية أوسع، حيث أن المساحة اللانهائية من الغموض التي يحملنا إليها الخط العربي تجعله معينا لا ينضب للإبداع لدى كل فنان صادق، كما إن ارتباط الخط العربي بالنص الديني يعطيه البعد الأسطوري الغامض الذي يوقع الاتصال مع المتلقي، ويوقد شرارة الاتصال غير الملموس بالرب المعبود. ?وأشار إلى أن الفن الإسلامي يحمل ذخيرة هائلة من السحر والفلسفة والعمق والغموض، وهي مجموعة المعاني التي يبحث عنها كل متأمل في الفن، والتي يعبر عنها كل فنَّان حق. وأكد أن دراساته الإسلامية في الماجستير عن العمران الإسلامي والدكتوراة عن تخطيط المدن الإسلامية أظهرت له عمق وأصالة الحضارة الإسلامية في فهم احتياجات الإنسان في كافة المجالات مما لا يدع مجالا للشك في حقيقة قيام الحضارة الأوروبية على أصول الحضارة الإسلامية، رغم غروب شمسها في الوقت الراهن، فقد انتقلت الفلسفة وكثير من العلوم كالطب والفلك إلى الغرب عن طريق الحضارة الإسلامية، وترجم الغرب كتباً كثيرة للعرب المسلمين، بل كانت الجامعات الأوروبية تُدرس كتب ابن سينا وغيره طيلة ستة قرون، حيث كانت أوروبا تعيش حالة من الظلام والجهل، ففتحت أوروبا عينها للعلم عن طريق الحضارة الإسلامية، وهو ما شهد به كثير من كُتَّابهم المنصفين. ?وأكد زاهر أن العمارة الإسلامية على مستوى البيوت السكنية وعموم العمران هي ترجمة ونتاج صادق، ومباشر لكل المشاعر السامية والأحاسيس المرهفة لدى الإنسان المسلم، ومن ذلك المشربيات التي فرضتها رغبة الخصوصية في داخل البيت المسلم، حيث تمكن من الرؤية من الداخل إلى الخارج فقط، كما أنها تلطف الجو في البلاد الحارة، ولم يعد تحقيق وظيفة المشربية يرتبط بتصنيع الأخشاب التقليدية، ولكن مجال التحقيق أصبح يتسع لمواد عديدة وفقاً لتكنولوجيا التحقيق وجغرافية المجتمع، ومن ذلك تطبيق المبدأ من خلال خلايا ضوئية تغلق وتفتح الفتحات كمثال مطبق في المركز الإسلامي بباريس. سحر المعنى وأوضح أن الأندلس يشهد لها تاريخياً في السبق للتعبير عن إمكانات الحضارة الإسلامية في التعامل مع الأمطار والسيول من خلال القناطر والكباري المعلقة والخزانات المتفهمة لطبيعة البلاد في شبه الجزيرة الأسبانية، وكانت مياه الأمطار تتجمع بين الأسقف الجمالونية في مدن الأندلس الإسلامية في قنوات تصب في ميازيب عثر على واحد منها في قاعات قصر الخلافة، كما صممت أسقف التكوينات المعمارية بمدينة القيروان بميل معين يسمح باتجاه مياه المطر إلى خزانات صممت لتخزين المياه عرفت بالمواجل، وهي إما أن تكون عادة يشرب منها العامة مثل الموجودة في المهدية والقيروان، وما زال أحدها موجوداً وهو الذي شيده أحمد بن محمد بن الأغلب، ويعرف بين أهل تونس بفسقية الأغالبة، وتستقبل المياه من وادي مرج الليل في فترة الأمطار. وأشار إلى أن سعة اعتماد الفن الإسلامي على الرمز وغموض سحر المعنى فيه، يتضح في أن الزخارف الهندسية تحمل المتأمل لها إلى عالم لامحدود من الخيال، وذلك أحد أهداف العقيدة، حيث تبتعد بالرائي عن فكرة التجسيد للأفكار بصورة محدودة، ومن أروع ما برع فيه الفن الإسلامي هو الاعتماد على الرمز في التعبير الفني أو ما اصطلح على تسميته بـ “الخفي في الجلي”، وذلك أمر يعلو بالفنان من مرتبة المؤدي إلى مرتبة المفكر المبدع، وأن ذلك ما يستهويه شخصياً في مجال تطوير الخط العربي من مجرد فن مسطح إلى فن ذو عمق.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©