الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رمضان بداية صحيحة لتعديل السلوك والتحكم في ردود الأفعال

رمضان بداية صحيحة لتعديل السلوك والتحكم في ردود الأفعال
3 أغسطس 2012
(أبوظبي) - يحرص الكثير من الصائمين في شهر رمضان على تنظيم أوقاتهم وملء الفراغ بما هو مفيد وطارد للملل، وهم يقومون خلاله بأداء الفرائض الدينية والواجبات الأسرية والمهنية أكثر من أي وقت آخر، فما السر من ذلك وهل لشهر الصيام وحده الفضل في تجميل الصورة وإخراجها إلى العلن بأفضل المظاهر؟ أم أن النية من وراء أعمال الصائم هي المسؤولة أولا وأخيرا عن تصرفاته؟ وتتحدث مروى الإمام وهي مدرسة لغة عربية عن حتمية حدوث التغيرات بين الصائمين خلال شهر رمضان، وتقول إن الشهر الفضيل يفرض بطبيعته سلسلة أمور تحتم على الجميع الالتزام بها وفق أفضل السلوكيات. وتذكر أن حياتها الشخصية مع زوجها وأبنائها تختلف هذه الأيام عن المعتاد بما يوجد حالة جديدة من التعايش لا علاقة لها بالروتين اليومي. وتشير مروى إلى أن يومها الرمضاني يمر بيسر ولاسيما مع تزامن الإجازة المدرسية. إذ إنها تضع برنامجا مريحا لنفسها توفق فيه ما بين شؤون البيت والطهي، مع تخصيص أوقات معينة في اليوم لقراءة القرآن والتسابيح. وكذلك للاهتمام بأبنائها والخروج برفقة زوجها للتبضع من السوق والقيام ببعض الزيارات العائلية. وترى أن شهر رمضان يبث في النفوس طمأنينة معينة ويشجع على رسم الأهداف بمجرد أن الصائم يستيقظ مع بداية اليوم على أمل أن يأتي موعد الإفطار. وأكثر ما ترتاح إليه خلال الصيام أنها تبتعد عن الفوضى وتشعر بالتمام أسرتها حول مائدة واحدة. وهذا ما تفتقده خلال الأيام العادية لانشغال كل منهم بمواعيد الجامعة والوظيفة. شهر البركة أما حليمة الشامسي وهي أم لـ 4 أبناء فتذكر أن شهر رمضان ببركته يفرض على بيتها أجواء من الفرح تزيد عن أي وقت آخر. وتعتقد أن السبب يعود إلى روحانية الشهر من جهة وإلى حال التنظيم التي تشمل كل فرد من الأسرة. حيث أن الجميع يستيقظون في الوقت نفسه، ويقيمون معظم الصلوات جماعة. كما أنهم جميعا يتشاركون في الأفكار حول أطباق مائدة الإفطار التي يتحلقون حولها يوميا وفي الموعد نفسه. وكذلك الأمر بالنسبة للسحور الذي يجمع الأسرة فيما ما هو مغاير للعادة. وتقول حليمة إنها تحرص دائما على تذكير أبنائها بأن شهر رمضان لا يفرض على المسلمين الصيام عن المأكل والمشرب وحسب، وإنما كذلك عن قول السوء. وهي بذلك تحثهم على حسن الخلق وعلى التصرف بأسلوب راق بعيدا عن العصبية والتأفف. وهذا ما تتمنى لو يسود طوال أيام السنة، لأن عملية التحكم بالسلوكيات عامة يجب ألا تقتصر على شهر رمضان. وتلفت إلى أن الرضا عن النفس والقناعة بأداء الواجبات الدينية والأسرية والاجتماعية، هي السبب المباشر للسعادة التي يشعر بها الصائم مع انقضاء يومه. وهو ما ينطبق عليها وعلى أفراد أسرتها التي ما عهدت أن تراهم على هذا النحو من التنظيم والتكاتف خارج أيام رمضان. إنتاج أكبر عن التغيرات التي يحدثها شهر رمضان في عادات الصائمين، يتحدث علاء درويش وهو موظف في أحد مكاتب المحاماة، ويؤكد أن أكثر ما ينعكس إيجابا على أجواء العمل في رمضان، أنها لا تشهد أي مشادات كلامية أو مشاحنات بين العملاء، وهذا أقل ما يمكن ملاحظته خلال أيام الصيام، إذ يرى أن السيطرة على اللسان هي أول ما يتوجب على الصائم فعله. ويعتبر علاء أن شهر رمضان يتضمن الكثير من المعاني الطيبة التي لو يلتزم الجميع بها على مدار السنة، لكان الوضع العام أفضل. ومنها غض البصر والتغاضي عن الجدل العقيم وإماطة الأذى عن الآخرين، وكذلك عدم الخوض في المشاكل المفتعلة. والتي تصب كلها في خانة المعاصي المكروهة في الإسلام. ويلفت علاء إلى أنه كمعظم الصائمين يتقصد أن يغير أسلوب حياته في شهر رمضان. ويلجأ في معظم أوقات الفراغ إلى أداء العبادات والتواصل مع الأرحام سواء بالزيارات أو عبر الهاتف. وهذه سلوكيات تعيده إلى نفسه حيث يكثر من محاسبتها والوقوف عند أخطائه ومحاولة الترفع عن الوقوع في الإثم أو الخطأ في حق الآخرين. من جهته يقول محمد عبد الصمد الذي يعمل في مجال الإعلانات، إنه في شهر رمضان يحاول قدر المستطاع أن يقلل من كلامه، ويذكر أن الصيام يجعله أكثر هدوءا وتركيزا على العمل من التلهي بالأحاديث أو القيام بالمكالمات الهاتفية المطولة. ويتمنى لو أنه يستطيع أن يكمل على هذا النحو خارج أيام رمضان، لأنه على عكس ما يظن البعض يحقق أعلى نسبة إنتاج مهني خلال الصيام. ويعتبر محمد أن السبب يعود إلى عدم انشغاله في شهر رمضان بأي أمر آخر وانحصار تفكيره في أمور العمل وحسب. وهو بذلك يعطي لكل واجب وقته، إذ إنه كما ينجز مهامه في المكتب على أتم ما يرا، كذلك يفعل في البيت. حيث يلبي متطلبات والدته ويقوم بنفسه بالمشتريات الضرورية لتحضير مائدة الإفطار، وذلك بهدف التخفيف عن والده، كما أنه يقيم الصلوات بحسب أوقاتها ولا يفوت فرضا في شهر رمضان، وهذا ما لا يقوى عليه في الأيام العادية، ويشير محمد إلى أن التنظيم الذي يفرضه شهر رمضان يكمن في الإرادة القوية التي يتحلى بها كل صائم، مما يجعله يصمم على تمرير اليوم بأكبر قدر من الإنجازات وبأقل قدر من السلبيات التي تتنافى مع مبدأ الصيام. استقرار داخلي وترى فاطمة مبارك وهي أم لـ 5 بنات وولد، أن أجمل الصور التي يتركها شهر رمضان تتمثل في اجتماع أفراد الأسرة والأقارب. إذ لا تقتصر “اللمة” على مواقيت الإفطار والسحور، وإنما كذلك خلال السهرات وفي المساجد وحتى أثناء الزيارات العائلية المتبادلة. وتقول إن مشهد التزاور الذي تفتقده الكثير من البيوت هذه الأيام، يعود بكثرة خلال الشهر الفضيل. وهذا ما يفرح القلوب ويعينها على مشقة الصيام والقيام بواجبات العمل بالرغم من الحر الشديد. وتذكر فاطمة أن عملية تنظيم الوقت بشكل تلقائي في شهر رمضان كفيلة بمساعدة الصائمين على الالتزام بمواقيت معينة بعيدا عن الروتين الذي يعيشونه خارج الصيام. وهو برأيها ما يدفعهم عن طيب خاطر إلى التحكم بسلوكياتهم والابتعاد عن العصبية المفرطة. ولاسيما أن انتظار موعد الإفطار يضع أمامهم هدفا مطمئنا كلما اقترب تحقيقه ترتفع درجة الصبر لديهم. وتورد الاستشارية النفسية الدكتورة دولي حبال أن الطمأنينة النفسية التي يحدثها شهر رمضان في الصائمين، هي العامل الأساس من وراء التغيرات الواضحة في ردود أفعالهم، وتوضح أن مسألة التعود على القيام بأمور معينة في الوقت نفسه من كل يوم، تزيد من حال الرضا لدى الكبار والصغار لأنها تساهم في الشعور بالمزيد من الاستقرار الداخلي. وتقول الدكتورة حبال أن الصائم يبحث دائما عن نهاية يختم بها صيامه بما يريحه ويعينه على كسب الأجر، الأمر الذي يدفعه إلى التصدي لمختلف أنواع المفطرات من مأكل ومشرب ولغو في الكلام أو التصرف، ولذلك فهو يضع لنفسه جدول أعمال ومواعيد يحرص على الالتزام بها كنوع من الهروب من الجوع ومواجهة أي فراغ يمكن أن يعكر صفوه. وتشرح الدكتورة دولي أن الحياة النمطية أو الروتين اليومي، من الأمور التي يحتاجها المرء عموما ويبحث عنها عن قصد أو بغير قصد. وتذكر أن الصائمين وإن كانوا يخرجون من حياتهم الاعتيادية ليدخلوا في شهر رمضان، غير أنهم يرتاحون لذلك، كما أنهم في العقل الباطن يدركون أهمية أي تغيرات تحدث في حياتهم خلال الصيام، لأنها تعينهم عليه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©