الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بدر الدين العيني عمدة العلماء ومعلم السلاطين

بدر الدين العيني عمدة العلماء ومعلم السلاطين
3 أغسطس 2012
(القاهرة) - العلامة بدر الدين العيني أحد الأئمة الأعلام وله اليد الطولى في التاريخ والفقه والحديث وعلوم القرآن والتفسير مما جعله يلقى حظوة كبيرة لدى السلاطين، وتقلد أرفع المناصب العلمية ‏والقضائية، وكان من أشهر المؤرخين في القرن التاسع الهجري. ويقول الدكتور سعد بدير الحلواني - أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر- ولد أبو محمد محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد، الملقب بـ “بدر الدين العيني” في 17 رمضان سنة 762 هـ، في درب كيكين، بقلعة عينتاب وإليها نسبته، وأصله من حلب، ونشأ في بيت علم وصلاح، وكان أبوه قاضياً وفقيهاً وتعهده بالرعاية والتعليم، ووجهه إلى طلب العلم في صباه بحفظ القرآن، وتعلم علوم اللغة، ولما بلغ الثامنة وتهيأ لتلقي العلوم، عكف على تعلم القراءات السبع للقرآن الكريم، ودرس الفقه الحنفي على يد والده وغيره من الشيوخ، وتلقى علوم العربية والتفسير والمنطق على عدد من علماء بلدته، ورحل إلى حلب سنة 783 هـ، طلباً للمزيد من العلم، وأخذ عن أشهر علمائها ولازم يوسف بن موسى الملطي، وقرأ عليه بعضاً من كتب الفقه الحنفي، ثم عاد إلى بلدته، وأراد استكمال تحصيله العلمي، فانتقل إلى دمشق ومكث بها فترة وأخذ الحديث بالمدرسة النورية، وفى سنة 786 هـ، خرج لأداء فريضة الحج، وفي أثناء إقامته بمكة والمدينة التقى علمائها وأخذ العلم عنهم، ثم عاد إلى وطنه، وجلس للتدريس، وأقبل عليه الطلاب من المناطق المجاورة، ثم رغب في زيارة بيت المقدس بفلسطين، فرحل إليها سنة 788هـ، ولازم الشيخ علاء الدين السيرامي وتتلمذ على يديه، وقدم معه إلى القاهرة في السنة نفسها. المدرسة الظاهرية واحتفى السلطان الظاهر برقوق بالشيخ السيرامي وولاه التدريس بالمدرسة الظاهرية، وألحق السيرامي تلميذه النابه مساعداً له، والتقى كبار العلماء أمثال سراج الدين البلقيني، ثم خلف شيخه السيرامي في التدريس بالمدرسة الظاهرية بعد رحيله سنة 790 هـ، ولم يلبث أن عزل بعد شهرين بسبب بعض الوشايات الكاذبة، وعاد بعدها إلى بلاده، وعكف على التدريس والتأليف، وعاوده الحنين لزيارة القاهرة، ولقي الترحاب، وولي الحسبة، وقضاء الحنفية، ونظر السجون، واتصل بالملك المؤيد حتى عد من أخصائه، وأرسله مبعوثاً عنه إلى بلاد الروم سنة ‏‏823 هـ - 1420م، ولما ولي الأشرف برسباي قربه من مجلسه، وساهمت إجادته للتركية في توثيق علاقته بالسلطان، فكان يجلس إليه يفسر له ما أشكل عليه في الفقه والشريعة ويعلمه ‏أمور دينه ويقرأ له كتب التاريخ وأسند إليه مهمة استقبال الوفود التي تأتي إليه وترجمة الرسائل التي ترد إليه من الدول ‏المجاورة.‏ وتصدر للاجتهاد والتدريس بالمدرسة المؤيدية والمحمودية حتى صار علماً متميزاً، وإماماً يشار إليه بالبنان، ورأساً يرحل إليه، وأقام مدرسة لنفسه قريباً من الجامع الأزهر سنة 814 هـ - 1411م، فقصده طلاب العلم والمعرفة للأخذ عنه الحديث وتلقى الفقه والتاريخ، وأوقف عليها كتبه لطلبة العلم، وتتلمذ عليه الكثيرون من النجباء المحققين. علمه وورعه وأشاد بعلمه وورعه العلماء واثنوا عليه، قال السخاوي: “كان إماماً عالماً علامة عارفاً بالصرف والعربية وغيرها حافظا للتاريخ وللغة كثير الاستعمال لها مشاركا في الفنون”، ووصفه ابن خطيب الناصرية بأنه: “إمام عالم فاضل مشارك في علوم وعنده حشمة ومروءة وعصبية وديانة”، وقال عنه أبو المحاسن: “كان بارعاً في عدة علوم مفتياً كثير الاطلاع، واسع الباع في المعقول والمنقول”. وخلف مصنفات علمية كثيرة في مختلف صنوف العلوم الشرعية واللغوية والتاريخ منها “عمدة القاري في شرح البخاري”، و”مغاني الأخيار في رجال معاني الآثار”، و”العلم الهيب في شرح الكلم الطيب”، و”تاريخ البدر في أوصاف أهل العصر”، و”مباني الأخبار في شرح معاني الآثار”، و”نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار”، و”البناية في شرح الهداية”، و”الدرر الزاهرة في شرح البحار الزاخرة”، و”المسائل البدرية”، و”السيف المهند في سيرة الملك المؤيد أبي النصر شيخ”، و”منحة السلوك في شرح تحفة الملوك”، “المقاصد النحوية”، و”فرائد القلائد”، و”طبقات الشعراء”، و”معجم شيوخه”، و”رجال الطحاوي”، و”سيرة الملك الأشرف”، و”المقدمة السوادنية في الأحكام الدينية”، و”شرح سنن أبى داود”. ويعتبر كتابه “عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان” من أضخم المؤلفات التاريخية وتقع مخطوطته في تسعة وستين مجلداً، تناول فيه الأحداث التاريخية منذ أول الخلق حتى سنة 850 هـ - 1447م، حيث قسمه إلى عصور، وهو من أهم المصادر وأدقها التي تناولت عصر الأيوبيين والمماليك، وحرص فيه على الإشارة إلى المصادر التي أخذ عنها مادته التاريخية، ولم يظهر من هذا الكتاب البالغ الضخامة سوى أربعة أجزاء، فقد حالت ضخامة الكتاب دون التصدي لتحقيقه ونشره، فبقي مخطوطاً في مكتبة ولي الدين باستانبول. وتوفي - رحمه الله - في 4 ذي الحجة سنة 855 هـ، ودفن بمدرسته التي أنشأها بعد أن صلى عليه المناوي بالأزهر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©