السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الرقابة على هواتف الأبناء ضرورة تفرضها أساليب التربية الصحيحة

الرقابة على هواتف الأبناء ضرورة تفرضها أساليب التربية الصحيحة
28 أغسطس 2014 22:16
الهواتف المحمولة صارت من أساسيات الحياة الحديثة، للشرائح العمرية كافة، غير أنه يمكن استخدامها في أشياء غير نافعة، وهدامة في بعض الأحيان، خاصة لدى الأبناء في مراحل العمر المبكرة، وهي مراحل خطرة وذات تأثير قوي على شخصية الإنسان ومسيرة حياته، ما يجعل بعض الآباء يسعون لمراقبة هذه الهواتف، بغية الاطمئنان على سلوكات أبنائهم من أنها تمضي في المسار الصحيح، غير أن هذه الرقابة تثير حفيظة بعض الأبناء وتخلق مشاكل مع أولياء أمورهم، ما يستلزم نوعاً من الوعي عند التعامل مع هذا الأمر من أجل الوصول إلى علاقات سليمة بين الآباء والأبناء، وبالتالي خلق الثقة بينهم، وهذا يسهم في النهاية في التربية السليمة وحسن توجيه الأبناء في هذه المراحل المهمة من حياتهم. تقول أسماء محمد، الطالبة بالصف الثالث الثانوي، إن هاتفها ليس له رقم سري وتتركه في أي مكان داخل المنزل أو حتى على الطاولة في أي مكان تجتمع فيه مع صديقاتها، لأنه ليس به ما تخشى منه، موضحة «احتراماً لهذه الثقة لا يقوم أي من والدي بمراقبة هاتفي، ولا أغضب أبداً إذا طلب أي منهم رؤية محتويات الهاتف، لأن ذلك منبعه الخوف علي وتوجيهي إلى ما يفيدني، إما إذا قام الوالد أو الوالدة بالتفتيش على محتويات الغالب من دون أن يخبراني، بالتأكيد سأشعر بالغضب وعدم الثقة منهم تجاهي، وهو ما لم يحدث ولا مرة في حياتي ولا أتمنى أن يحدث مستقبلاً». إحدى الخصوصيات على النقيض من ذلك، تورد صديقتها علياء همام، أن هاتفها يعتبر ضمن خصوصياتها، وهي تحرص على عدم اطلاع أحد على ما به، مستدركة أن ذلك «لا يعني أنه يحتوي على أشياء تسبب لها الخجل أو الحرج، بل إن ذلك احتراماً لخصوصيتها، حيث يحتوي الهاتف صوراً لها مع صديقاتها أثناء خروجهن وفي مناسباتهن المختلفة كأعياد الميلاد وغيرها، ولذلك يجب على أي شخص ألا يطلع على محتويات الهاتف من دون إذن حتى لو كان أحد الوالدين». وتشير إلى أنه في هذه الحالة وعندما يقوم الأب أو الأم أو حتى الأخ الأكبر بمراقبة الهاتف، فإن ذلك يزرع بذور الشك بينهما، وبالتالي تصبح العلاقة سيئة ولا تصارحه بأي من الأمور أو المشكلات التي ربما تصادفها في الحياة التي يمكن أن تتعرض لها الفتاة في مثل هذه السن. وتشير همام إلى أنها ومن خلال الاستماع إلى صديقاتها تعرف أن كثيراً من أولياء الأمور يقومون بالاطلاع على محتويات الهواتف الخاصة بأبنائهم، سواء برضاهم أو غير رضاهم، غير أن ذلك الأسلوب يجعل الأبناء يحرصون على محتويات هواتفهم دون أن يكون لذلك أثر على سلوكياتهم، حيث يقوم البعض بالاحتفاظ بشريحة تحمل رقماً آخر لا يعرف عنه الوالدان، أما البعض الآخر فيقوم باستمرار بمسح أي محادثات أو أرقام قد تثير لهم مشاكل إذا ما رآها أحد، مكتفين بحفظ هذه الأرقام في ذاكرتهم واستخدامها عند الحاجة ثم القيام بمسحها مرة أخرى من سجل المكالمات الصادرة والواردة. أفضل وسيلة علي المهيري، طالب بكلية التقنية العليا بأبوظبي، يقر من جانبه بأن أفضل وسيلة للتغلب على قلق الآباء من محتويات هواتف الأبناء، العلاقة القوية بين الأب وابنه التي من خلالها لا يحتاج الأب إلى مراقبة هاتف ابنه، حيث من الطبيعي أن تقود هذه العلاقة الأب إلى معرفة السلوك الحقيقي لابنه والتعرف إلى أي تغير يمكن أن يحدث إلى هذا السلوك، وإذا كان سلبياً يقوم بتوجيهه إلى الصواب بأسلوب حكيم واستناداً إلى العلاقة القوية مع ابنه، ولكن تفتيش الهاتف من وراء الأبناء سلوك لم يعد يجدي في العصر الحديث، فمن يريد أن يفسد سيمارس الفساد بكثير من الطرق ولن يقتصر ذلك على مجرد أرقام لأشخاص معينين أو مقاطع مرئية قد لا يرضى عنها الكثيرون. ويروي أحد الشباب (رفض ذكر اسمه)، أنه يعرف شخصاً معرفة عميقة وكان هاتفه مليئاً بصور ومواد مخلة، وفي أحد الأيام أصيب بآلام مفاجأة في المنزل وذهب إلى قسم الطوارئ بأحد مستشفيات أبوظبي برفقة العائلة، ونظراً لشدة الحالة المرضية التي كان بها نسي هاتفه داخل المنزل، وبعد فترة وحين عرف بعض الأصدقاء أنه مريض بالمستشفى قاموا بالاتصال به على هاتفه، وقام أحد أفراد العائلة بالرد على الهاتف، وبدافع الفضول وبعد أن أنهى المكالمة أخذ يتفحص الهاتف، ولكنه صُدم لكثرة ما به من مشاهد مؤذية، فما كان منه إلا أن قام بمسحها، ولكن صديقنا المريض بالمستشفى علم بهذا الموقف عندما اكتشف مسح هذه المحتويات، فكان من أكبر المواقف المحرجة له في حياته، وعاهد نفسه على ألا يعود إلى ذلك مجدداً، وصار أكثر قرباً إلى الله وتحرى الأخلاق في كل تصرفاته. الوالد الصديق محمد جميل، الطالب بالجامعة الأميركية في دبي، قال إنه ليس لديه أي مشكلة في أن يرى والده هاتفه، كون والده يعامله كصديق، ويعرف أن له صداقات مع كثير من الطلاب والطالبات من زملائه في الجامعة والأصدقاء من أيام الدراسة، والوالد على علم بأن كل هذه العلاقات تدور في إطار من الاحترام والأسلوب الراقي، وأنه كثيراً ما يدعو أصدقاءه وصديقاته إلى المنزل في حضور الأهل، ويعرفون أنهم على قدر كبير من الأخلاق والتربية، وبالتالي لا داعي للخوف من مجرد هاتف يحوي بعض الأرقام والبيانات الشخصية والمحادثات مع الأصدقاء. زميله حمزة محمد يشاركه الرأي نفسه، مؤكداً أن من يريد الفساد لا يجعل دليل فساده على الهاتف، حيث يمكن اكتشافه، مشيراً إلى أن الأخلاق الحسنة لا يفسدها جهاز هاتف أو غيره، ولذلك لا يمانع مطلقاً أن يعرف والداه ما يحتويه هاتفه النقال كون كل ما عليه أشياء عادية، لكنه يغضب من هذا السلوك فقط إذا تم بغير علمه، ومن وراء ظهره، وهو ما لم يحدث معه ولا يتوقع أن يحدث مستقبلاً، كونه تجاوز سن المراهقة وما يصاحبها من قلق بالغ من قبل أولياء الأمور على أبنائهم. أما خالد القبيسي الذي أنهى الثانوية العامة حديثاً، ويخطط لاستكمال تعليمه في الولايات المتحدة الأميركية، يوضح أن والده يعامله معاملة الرجال منذ بدأ يغادر مرحلة الطفولة، وهذه الثقة التي أولاها إياها تجعله يتصرف دوماً كشخص كبير، وبالتالي لا يمارس أي سلوك يستوجب اللوم أو العتاب من أحد الوالدين، أي أنه لا يمانع رؤية والده لهاتفه المحمول في أي لحظة كونه على ثقة تامة بأنه لم يمارس سلوكاً معيباً أو يحتفظ بشيء مناف للقيم والعادات الحميدة. متابعة غير مباشرة من جانبها، تؤكد الاستشارية الأسرية إنعام المنصوري، أهمية مراقبة هواتف الأبناء ضمن الملاحظة العامة لهم خلال عملية التنشئة، مشيرة إلى أن أهم دوافع الوالدين لرقابة هواتف أبنائهم، الحرص على الأبناء والتعرف إلى كيفية تواصلهم مع أصدقائهم والألفاظ والمصطلحات المستخدمة. وتنصح المنصوري بأن تكون تلك المتابعة بطريقة غير مباشرة، حتى لا تتأثر الثقة الموجودة بين أولياء الأمور والأبناء، علماً بأن الابن ذا السلوك القويم لا يغضب من هذه الرقابة بعكس من ينتهج سلوكات غير مقبولة اجتماعياً ولا دينياً، موضحة أن الرقابة المستمرة ضرورية جداً في مراحل العمر المبكرة، مبينة أنه ضمن الحالات التي جاءتها أن بعض الأطفال في سن 8 و9 سنوات وجدت على هواتفهم أشياء خاطئة تفوق بكثير قدرتهم على الاستيعاب في مثل تلك الأعمار الصغيرة، وهذه المحتويات جاءت من أفراد مقربين من العائلة، ويفترض أنهم على قدر كبير من الثقة ومن الصعب جداً أن يكونوا هم مصدر أذى للأطفال. وتشدد المنصوري على ضرورة أخذ الحيطة والحذر ومراقبة الأبناء خلال جميع مراحل النمو، وذلك باتباع أساليب علمية وتربوية صحيحة، قوامها بناء الثقة مع الأبناء، والأهم من ذلك اللجوء إلى الاختصاصين وذوي الخبرة إذا تم اكتشاف أي مشكلة وقع فيها أحد الأبناء كون المتخصصين، أقدر على معرفة الأسباب الحقيقية للمشكلة، ووضع الخطط وطرق علاجها بما يؤدي في النهاية إلى نشأة سوية لأبنائنا، خاصة أن كثيراً من الأبناء يخجلون في الاعتراف بكثير من الأمور لآبائهم، كما أن بعض الآباء ليس لديهم من الخبرة والمهارة والعلم أن يستخرجوا من أبنائهم أسباب المشكلات، وبالتالي مساعدتهم على حلها، ومنها مشكلات الانحراف السلوكي، التي ربما يكون الاحتفاظ ببعض الممنوعات على الهاتف مؤشراً واضحاً عليها، ما يستدعي تدخلاً فورياً ومباشراً من أولياء أمور الابن بمساعدة الاختصاصيين في هذا المجال. ضمن الحدود عن رأيه في الموضوع، يقول فايز محمد، مصمم جرافيك بإحدى المؤسسات في أبوظبي، يقول إن «مراقبة هاتف الولد تختلف تماماً عن مراقبة هاتف البنت، مع الولد هناك قدر من التسامح والتساهل بحكم نشأتنا الشرقية، ولكن في ظل حدود معينة، ومع نصائح غير مباشرة. وبالنسبة للبنت، أحياناً أقوم بعملية مراقبة مفاجئة ولكن بأسلوب مقبول وظريف، وغير ملحوظ». ويوضح «في حال وجود أي أشياء غير ملائمة على الهاتف، أتصرف بشيء من الحكمة والتعقل اعتماداً على أن التعامل الخشن يؤدي إلى نتائج عكسية، وبالتالي لن يعطي الولد أو البنت أماناً لوالده مرة أخرى، ولن يبوح له بأي مشكلة تواجهه خارج المنزل، حيث يمكن لولي الأمر أن ينجح في موقف بسبب العنف ولكنه يخسر كثيراً في المواقف الأخرى التي تؤثر سلباً على عملية التربية ومستقبل أبنائه».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©