الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فضيلة احترام الأديان

فضيلة احترام الأديان
10 أكتوبر 2006 22:12
الاتحاد - خاص: فى ظل التراشقات التى تحدث من حين لآخر بين بعض الديانات أصبح من المهم التركيز على فضيلة احترام الأديان، منعا للدخول فى تجاذبات من هنا أو تناحرات من هناك• وتأكيد على احترام الآخر، لأن التقليل من شأن دين بعينه يؤدى الى مشكلات كبيرة• كما أن الاشادة بدين وتحقير ثان تفضى الى تعقيدات دقيقة فى العلاقات الانسانية• وبالتالى فعلى كل من يتقدم صفوف الدعوة مراعاة الحساسيات المتراكمة، خاصة أن حالة الاستنفار بدأت تتزايد عند الشعوب بمختلف ألوانها• ويعتقد الباحث الاسلامى مسعود صبرى أن هناك إيمانا بين الأديان السماوية بقيمة ''التوحيد''• وأن الكل يؤمن بوجود إله لا يجوز سبه ولا تشويه صورته ولا الاعتداء عليه بأوصاف لا تليق• كما تؤمن كل الأديان بفكرة الرسول المبلغ عن ربه بما أوحى إليه، وأهمية العمل بمبادئ العدل والحق والمساواة والتكريم الإنساني والتعايش والحرية والستر والعفاف وغيرها من المبادئ المشتركة• وعندما يتوجه النقد اللاأخلاقي إلى قيمة من القيم، فهذا يعني أن ثمة خللا في هذه العقيدة، وإن كان هناك خاسر فى أزمة الرسوم الكاريكاتورية التى أساءت للرسول محمد، فهو الغرب المسيحي الذي لم يستطع أن يحافظ على قيمة التدين واحترام الأديان الأخرى• ويرتفع رصيد الدين الذي لا يسب أي نبي• فيحترم الإسلام الدين المسيحي، ويعتبر الإيمان بالأنبياء كلهم، بما فيهم المسيح عليه السلام جزءا لا يتجزأ من الإسلام، وشتان بين عقيدتين: عقيدة تعترف إحداها بالأخرى، وأخرى تجحد العقيدة التي تعترف بها• وهنا يتضح الفرق فيمن يحترم الأديان ومن يزدريها، ومن يؤمن بالحرية ومن يحاربها• يعترف الإسلام منذ فجر تاريخه بوجود الأديان الأخرى، مع تحفظه على التغيرات التي يرى أنها زورت وتغيرت في طبيعة الدين، لكنه يؤمن بأصل الدين• أما المسيحية فما زالت حتى الآن لا تعترف بالإسلام كدين، وهنا يبرز الإسلام كمصدر لتوحيد الشعوب، فهو يقبل التعددية العقدية، ويجعل طريق الدعوة إليه الحوار البناء مع مطلق الحرية، ويعلي من شأن القيم الإيجابية في العقائد الأخرى، لأنه تضمنها• ولذلك فإن من ينتقل إلى الإسلام لا يستشعر بردة عن عقيدته، بل يجد عقيدته وأوسع منها• وبعيدًا عن الإيمان بأية عقيدة، فإن الإسلام يرى أن البشر جميعا مستخلفون في الأرض• ويدعو القرآن الكريم المسلمين إلى الاشتراك مع غيرهم في تعمير تلك الأرض التي يعيشون عليها• وتعميرها يمثل رسالة الإسلام في جانب المعاش والحياة، ولا يجعل الاختلاف العقدي مانعًا من التواصل الإنساني الحميم• فى مؤتمر الدوحة الرابع لحوار الاديان بقطر بحث المشاركون في المؤتمر الذي عقد تحت عنوان ''دور الاديان في بناء الانسان'' عددا من المحاور المهمة تتعلق بالاديان أهمها الدين والعولمة وحرية التعبير والمقدسات الدينية والدين والمرأة والاسرة والتصالح والتعليم الديني والدين والتطورات العلمية المعاصرة• وشدد البيان الختامي على القواسم الأخلاقية المشتركة والاحترام المتبادل بين أتباع الديانات السماوية الثلاث وعدم المساس بالمقدسات والرموز الدينية• وأكد أن احترام المقدسات لا يتعارض مع الحق فى التعبير واعرب المشاركون عن تطلعهم الى استصدار تشريع دولى من الامم المتحدة يدعو الى احترام الاديان ويجرم الاساءة الى رموزها وبراءتها من الاعمال الارهابية وترويع الآمنين وقتل المدنيين المسالمين وشددوا على بشاعة هذه الاعمال التى يقوم بها بعض المتعصبين من اتباع الديانات• وطالب المؤتمر بالعمل الدؤوب لتصحيح المفاهيم المغلوطة وتنقية الكتب الدراسية والاعمال السينمائية والدرامية والعمل على ازالة سوء الفهم المتبادل لدى كل طرف ازاء الطرف الآخر• وأوصى بتشكيل لجنة متابعة لتفعيل توصياته والعمل على تنفيذها على أرض الواقع ووضع تصور تنفيذى لتأسيس مركز لحوار الاديان• وليكن احترام الأديان والمعتقدات واجبًا إنسانيا يدفع بسفينة الإنسانية إلى بر الأمان• أما طبيعة الاعتقاد فقد كفل الإسلام فيها الحرية• وينبغي أن تسعى الشعوب جميعا للتدين بما يؤمن كل أصحاب دين به، فلأن يكون الغرب مسيحيا متدينا، خير من أن يكون ملحدا، وهذا يعني أن تراجع الكنائس أدوارها مرة أخرى، وأن تحترم الشعوب بعضها بعضا، مع الاعتقاد بقبول التعددية العقدية• فلن يجتمع الناس على دين واحد، لأن الاختلاف سنة الله في الكون• وقد عني الإسلام برعاية أهل الكتاب، فقرر سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لهم كفالة في بيت مال المسلمين، فقد روي أنه مر بباب جماعة، فوجد سائلا يسأل ـ وهو شيخ كبير ضرير ـ فسأله قائلاً: من أي أهل الكتاب أنت؟ فقال: يهودي، فسأله: ما ألجأك إلى ما أرى؟ قال: اسأل الجزية، والحاجة، والسن، فأخذ عمر بيده إلى منزله، وأعطاه، ثم أرسل إلى خازن بيت المال فقال له: انظر هذا وأضرابه، فوالله ما أنصفناه ان أكلنا شيبته ثم نخذله عند الهرم• وما حدث في تاريخ سلفنا إهانة أحد من أهل الذمة، بل إن حدث أي تجاوز كان يعالجه الإسلام في الحال، فعندما شكا إلى عمر أحد الأقباط ابن والي مصر: عمرو بن العاص الذي لطم ابنه عندما غلبه ابن القبطي في السباق، وقال: أنا ابن الأكرمين، أسرع عمر رضي الله عنه بإحضار والي مصر وابنه إلى مكة في موسم الحج، وأعطى عمر الدرة لابن القبطي وأمره أن يقتص من ابن الأكرمين، ثم قال لعمرو كلمته المأثورة: ''متى تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً''• وقد أقام الإسلام العدل بين عنصري الأمة من المسلمين وغير المسلمين، ومن رسالة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى قاضي القضاة أبي موسى الأشعري قال له: آس بين الناس في وجهك ومجلسك وقضائك، حتى لا يطمع شريف في حيفك، ولا ييأس ضعيف من عدلك• فلا يصح التفرقة بين المتخاصمين حتى ولو كان أحدهما غير مسلم• وهكذا نرى كيف عامل سلفنا أهل الكتاب، وكيف أظهروا سماحة هذا الدين الذي لا يقر العصبية، ولا يرضى الظلم حتى لغير المسلمين، بل يدعو إلى التسامح والعدل معهم• وهذا المنهاج المتسامح للإسلام مع أهل الأديان الأخرى هو سر عظمة الإسلام، وسر ذيوعه وانتشاره• وكالة الاهرام للصحافة
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©