الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العيد يستعيد ذكرياته الجميلة تحت ظلال شجرة «الرولة»

العيد يستعيد ذكرياته الجميلة تحت ظلال شجرة «الرولة»
9 أغسطس 2013 22:50
خوله علي (الشارقة) - العيد بهجة تعتلي الوجوه، وتسعد القلوب، برؤية الأحبة والخلان بعيون التسامح والتصافح، فهي فرحة لا يمكن إخفاء نورها وضيائها، التي تأخذ طاقتها ومدادها، من مفهوم العيد الذي تتجدد فيه النفوس وتتوحد العلاقات الاجتماعية وتترابط، لنجد أثراها واضحة على سلوك الأفراد. فالعيد هو العيد بماضية وحاضرة، إلا أن الظروف قد تجعله نوعاً ما مغايراً ومختلفاً، باختلاف أنماط الحياة السائدة، إلا أن الأجواء تبقى عارمة بالفرحة والسرور الذي لا يعرف فيه مكان أو زمن. فطقوس العيد في الماضي تحمل بين دفتي ذاكرة الآباء والأجداد، الذين يرون أن العيد له متعة فريدة بالرغم من بساطتها، فهي تحمل مشاهد وصورا، ومظاهر حملت الكبير والصغير على التواجد والمشاركة في مكان يعد قبلت الأهالي للاحتفال بالعيد. فتحت ظلال شجرة «الرولة»، قصّة وحكاية عيد، يحمل تفاصيلها كل من عاصر تلك الأيام، واحتفظ بذكرى طفولته التي عانقت دفء المكان، وسحره. تروي أم يوسف: « بعد انتهاء صلاة العيد، تبدأ الزيات بالمعايدة على الجيران وأهالي الفريج، فالكل يشدو بالحب والسلام، وينطلق الصبية في أخذ العيدية من أهالي الفريج، ويبدأ الصغار والكبار، بحثاً عن الترفيه والاستمتاع وقضاء وقت بهيج بالتوجه إلى شجرة «الرولة» التي تعتبر محطة هامة، تدار تحتها المظاهر الاحتفالية، على إيقاع الأهازيج الشعبية التي تدوي المكان، فالكل يحاول أن يعبر عن فرحته بهذه المناسبة من خلال مشاركته وتواجده في أرض الاحتفال تحت ظلال شجرة «الرولة»، التي كانت تربطنا بها علاقة حميمية خاصة، ونحن نلمس الفرحة وقد غزت وجوه الأطفال الذين يجوبون المكان يمرحون ويلعبون بالألعاب التقليدية كالمراجيح التي شد حبالها بأغصان «الرولة»، والصبية الذين انطلقوا ليخترقوا صفوف الناس وهم حاملين معهم ألعابهم التقليدية «السياكل»، وهي عبارة عن دولاب يتم دحرجته بعصا من جريد النخل، وتتعالى أصواتهم بالأهازيج والأغاني الشعبية، فالكل تواجد في المكان للاستمتاع بأجواء العيد فيه، فلم تكن «الرولة» وجهة فقط لأهالي الشارقة، وإنما يتوافد عليها الزوار من الإمارات الأخرى». وتقول مريم بن سيفان اختصاصية تراث: « العيد هو العيد سواء كان في الماضي أو الحاضر، فهو يأتي لنجدد فيه القلوب ونوثق علاقاتنا الاجتماعية، ونزيل كل ما يعكر صفوة علاقتنا مع المحيطين بنا، إلا أن العيد في الماضي كان يمثل يوما هاما لدى الأهالي، حيث يهب الكبار والصغار على تأدية صلاة العيد في مصلى الفريج الذي عادة ما يكون في باحته، حيث يجتمع الأهالي فيه، بكل إقبال وخشوع فما أن ينتهون من الصلاة حتى ينتشروا لتقديم تهاني العيد عند الجيران والأقارب، ويبدأ الصبية مشوار جمع العيدية، فكل باب يطرقه، لا يغادره إلا وقد نال من طعامه وشرابه بالإضافة إلى العيدية، كان هناك ألوفة وترابط بين أهالي الفريج الواحد. ولكن ما يميز العيد في الماضي، طبيعة الحياة وبساطتها أنا ذاك، ومشهد ما زال عالقاً في الذاكرة، وهي قبلة الاحتفالات والمناسبات المتمثلة في «الرولة»، حيث ارتبطت شجرة «الرولة» بالعيد، فلا يمكن أن يحل العيد علينا دون أن يلتقوا أهالي الشارقة قديما تحت ظلال شجرة «الرولة» الواسعة التي يدار تحت طياتها الكثير من الفعاليات والاحتفالات التي يستمتع به الكبير قبل الصغير، هذه الشجرة التي تستقبل زوارها عصراً، حيث الأجواء تكون مهيأة لقضاء وقت ممتع تحت ظلالها، وليحظى الصغار على قدر من الترفيه، فكان الأمر أشبه بمهرجان مصغر، حيث وزعت الألعاب تحتها، منها المراجيح، والسلال التي يتجمع الأطفال حولها، ليأخذوا فرصتهم في ركوبها واللعب بها، وعلى مقربة من المكان، نجد الكبار وقد اصطفوا مشدودين تعلو وجوههم البهجة والفرحة، من لوحات الفرق الشعبية والأهازيج المنتشرة في تلك الفترة كالعيالة، والليواه، وغيرها. وفي زاوية المكان، نجد النسوة وقد افترشن الأرض يبعن المكسرات كالنخي والحب، والبرميت والملبس، وبعض المأكولات الشعبية». وتضيف مريم : «كانت الحركة بطيئة في ذاك المكان المزدحم بعض الشيء لكون شجرة «الرولة» محطة هامة ليس فقط لأهالي الشارقة وإنما لجميع الإمارات، وما أن تغوص الشمس في الأفق البعيد حتى يبدأ الأهالي بالنزوح من المكان والعودة إلى بيوتهم أملا بالعودة مرة أخرى إلى شجرة «الرولة»، حيث تظل فعالياتها طوال فترة العيد. هذه الصورة طويت تماماً مع رحيل هذه الشجرة المعمرة التي حولت كنصب تذكاري هام في ساحة «الرولة»، لتظل حاضرة، لتروي تاريخ نشأتها ووجودها في باحة المكان، وما قدمته من متعة للأهالي في العيد».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©