الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

استطلاع ودفاع ورفع الأذان

10 أكتوبر 2006 22:34
القاهرة - د• أحمد السيد: زبيد، واحدة من أهم المدن القديمة في اليمن، وسميت باسم وادي زبيد، وهو واد مشهور يصب في تهامة قبل أن ينتهي إلى شاطئ البحر الأحمر، وكانت المدينة تعرف أولا بالحصيب نسبة إلى الحصيب بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن سبأ، ثم غلب عليها الاسم الجديد لوجودها في وادي زبيد• وتعد زبيد كما يصفها أحد المؤرخين، من بلاد العلم والعلماء والفقه والفقهاء والدين والصلاح والخير والفلاح'' وليس أدل على صدق هذا الوصف، من أنه كان بهذه المدينة 236 منشأة دينية بين مسجد ومدرسة وجامع خلال عهد الدولة الرسولية أو دولة بني رسول ''636-858 هـ''، لم يبق منها الآن سوى ''''81 أثرا• وينسب تأسيس جامع زبيد الكبير إلى واليها أبي موسى الأشعري، وإن كان قد تعرض للعديد من عمليات التجديد والاصلاح على مر العصور أما مئذنة الجامع فقد تم تشييدها ضمن الأعمال المعمارية التي قام بها الأمير سيف الإسلام طغتكين في عام 582 هـ، وهي تقع في الناحية الجنوبية الغربية من الجامع، وهي مئذنة فريدة فمن الناحية المعمارية تقوم المئذنة على قاعدة مربعة، ولكنها مرتفعة نسبيا إذ يصل ارتفاعها إلى مستوى سقف الجامع• ويلي القاعدة بدن قصير إسطواني الشكل تم تقسيمه إلى تجاويف مصمتة معقودة الهيئة، وينتهي هذا الطابق بعقود مدببة متجاورة بأعلى التجاويف المصمتة ويرتكز على هذا البدن طابق مثمن عليه زخارف محزوزة من أشكال المعينات المتصلة، وفي هذا الطابق فتحات على هيئة مزاغل رمي السهام، لتوفير إضاءة نهارية طبيعية للمؤذن أثناء صعوده على الدرج الداخلي للمئذنة• أما قمة المئذنة فتتألف من جوسق مثمن، يفتح على شرفة الأذان بثماني فتحات لها عقود مدببة، ويتوج الجوسق سقف على هيئة متدرجة•• وتركت مئذنة جامع زبيد أثرا واضحا على طراز المآذن في هذه المدينة، حيث تم تقليدها ومحاكاة طرازها الذي لا نرى له مثيلا في العالم الإسلامي، وهي مشيدة من الطوب الأحمر ''الطابوق'' المغطي بطبقة من الجص الأبيض• إعادة تشييد متواصلة ورغم أن الجامع شيد في صدر الإسلام، وإنه اكتسب أهميته الكبيرة كمسجد جامع لمدينة زبيد في عصر الدولة الزيادية، حين جدده القائد الحسين بن سلامة في عام 391هـ، ولكن الجامع تعرض للهدم على يدي مهدي بن علي مهدي الرعيني في منتصف القرن السادس الهجري، وأعاد تشييده المبارك بن كامل بن منقذ في وقت لاحق، وتبعه سيف الإسلام طغتكين بطائفة من أعمال التجديد والاصلاح في عام 582 هـ منها اقامة المئذنة الحالية• وفي عام 897 هـ هدم السلطان عامر بن عبدالوهاب الجامع واعاد تشييده من جديد، وعهد بهذا العمل إلى ''المعلم علي بن حسن المعمار'' الذي رفع مستوى أرضية الجامع عن الأرض نحو سبعة أذرع، وزاد من مساحته مع الحفاظ على الأعمدة القديمة في ظلة القبلة، واستخدم الطوب الأحمر كمادة أساسية للبناء مع كسوة الجدران والأعمدة بالجص ''النورة''• ويوجد النص التأسيسي لهذه العمارة الكبيرة، في شريط كتابي يمتد على جانبي المحراب ومسجل فيه بخط النسخ ''أمر بعمارة هذا الجامع المبارك مولانا السلطان الظافر صلاح الدنيا والدين عامر بن عبدالوهاب في شهر شوال سنة سبع وتسعين وثمانمئة''، ولم يحتج الجامع بعد ذلك الا لبعض أعمال الصيانة والترميم، أبرزها التي قام بها الإمام المهدي العباسي في عام 1185 هـ عندما أجرى بعض الاصلاحات في عقود الجامع كلها ''270 عقدا''• ظلات وأروقة وتصل مساحة الجامع الحالية إلى 3363 مترا مربعا وفتحت في جدرانه الخارجية فتحات لثلاثة عشر مدخلا ويتألف تخطيط جامع زبيد من صحن أوسط مكشوف ''27*14 م'' ، تحيط به أربع ظلات للصلاة، أكبرها وأعمقها ظلة القبلة، التي تتألف من ستة أروقة، خمسة منها تعود إلى أعمال عامر بن عبدالوهاب، وتفصل فيما بين الأروقة بوائك مؤلفة من أعمدة مستديرة ضخمة ''محيط العمود 2,7 م'' وهي تحمل عقودا مدببة واسعة يرتكز عليها سقف الأروقة•• وصنع السقف من صناديق خشبية أو مصندقات خشبية حافلة بالزخارف النباتية والهندسية الملونة، أما الرواق السادس وهو من ناحية الصحن فسقفه أعلى من مستوى سقف الأروقة الخمسة الأولى، لأنه من إضافات الإمام المهدي العباسي، وبالتحديد في عام 1187 هـ وسجل فيه ابياتا من الشعر وتمتاز ظلة القبلة في جامع زبيد الكبير بكثرة زخارفها الكتابية والنباتية والهندسية، وتم تنفيذها من مادة الجص المستخدمة بكثرة في هذا الجامع وتضم الكتابات آيات من القرآن الكريم وبعض الأدعية ونصوصا تأسيسية نقشت بالخطين الكوفي والنسخي أما الزخارف النباتية فهي تشمل زخارف ''الأرابيسك'' وأشكال الأوراق النباتية المختلفة والورود المتنوعة والأوراق النصلية والرمحية والمراوح النخيلية وأنصافها، فيما تتنوع الزخارف الهندسية من النجوم المسدسة والمثمنة الأضلاع والجامات إلى زخارف على هيئة خلايا النحل والمعينات والمربعات والدوائر وأشكال الأطباق النجمية• وبظلة القبلة محراب مجوف له كسوة جصية حافلة بالزخارف الكتابية التي تحوي آيات من القرآن الكريم وينتهي المحراب من أعلى بهيئة شرافات بارزة أسفلها مباشرة يقرأ ''أقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا''• والظلة الجنوبية المواجهة لظلة القبلة، تتألف من خمسة أروقة تسير عقودها أيضا بموازاة جدار القبلة وهي مقامة على بوائك من أعمدة مشيدة بالآجر، وعقود مدببة تشبه الموجودة في ظلة القبلة، وهناك فتحة في الناحية الغربية من الجدار الجنوبي تؤدي إلى الحمامات والمطامير القديمة بالمسجد والتي تتوسطها بركة للمياه• أما الظلة الشرقية فهي من أربعة أروقة فقط وفي وقت متأخر تم انشاء حجرات فوق الرواق الأول من جهة الجدار الشرقي، ويطلق على هذه الحجرات اسم المقاصير وعددها 14 مقصورة، وكانت هذه الحجرات تستخدم فيما مضى لسكنى طلبة العلم بالجامع، ويتم الوصول الى المقاصير العلوية من خلال درج-سلم- في ثلاث جهات، في النهايتين الشمالية والجنوبية للرواق وفي الوسط أيضا، وتؤدي المقاصير حاليا إلى سطح المسجد ويشبه الرواق الغربي سابقه، من حيث أنه مكون من أربعة أروقة تتعامد بوائكها على جدار القبلة، وهي بوائك من أعمدة ضخمة مشيدة بالآجر تحمل عقودا مدببة واسعة• وعندما تصدعت أسقف بعض أجزاء هذه الظلة، تم استخدام أعمدة مثمنة لتدعيم البائكة الملاصقة للجدار الغربي، ولعل ذلك تم خلال أعمال الترميم والإصلاح التي قام بها الإمام المهدي العباسي حوالي عام 1185 هـ، وامتدت أعمال المهدي إلى تجديد سقف هذه الظلة أيضا•
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©