الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يوميات صائم كعك العيد

10 أكتوبر 2006 22:34
استكمالاً للحديث السابق حول رمضان والعولمة، ذكرتني العشر الأواخر من رمضان بكعك العيد، والذي بدأ هو الاخر في الانقراض من غالبية البيوت العربية، فبعد المعسكرات التي كانت تنصب لعمل كعك العيد والمعجنات الأخرى كافة، يفضل الناس حالياً شراء الكعك الجاهز من المحال والتي في الغالب ما تصنعه آلياً بنسبة 100%، ومذاقه بعيد كل البعد عن ''كعك الأمهات'' اللاتي كن يتفنن في إضافة النكهات والحشوات وما إلى ذلك من إضافات تميز ''كعك أم عصام'' عن ''كعك أم بشندي''•• فكعك زمان تعرف صانعه من رائحته قبل تذوقه، وما أخشاه أن يتطور الأمر ليتم استيراد الكعك من الصين، كما هو الحال حالياً لفانوس رمضان• المهم•• ذكرتني تلك الأيام بطفولتي وأيام أحن إليها كثيراً، وأشفق على أبنائي أنهم لم يمروا بمثلها في زمننا هذا، من بين المواقف التي لن أنساها صديق غبي لدرجة تجعلك تضحك من غبائه لمجرد مشاهدته فقط من دون أن يتفوه بكلمة واحدة، هذا الصديق له معي من الذكريات ما يصلح لكتابة مجموعة قصصية كوميدية من الطراز الأول••وذكرني الحديث عن كعك العيد، بـ ''العلقة السخنة'' التي تلقاها صديقنا هذا من أمه الغاضبة بسبب إفساده لكعك العيد من دون تفكير، وأضاع على الأسرة بأكملها فرحة أول أيام العيد، وكيف ستتبادل أمه الأطباق مع أطباق الجيران• تعود أحداث الواقعة إلى مطلع الثمانينات من القرن الماضي، حيث كنا نلعب في الشارع الذي نقطن به ضمن دورة رمضانية لكرة القدم، وكنت في نفس فريق صديقنا الغبي، وعلى الرغم من غبائه، إلا أنه كان يتمتع بمهارات عالية تميزه عنا في المراوغة، فضلاً على بنيانه القوي، حيث كان يخشاه الجميع، لحد أطلق عليه الأصدقاء اسم ''القطار''، كل تلك المواصفات جعلت من هذا الصديق العامود الرئيسي في الفريق الذي نلعب له سوياً، ومن ثم فان غيابه سيكون مؤثراً على أداء الفريق• وقبل العيد بأيام قليلة والتي تصادف في الغالب نهائيات الدوري الرمضاني، طلبت أم صاحبنا الغبي يعود مبكرا الى المنزل ليحمل طاولات ''صاجات'' الكعك إلى الفرن لأن العجين قد تخمر ويجب أن يذهب على الفور حتى لا يفسد، وبعد حديث رفض خلاله الابن الذهاب إلى الفرن لارتباطه بنهائيات الدوري الرمضاني، ومع إصرار الأم على الذهاب حتى لا توسعه ضرباً، تنازل صديقنا عن تمسكه برأيه، خاصة بعد أن باغتته أمه ''بفردة شبشب طائرة'' استقرت على رأسه، سمعنا عبرها زفرة ألم شديدة، وشعر بعدها بأنه يجب أن ينصاع لأوامر أمه وإلا سترسم أمه لوحة تشكيلية على جسده بـ''فردة الشبشب''• ذهب صاحبنا إلى الفرن حاملا على رأسه ''صاجات'' الكعك، وانتظر دوره ليدخل الفران تلك ''الصاجات'' إلى الفرن، وما أن خرجت من الفرن، إلا وبدأ الصديق الغبي في تفريغ كافة ''الصاجات'' في ''صاج'' واحد، ليسهل حملها، وليلحق بما تبقى من وقت في مباراة النهائي•• وعبر بجوارنا ونحن نلعب في الشارع، وما أن شهدته أمه من ''البلكونة'' إلا وأطلقت صرخة مدوية تسمرنا على أثرها في الأرض، ووجهت إليه وابلاً من الشتائم بدءاً من يا ''غبي'' وانتهاءً ''بأنك فعلا طالع لأبوك''، ونزلت إليه أمه لتستقبله استقبال الفاتحين في الشارع، وفي يدها اليمنى ''فردة الشبشب'' وفي اليسرى عصاة غليظة (عصاية الغلية)، وبدأت في العزف على جسده، وهو يصرخ من شدة الألم• ما عرفناه فيما بعد أن نقل الكعك وهو ساخن فوق بعضه البعض، أفسد تعب الأم على مدى أكثر من أسبوع، حيث تحول الكعك إلى مسحوق من العجين اليابس، ولن يكون هناك كعك للعيد، ولن تتباهى الأم بين صديقاتها وجيرانها بصنع يديها، وكل ذلك بسبب غباء الابن• أحمد صفي الدين Email: asafi72@yahoo.com
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©