الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عدائية طفل

8 نوفمبر 2010 21:48
جلس يرقب تحركات ابنه يهز الأرض تحت رجليه، ينظر إليه بفخر وسعادة، يمارس طفولته بكل عنف وقسوة على كل من حوله من الصغار، لم يتجاوز عمره السبع، لكن أفعاله تجاوزت ما يقوم بعض الكبار، يضرب من حوله، ويهرب عند والده، لأنه يدرك جيداً أنه حاميه ومشجعه، من اقترب من ابنه هذا يسمعه ألذع الكلام، ويلقنه درسا في التربية، وقوله هذا نابع من اعتقاده أنه يصب معاني الرجولة في أعماق صغيره، لتشكيله رجلاً مقداماً تهاب خطواته الناس. كان ذلك في إطار يوم مفتوح بأحد الأماكن الرياضية التي أبت إلا أن تزرع الفرحة والسعادة في جنباتها خلال نهاية الأسبوع المنصرم، لإخراج الناس من الملل، وإبعادهم ما أمكن عن المراكز التجارية، وأماكن التسلية المغلقة إلى زوايا أكثر براحة، لا ترى فوق رأسك إلا السماء، فلا تدركك الأسقف فيطلع العنان للتخييل والإبداع، ربما كان ذلك من بين أهداف اليوم الرياضي، وربما كان ذلك لفتح أبواب المدينة واسعاً لاحتضان الناس والتلاقي من أجل أطول يوم رياضي مفتوح، فتحت أبوابها وبتنسيق وانسيابية تدفق الجميع يمرح على مساحتها الممتدة هكتارات. هكذا جلس ينظر، بل ويتلذذ بعنف ابنه، حيث يضرب أو يدفع كل من اقترب منه، يستغل اندفاع الصغار نحو اللعبة المطاطية، قهرت الجميع تصرفاته العدوانية، فكاد الكل يهرب من المكان بسببه، وحين مطاردته من أب أو أم ضرب صغيرة، يهرب عند والده، هذا الأخير يدافع بكل شراسة عن ولده “الشجاع الجريء” كما يصفه، ويقول إنه “الأول على الصف”، ولا يمكن وصفه بهذا الوصف، حيث قيل له إن ولده غير مهذب، ومن يطوف حول هذه اللعبة المطاطية التي استقرت في جوف الملعب، حيث العناية بالصغار والكبار أيضاً، يعاني أولاده من عنف الطفل، وتتكرر القصة مع كل زائر جديد، إلى حين لفّ الغضب أحدهم فذهب لوالده يقول “لماذا لا تتكلم مع ابنك وتنهيه عما يقوم به؟” قام الأب ودفع المشتكي واتهمه بضرب ابنه، وقال له “من لا يريد أن يضربه ابني يأخذ أولاده ويرحل عن المكان”، يقول ذلك جهرا أمام ابنه، هكذا يشجعه علناً على القيام بهذه السلوكيات. لإنهاء عنف الولد والوالد الذي أغاظ الجميع وعكر صفو جو المناسبة اشتكى بعض الأهل تصرفات الولد وعدوانيته، وما إن قدم رجال الأمن ومسؤولة المكان حتى التفّ حولهم أكثر من مشتكي وأكثر من مستاء. هي فترة مسائية ومناسبة التقى خلالها الناس في جو منظم، والكل سيرحل عن المكان، ولكن سيظل هذا الأب يشجع ما يقوم به ابنه، يعلمه العنف والقسوة والعدوانية، هذه السلوكيات سيستغلها ابنه الذي لا يتجاوز عمره سبع سنوات، ستكون محركه الأساسي في حياته، اليوم يقف والده في جانبه وغداً لن يجد من يكون هنا بقربه يعلمه الخطأ من الصواب، سيكون معزولاً، بل قد يرتكب حماقات كبيرة تكون نهايتها غير محمودة. فالعدوانية سلوك خطير ومؤذٍ، فلماذا يجنح الطفل لهذا السلوك؟ وهل هو تعويض عن نواقص أو دافع لإثبات الذات؟ هل هو ظاهرة صحية أم مرضية؟ يرى بعض الأخصائيين أن العدوانية سلوك مرضي تنميه البيئة الأسرية وتحفزه بعض المؤثرات، كأن يكون بناء الأسرة غير سليم، تعمه الشجارات والمشاكل، أو يكتسبه بعض الأبناء من خلال تشجيع آبائهم الذين يرون تحقيق ذوات أبنائهم في دفعهم نحو القسوة والعدوانية، في اعتقادهم أن هذا سلوك ينبع من الجرأة، وما يزرعه بعض الآباء اليوم من سلوكيات عن اعتقاد خاطئ قد يحصدونه مستقبلاً ندماً. lakbira.tounsi@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©