الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خضير البورسعيدي كتب المصحف الشريف سبع مرات

خضير البورسعيدي كتب المصحف الشريف سبع مرات
12 أغسطس 2011 22:16
بدأ فنان الخط العربي خضير البورسعيدي عام 1946 كتابة الكلمات، حينما كان في الخامسة من عمره، بينما لم يكن قد تعلم القراءة، فيكتب له الثوار عبارة «من يتعاون مع الاستعمار له الموت»، فيدونها باللون الأزرق على حوائط المباني، وإسفلت شوارع بورسعيد، حيث كان اللون الأزرق مرتبطاً بالغارات الجوية، حين يدهن زجاج النوافذ كي لا يظهر أي ضوء، وكان يشتري زهرة الغسيل ويضع عليها قطرة من العسل ليتماسك قوامها عند الكتابة، واستمر ذلك اللون في أعماله حتى الآن، ليقتنيها زعماء ونجوم العالم الإسلامي. ? في سن السادسة التحق خضير بالمدرسة الابتدائية، وكان من دون أن يتعلم قواعد الخط العربي يكتب على السبورة بالطباشير، حتى وجد كتاباته أستاذ اللغة العربية، ويدعى «طه»، فنادى جميع المدرسين وأراهم ما كتبه وكان المكتوب «الملك فاروق ملك مصر والسودان» بعد أن نقلها من عملة القرش الأحمر، وأثنى عليه الجميع، وعلى أثر تلك الواقعة استأجر له ناظر المدرسة محلاً في واحدة من عماراته، وكان وقتها بالصف الثاني الابتدائي، كما تلقفت الواقعة أيضا مجلة «البعكوكة» التي كانت منتشرة في بورسعيد. طريق الاتباع وقال إن الكثير من الخطاطين يسيرون في طريق الاتباع لا الابتداع، فالإبداع يخلق مع الإنسان، والمبدع من خلال كتابات تعبيرية يستطيع أن يُعلم من لا يجيد القراءة المعنى، كما أن الظهور في أي مهنة يتطلب أن يأتي صاحبها بالجديد، فربما لدينا الآلاف من الخطاطين، إلا أن الدراسة وحدها لا تصنع مبدعاً، وقد استفاد من أساتذته الكثير، إلا أن التطور شيء مختلف؛ ولذلك كان يقول للدارسين بمعهد الخط أن من يرد شيئاً فليجربه بلا خوف. وأكد أن الخط العربي له قانون، والجمال لا يخضع لقانون، وأن الخط يمكن أن تشده باللين، فالحرف العربي كائن حي يتحدث إليك، ويتحرك مثل الإنسان؛ ولذلك يجب الاختيار الجيد للوضع الذي يمكن التغيير فيه، ومن يريد أن يفهم الحرف العربي وكيفية التعامل معه بحرية، يجب عليه أيضاً أن يعلم المواقع المحظورة فيه، حيث إنه في خط الثلث لا يتم الاقتراب من الرؤوس، أو بداية الحروف، أما الأجسام أو التكملة فيتاح فيها ذلك، حيث إن ملامحه في الرأس، التي تعتبر وجه الحرف مثل الإنسان، وأن الخطاط الفنان يستطيع التحكم في النسبة والتناسب لكتلة الحرف، فالخط يبدأ من نقطة، والزيادة أو النقص بلا دراية بالقيم الجمالية للحرف تفقده شكله، كما أن الاختيار واجب في الحرف، فليست كل الحروف قابلة للتحديث في شكلها بالاستطالة أو القصر، كما أن ذلك يكون تبعا لموقع الحروف. أسماء الله وأضاف أن آخر لوحة نفذها بعد أن لفت نظره قراءة أحد الشيوخ لآية من القرآن الكريم في «نفس» واحد، فأصر على أن يكتب لوحة على نفس النمط، دفعة واحدة، بمعنى أن القلم يوضع على الورقة ولا يرفع إلا عند الانتهاء من الكتابة، ووجد أن ذلك هيناً في كتابة أي آية، لذلك اختار أسماء الله الحسنى ليزيد من درجة الصعوبة، ويتذكر انه قبل ذلك كان هناك خلاف بين عمر الجيزاوي ومحمد الكحلاوي على ايهما صاحب لحن أغنية الفرانكوآراب «يا مصطفي يا مصطفي»، فأخذ الفكرة وبدأ مجموعة لوحات خطية تقرأ من الشمال بالإنجليزية ومن اليمين بالعربية للفظ الجلالة ومحمد، موضحاً أنه من خلال الطبيعة أو الموقف يستخلص الكلمات التي سوف ينفذها على الورق، ودائماً ما يدعو الله أن يأتي بعمل جديد. وتعرف خضير عام 1958 في مدرسة الخط في باب الشعرية على أستاذه محمد حسني، الذي تعلم منه التركيبات الخطية المعقدة، التي أحبها، وقال عنه انه فنان تركيبات يستطيع أن يضغط كتلة الحروف جميعا بشكل واحد، وبقاعدة بحيث تنقص كل الحروف بلا استثناء نفس المساحة حتى إذا كانت نصف نقطة، وانه يتحكم فيها، وانه مهندس معماري في لوحة الخط العربي، كما تعلم من محمد عبد القادر، الذي كان يكتب إليه ابني وتلميذي وزميلي الفنان المشهور مسعد خضير البورسعيدي، الاهتمام بالفراغات وأناقة الخط والتجديد فيه. كلاسيكيات أما كلاسيكيات الخط فتعلمها من سيد إبراهيم بعد أن أعجب بلافتة له لمكتبة مصر الجديدة، فطلبه لمقابلته واستمرت علاقته به حتى وفاته قبل وفاة محمد عبد القادر. وعن مواكبة عيد الخط لعيد الحب في نوفمبر، قال إن كلمة «خط» مكونة من حرفين، وكذلك الحب، كما أن اول حروف الهجاء لم يكن الـ»أ»، وإنما هو الـ»ح» وآخر حروفه الـ»ب» وأخذت من شكل فتحة الفم، ففتحه يعني الحاء، وغلقه يعني الباء، وهو النطق السليم والأساس القديم للحروف، فالخط من الحب. وقال إنه لم يبق من الخطوط العربية المستعملة غير 6 فقط لأن ابن مقلة حينما بدأ يقنن الخطوط اكملها خمسة وترك البقية الذي يصل إلى 118 نوعاً، ثم جاء الخطاط المصري عبد الرحمن بن الصايغ في القرن التاسع وانتج خط الإجازة، وهو من الثلث والنسخ، واختص به كتابة الشهادات، ومن بعده جاء محمد محفوظ الذي أضاف خط التاج. وهذا ما يوضح السبق للمصريين في الكتابة منذ الخط الهيروغليفي، موضحاً أن الخطاط يدرس مع الخط الثلث، خطوط الإجازة والجلي الديواني والكوفي بأنواعه، وانه يدخل في كتاباته الخط الأيوبي الذي لم يره احد من قبل، والخط القيرواني الذي يشبه النيسابوري، إلا انه افضل منه، فهو ذو ثقل وقوة ارتكاز، أما النيسابوري فرفيع وخفيف، وخط الطومار الذي خرج منه الثلث لإحياء تلك الخطوط، وان المصحف كتب في أول الأمر بالكوفي ثم بالمحقق والريحاني، ثم استسهل الخطاطون خط النسخ، فاندثر الخطين الآخرين. نوع القلم وقال إن الخطوط تنسب إلى أماكن أو وظائف، فالكوفي نسبة إلى انتشاره في الكوفة، ويكتب بثلث القلم البوص «البسط»، والرقعة سمي لأن القلم يملا الرقعة في مكانه، وخط الرقعة نسبة إلى الرقاع التي كتب عليها، وكانت تصنع من الجلد الرقيق للماعز، وهو شبيه بخط الإجازة، وكذلك خط التوقيع قريب منهما، أما النسخ فاطلق عليه لكثرة الكتابة به، ويقال نساخ، والديواني لانه كان يكتب به في الدواوين العثمانية للأنواط والنياشين، أما الثلث لأن أصله خط الطومار، وعدده 24 شعرة- مقياس شعر الخيل- وقسم إلى 3، و8 منه ثلث و16 ثلثين والـ24 طومار، والطومار ثلث القلم، فأصبحت «ثلث». كاتب المصحف الشريف قال خضير البورسعيدي إنه كتب المصحف الشريف7 مرات، الست الأولى منهم للتليفزيون، حيث لم تكن هناك الماكينات الحديثة التي تعيد لوحة الآية أو مقطعا منها، لذلك كان يفرغ المصحف المسجل كاملاً لكل قارئ، ويقف عند الآية التي يقف عندها القارئ، وإذا أعاد الآية اضطر إلى إعادة كتابتها مرة أخري، فكانت اللوحات يصل عددها إلى 6000 لوحة بدلاً من 550 لوحة، كما يحدث الآن، أما آخر مصحف فكتبه بتكليف من شركة الشريف قبل غلقها، وكان عبارة عن السور باللغة العربية وتحت كل سطر ترجمة لمعانيه بالفرنسية والانجليزية.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©