الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النفس الحازمة لا تخشى في الحق لومة لائم

النفس الحازمة لا تخشى في الحق لومة لائم
12 أغسطس 2011 22:21
النفس الحازمة مهمة لمن يلي أمراً من أمور المسلمين حتى لا تتعدد الآراء بلا قرار يحسم الأمر ويحيله من حيز الكلام إلى التنفيذ. والشخصية الحازمة الصارمة تمتلك القرار وإصدار الأوامر واعتبار كل ما تؤمن به صحيحاً والحزم لغة: ضبط وإتقان الأمر والاستعداد له واصطلاحاً: اتخاذ القرار بفعل أو ترك ويرتبط معنى الحزم بخاصيتين مهمتين العقل والتفكير والإرادة والاختيار لأن العاقل يفكر في المواقف التي تواجهه فيستثمر علمه وتجربته وما وصل إليه من هدي إلهي في الموازنة والترجيح ليصل إلى قرار حكيم يناسب الموقف الذي هو فيه ويختار ما وجهه إليه عقله وتجربته وفهمه لأحكام دينه حلاً وحرمة والحزم مظهر لاستقلال الشخصية وعدم تذبذبها أو تبعيتها للناس بلا تفكير وموازنة، وبلا اختيار رشيد والحازم من لا يخشى في الحق لومة لائم. رجل مجهول وتقول الدكتورة إلهام شاهين - أستاذ الفقه بجامعة الأزهر - النفس الحازمة صاحبة قرار قال الله تعالى: (وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين. اتبعوا من لا يسألكم أجراً وهم مهتدون. ومالي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون أئتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئاً ولا ينقذون. إني إذا لفي ضلال مبين. إني آمنت بربكم فاسمعون. قيل ادخل الجنة قال ياليت قومي يعلمون. بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين) “سورة يس، الآيات 20 - 27”، وتتحدث هذه الآيات عن قصة رجل مجهول الهوية آمن بالله ولما أراد أهل قريته قتل الرسل جاءهم هذا الرجل من أقصى المدينة يسعى لينصر رسل الله من قومه، وكان رجلاً مريضاً بالجذام كثير الصدقة يتصدق بنصف ما يكسبه وكان يحض قومه على اتباع الرسل الذين يدعون إلى عبادة الله وحده لا شريك له وكان يتساءل ما الذي يمنعه من إخلاص العبادة لله؟ الذي خلقه وحده لا شريك له وإليه يوم المعاد، وهو الذي يحاسبهم على أعمالهم خيراً كان أم شراً. ثم تذكر الآيات استفهام إنكار وتوبيخ والرجل يقول لقومه: هذه الآلهة التي تعبدونها من دون الله لا تملك من الأمر شيئاً. ويؤمن أن الله لو أراده بسوء، فلا كاشف إلا هو وأن هذه الأصنام لا تملك دفع السوء ولا منعه ولن تنقذه مما هو فيه وإن اتخذها آلهة من دون الله فإنه في ضلال مبين ثم قال إني آمنت بالله فلما قالها جعلوا يرجمونه بالحجارة وهو يقول: “اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون” فلم يزالوا به حتى قتلوه بعد أن اتخذ قرار الشهادة بنفس حازمة. مشورة العقل والنفس الحازمة تعني أن يستفيد العاقل من مشاورة من يثق بنصحهم لأن المشاورة تضيئ له جنبات حياته والمواقف التي يتعرض لها، وهو صاحب القرار الذي سيتحمل مسؤوليته قال الله تعالى: (وشاورهم في الأمر، فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين) “سورة آل عمران، 159” والشورى مبدأ أساسي من مبادئ الإسلام، وهي من صفات المؤمنين الصالحين ووردت في السياق القرآني الكريم بين ركنين عظيمين من أركان الدين الصلاة والزكاة قال تعالى: (والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون) “سورة الشورى، الآية 38”، وكانت الشورى من أهم صفات الرسول - صلى الله عليه وسلم. وجاء ذكر النفس الحازمة في السنة النبوية عن أبى قتادة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأبى بكر: “متى توتر؟ قال: أوتر من أول الليل وقال لعمر: متى توتر؟ قال آخر الليل: فقال لأبى بكر: أخذ هذا بالحزم، وقال لعمر أخذ هذا بالقوة”. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: “لا تكونوا إمعة تقولون: إن أحسن الناس أحسنا وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا أن لا تظلموا” والإمعة الذي يتابع كل منافق ويقول للناس أنه معهم لأنه لا رأي له يرجع إليه وهو المقلد الذي يجعل دينه تابعاً لدين غيره، ويكون بلا رؤية ولا تحصيل برهان وهذا الإنسان ذو النفسية غير الحازمة يكون مع من يوافق هواه ويلائم نفسه وما يتمناه ويقول إنه مع الناس إن أحسنوا له أو لغيره فهو مثلهم يحسن إتباعاً لهم وجزاء لإحسانهم وإن ظلموه أو ظلموا غيره فكذلك يظلم على وفق عملهم واتباعاً لهم وتقليداً، ولذلك حذر رسول الله من هذا السلوك ونصحهم بأن يوطنوا أنفسهم ويهيؤوها وهذا الحديث النبوي يوصينا بتقوى الله في النفس ويحمل الإنسان على التفكر والتدبر والإحسان ويحذره من الظلم والإساءة للنفس وللآخرين ومن التقليد الأعمى للآخرين. القرار الحاسم الحسم في الأمور من صفات النفس الحازمة صاحبة القرار والمقصود به إنفاذ الرأي بصورة حاسمة، وهي صفة تحوي المبادرة والحزم معاً ومن دونها تتعطل الأعمال، بل وتنتشر الفوضى وربما كان القرار الحازم غير الكامل والمتبوع بتنفيذ جيد أفضل من الانتظار الطويل بقرار مثالي مدروس. التردد يفسد الرأي النفسية غير الحازمة لا تستطيع أن تتخذ القرار لأنها مترددة والتردد فساد في الرأي وبرود في الهمة وشتات للجهد وبقاء دائم في موقع الحذر وإخفاق في السير وهو مرض لا دواء له إلا العزم والثبات وكثير من الناس يظل سنوات يعجز عن اتخاذ القرار في المسائل الصغيرة، فيكون القلق والارتباك والحيرة والشك والألم المستمر لصاحب هذه النفس. والعزم والحزم من سمات الناجحين والتردد من سمات الضعاف الفاشلين والحزم مظهر لاستقلال الشخصية ولقد شاور النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد من حوله فأشاروا عليه بالخروج فلبس لأمته وأخذ سيفه وقالوا: لعلنا أكرهناك يا رسول الله لو بقيت في المدينة قال: “ما كان لنبي إذا لبس لامته أن ينزعها حتى يقضى الله بينه وبين عدوه” وعزم على الخروج لأن الأمر لا يحتاج إلى تردد بل إلى إمضاء وعزم أكيد فالحزم شجاعة وبسالة في اتخاذ القرار.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©