الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإنسان أساس التغيرات البيئية

8 فبراير 2010 20:52
دأب الإنسان على تدمير البيئة التي تعتبر الغطاء الذي يعيش من خلاله، ويحتاجها للحصول على مقومات حياته من ماء صالح للشرب وطعام وأماكن ملائمة للسكن، والإنسان هو أساس التغيرات البيئية، وهو المسؤول عن استغلال جميع الموارد البيئية في الأرض، وكذلك هو صانع التنمية والقوة المتنفذة، ويعد احتياج الإنسان لتأمين حياته، وضمان العيش الآمن، سبباً لاستنزاف موارد الطبيعة مما نجم عنه الإخلال بالبيئة. عمر المنصوري، صحفي متخصص في مجال البيئة والتحديات التي تواجه التنوع البيئي والمصادر الطبيعية، يرى أن التقدم التكنولوجي يسر للإنسان مزيداً من فرص إِحداث التغيير في البيئة، في ضوء ازدياد حاجته للغذاء والماء وتحقيق الرفاهية، مما جعله يبحث عن وسائل توفر له ذلك فقام بشن عملياته الواسعة لإزالة أشجار الغابات، وحوَّل أرضها إلى المجمعات سكانية ومعامل صناعية ومنشآت تجارية، كما أفرط باستخدامه المبيدات الحشرية والأسمدة الكيمياوية في الأراضي الزراعية وأخيرا الرعي المكثف مما ساهم في إخلال توازن النظام البيئي. ويستنتج المنصوري من خلال أبحاثه أنه يتعذر على أي منشأة صناعية أن توفر للإنسان ما توفره الغابات من الترويح والتنزه ولطافة الجو والهواء النقي، ولا تقتصر فائدة الأشجار أيضاً على توفير الأوكسجين للإنسان والحيوان، وامتصاص غاز ثاني أوكسيد الكربون، بل هي تتميز بخصائص عديدة منها المساهمة في تقليل وقوع الفيضانات، إذ تمتص أوراق الأشجار مياه الأمطار، وبالتالي تقلل من وصول المياه إلى المدن وحصول الفيضانات. تعتبر الأشجار أيضاً مصداً للرياح لحماية المحاصيل الزراعية، كما تكتسب أهمية بارزة كحزام أخضر حول المدينة لحمايتها من الزحف الصحراوي، وتثبيت الكثبان الرملية، ووقف امتدادها نحو الأراضي الزراعية، وقد أدى استغلال الإنسان للغابات والقطع الجائر للأشجار والتوسع العمراني على حساب إزالة الغابات، إلى الإخلال بالنظام البيئي، مما أوجد العديد من المشاكل التي سببت هجرة الطيور والحيوانات والقضاء على الحشرات التي تعتبر مهمة للتربة ولأشجار الغابات أيضاً، اضف لذلك أنَّ الكوارث البيئية كالتصحر والأعاصير والفيضانات والزلازل، تفاقمت بشكل ملحوظ، نتيجة إزالة الغابات. ويضيف عمر المنصوري أنَّ فعل الإنسان المدمر لا يقتصر على إزالة الغابات لتدمير البيئة، فقد حفزت التكنولوجيا على بناء المصانع واستخدام الوقود في الصناعة، والنقل والكهرباء وللطائرات وفي الحروب، وأدت لانبعاث غازات ضارة إلى الجو، وبالتالي لوثت الهواء، أما مصادر تلوث المياه فقد تسبب بها الإنسان بفعل نشاطه غير المبرر، الذي تمثل بإلقاء مخلفات المصانع ومياه الصرف المنزلية ومياه الصرف الزراعي، المحملة بالمواد الكيماوية الى الأنهر والبحار، وهي تحوي السموم من المعادن الثقيلة. كل ذلك يؤثر سلباً على الأسماك وبقية الأحياء وحتى الطيور، وبالنتيجة يتأثر بها الإنسان نفسه نتيجة فعلها الضار، وتعدى ذلك دفن النفايات وطمرها في أماكن غير مؤهلة، وامتد فعل الإنسان المؤثر على البيئة حتى خلال عمليات تفريغ البترول، من قبل البواخر والسفن إلى البحار، وما ينجم عن ذلك كله من ضرر للكائنات البحرية. العديد من الكوارث المناخية شهدتها الأرض خلال السنوات الست الماضية بالتحديد، وكان لآثارها فعل مدمر أسفر عن آلاف القتلى والمصابين، بالإضافة لتدمير البنى التحتية لعدة مدن، وانهيار النظام الخدمي والصحي فيها، من ذلك كارثة تسونامي 2004، وإعصار كاترينا الذي ضرب الولايات المتحدة في 2005، وإعصار الفلبين، وإعصار جونو الذي ضرب سلطنة عُمان في 2007، وفيضانات جدة 2009 في المملكة العربية السعودية. آخر تلك الكوارث كان زلزال هايتي، بالإضافة لسلسلة زلازل هزت دول عدة حول العالم، وعند التطرق لجميع تلك الكوارث نجد البعض منا ينسبها للطبيعة، وهذه حقيقة لا غبار يشوبها لكن حصلت خسائر هائلة في الأرواح والممتلكات، حتى طالت دولا ومدنا بأكملها كما في تسونامي بأندونيسيا، الذي امتدت أثاره لتشمل ماليزيا وتايلند والهند وسنغافورة وباكستان. من خلال بحثه وقراءاته في البحوث الخاصة بنشاطات الإنسان، وجد أن العلماء وبيانات المنظمات التي تعني بالبيئة يجدون أنها تؤدي للتدمير خلال استثمار خيرات الأرض، مع الإخلال بالتوازن البيئي بين الإنسان والطبيعة، إذ أن الإنسان قد اعتدى على الطبيعة، وغير منظومتها لتأتي أفعالها عكسية. مثال ذلك حينما عمدت يد التطور البشري إلى الشواطئ البحرية بإزالة الغابات من جهة، وبناء الفنادق السياحية والمنتجعات والمجمعات السكانية قرب تلك الشواطئ من جهة أخرى، في تلك الحالة قمنا كبشر بالاستغناء عن شبكة حماية المدن، وهي الغابات التي تعتبر درعاً للتصدي للفيضانات والأعاصير كما ذكرنا سلفاً، وكذلك البناء على أراض هشة لا تستطيع مقاومة الفعل المدمر للزلازل والفيضانات، وبما أنَّ تلك المناطق الهشة تضم كثافة سكانية هائلة بفعل التوسع العمراني حولها, فإن الخسائر ستكون كبيرة بشريا وماديا. بفعل النشاط الصناعي للإنسان المسبب للاحتباس الحراري، ونتيجة الغازات المنبعثة من المصانع كثاني أوكسيد الكربون والميثان، زاد ارتفاع حرارة الأرض وهذا ما سبب حرائق الغابات، وحولها كمصدر لانبعاثات ثاني أوكسيد الكربون عوضا عن دورها في امتصاصه والمحافظة على استقرار المناخ، كما أن ازدياد النمو السكاني العشوائي لدى سكان العالم، ولد الحاجة الكبيرة لتوفير الغذاء والسكن، وبخاصة لدى الدول الفقيرة. كل ذلك أوجد الرغبة لدى الإنسان بالتعدي على الأراضي الزراعية واستغلالها بشكل قاس، حين استخدمت الأسمدة الكيماوية من جهة، وزراعتها باستمرار وبشكل مكثف وبالتالي أصبحت الأراضي الزراعية غير صالحة للزراعة، وجميع تلك الأعمال هي مع الأسف في ازدياد مستمر من قبل الإنسان، مما سبب تدمير الوسط البيئي للعديد من الكائنات الحية وإجبارها على هجر موطنها، وذلك ما نسميه بتهديد التنوع الحيوي. أدت نشاطات الإنسان الخطرة كاستنزاف الموارد الطبيعية والاحتباس الحراري وتلوث الهواء والماء والتربة وتصريف النفايات العشوائي إلى اختلال التوازن البيئي، وذلك سيؤثر بالتأكيد على الأجيال القادمة اذا لم يتم تدارك فعل الإنسان المؤثر بشكل سلبي تجاه البيئة، لذا المطلوب فعله قبل كل شيء هو التزام الإنسان والشعور بمسؤوليته الأخلاقية تجاه البيئة المحيطة به
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©