السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأحزاب المصرية... سجال حول التمويل الأميركي

الأحزاب المصرية... سجال حول التمويل الأميركي
12 أغسطس 2011 23:17
بعد مرور ستة أشهر على الإطاحة بالرئيس المصري السابق، حسني مبارك، في الاحتجاجات العارمة المطالبة بالديمقراطية تواجه المحاولات الأميركية المستمرة لدعم الإصلاحات الديمقراطية في مصر ردود أفعال غير متوقعة متسببة في ضجة كبيرة لدى الرأي العام ومؤثر على علاقة واشنطن بأحد أقرب حلفائها في العالم العربي. فقد أججت خطة إدارة أوباما لضخ 65 مليون دولار في مصر خلال السنة الجارية للمساعدة في تنظيم الأحزاب السياسية الجديدة ردود فعل متشنجة من الحكومة العسكرية المؤقتة ومن الأحزاب الإسلامية، بل حتى بعض النشطاء المطالبين بالإصلاح. وفي هذا السياق عمدت الحكومة العسكرية على تصوير الجماعات التي تستفيد من التمويل الأميركي على أنها عميلة لعناصر أجنبية، كما كافحت على مدى أشهر خلف الكواليس لمنع واشنطن من منح أموال إلى الجماعات المطالبة بالديمقراطية خارج الإشراف المباشر للقاهرة. وكان النزاع حول الموضوع قد طفا إلى السطح يوم الأربعاء الماضي عندما انتقدت وزارة الخارجية الأميركية ما أسمته بـ"المشاعر المناهضة لأميركا التي تطغى على الخطاب العام في مصر"، مشيرة إلى أن انتقادات القاهرة للولايات المتحدة وتشكيكها في أهدافها هو غير دقيق وغير عادل في آن. وحذرت المتحدثة باسم الوزارة "فيكتوريا نولاند" من "مشاعر العداء لأميركا التي بدأنا نلمسها في النقاشات المصرية"، منددة بالهجوم الشخصي الذي استهدف "آن باتيرسون"، السفيرة الأميركية الجديدة لدى مصر، معتبرة ما نشرته إحدى المجالات التابعة للدولة من أن السفيرة "قادمة من الجحيم" غير مقبول ولا يمكن السماح به. وقد حرص المسؤولون الأميركيون ووزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، على إثارة الموضوع مع مدير المخابرات المصرية الجديد، اللواء مراد موافي، خلال زيارته إلى واشنطن في 28 يوليو الفائت، وبحسب "دانيال كورتزر" السفير الأميركي السابق لدى مصر خلال إدارة كلينتون يعد هذا الجدل المحتدم في القاهرة بشأن تقديم المساعدات الأميركية إلى منظمات وأحزاب سياسية "دلالة على أن نفوذنا في مصر سيتراجع في المرحلة المقبلة". لكن الصدام يدل أيضاً على الحذر المصري تجاه النوايا الأميركية حتى في الوقت الذي تستمر فيه القاهرة في تلقي 1.3 مليار دولار سنوياً من المساعدات العسكرية، دون أن ننسى ما يعكسه الجدل من صراع سياسي يجري حالياً في مصر بين المجلس العسكري الحاكم وبين القوى السياسية المختلفة التي تسعى إلى التموضع قبيل الانتخابات العامة المقرر عقدها في الخريف المقبل. وعن هذا الموضوع صرح اللواء سعيد العصار، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة في اللقاء الذي نظمه "معهد السلام في واشنطن": "نريد المساعدة لكن ليس التدخل"، غير أن استهداف أميركا من الحكومة المصرية كان له تأثير مباشر على الرأي العام، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى تدني شعبية الولايات المتحدة لدى الشعب المصري إلى 5 في المئة وهي أقل حتى من النسبة التي وصلتها خلال إدارة الرئيس بوش. والأمر لا يقتصر على المساعدات الخارجية، بل امتد التشاحن في العلاقات الأميركية المصرية إلى ما أبدته المؤسسة العسكرية، التي تعتبر الأقوى في مصر، من رغبة واضحة في رسم سياسية خارجية مستقلة عما كانت عليه في السابق، بما في ذلك سعيها إلى رأب الصدع مع عدوين لأميركا هما إيران وحركة "حماس" الفلسطينية. هذا في الوقت الذي أعلنت في الحكومة استعدادها لقبول 17 مليار دولار من المساعدات التي تقدمها السعودية وباقي دول الخليج العربي. ويبدو أن المزاج العام ازداد حدة وتشككاً في أميركا خلال الأسابيع الماضية عندما أبدى المجلس العسكري انزعاجه من استمرار الاعتصامات في ميدان التحرير وسط القاهرة، فسعى إلى تصوير المعتصمين والجماعات المعارضة على أنها عميلة للمصالح الأجنبية. وفي السياق نفسه اتهم اللواء، حسن رويني، أحد أعضاء المجلس الأعلى للقوت المسلحة المصرية "حركة 6 أبريل" الشبابية، وهي إحدى الحركات المهمة في مصر، بأن ما تقوم به يرقى إلى الخيانة العظمى "بسعيها للوقيعة بين الجيش والشعب"، بل أضاف اللواء الذي سعى على ما يبدو للتشكيك في الحركة أن 600 من المنظمات المصرية تقدمت بطلبات مساعدة للولايات المتحدة، وقد عبر "علي السلمي"، نائب رئيس الحكومة المصري للشؤون السياسية عن موقفه المعارض للدعم الخارجي قائلاً "إن الحكومة ترفض أي تمويل خارجي لحركات مصرية بذريعة دعم الديمقراطية". وفي ظل هذه الأجواء، لم تعد المنظمات الأهلية تجرؤ على قبول الدعم من الخارج وباتت متخوفة من وصمها بالعمالة، ويأتي هذا الرفض الرسمي لأي مساعدة من الخارج في وقت تتنامى فيه الشكوك ونظريات المؤامرة من أن الولايات المتحدة وإسرائيل مشتركتان في خطة لإجهاض الثورة المصرية واختطافها لصالحهما، بل إن تنظيم "القاعدة" نفسه سعى إلى الاستفادة من هذه الأجواء من خلال الشريط الصوتي الذي أطلقه، أيمن الظواهري، موجهاً فيه التهم لأميركا بأنها تريد اغتصاب الثورة المصرية لحماية مصالحها. ويبدو أن النشطاء المصريين أنفسهم منقسمون في مواقفهم إزاء المساعدات الأميركية، ففيما يعبر البعض عن تشككهم، لا سيما بعد الدعم الذي خصصته أميركا لمبارك على مدى العقود الثلاثة الماضية يرى البعض الآخر أن الوقت حان كي تستقل مصر بقرارها السياسي وتقيم بنيتها السياسية الخاصة بها دون تدخل خارجي. أما فريق ثالث فلا يعتقد أن التمويل الأميركي يكتسي كل هذه الأهمية، وبالتالي يستحق كل هذا الجدل. بول ريشتر وجيفري فليشمان - القاهرة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©