الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فيسكيني ولا تعشّيني

فيسكيني ولا تعشّيني
29 أغسطس 2014 20:08
تقول الأخبار المتواترة في وسائل الإعلام، إنه ظهرت مؤخراً سيدات يرتدين أقنعة غريبة، تغطي الوجه بأكمله، فيما أُطلق عليه لقب «فيسكيني»، على شاطئ «بيتشجوري» بمدينة تشينجداو بشرق الصين، حسب ما ذكرت بي بي سي. وتلك الأقنعة ترتديها السيدات لحماية الوجه من أشعة الشمس أثناء السباحة، وهي مستوحاة من ملابس الرجل العنكبوت «سبايدر مان». والفسكيني كلمة مكونة من مقطعين «فيس» وتعني وجه، و«كيني»، وهي المقطع الثاني من كلمة «Bikini». وفي بدايات ظهور «الفيسكيني» كان ارتداؤه مقتصراً على السيدات في الأعمار المتوسطة، إلى أن انتشر الأمر وأصبح عالمياً. ولقد لاقى تحول ذلك القناع من شيء غريب ترتديه السيدات في الصين إلى موضة عالمية، إعجاب مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وصل عدد التعليقات على الموضوع إلى حوالي 12 مليوناً على «تويتر». قريباً ستصلنا الموضة، سيما أن لها حاملاً تراثياً في تاريخنا، ولا تتعارض مع قيمنا وعاداتنا، لكن ذلك ينحسر وينحصر في الجانب العلوي فقط لا غير. حيث ستشاهد، على الشاطئ أو في برك السباحة العامة، امرأة بالقناع الفيسكيني من الأعلى، وهي ترتدي البكيني من الأسفل. ربما سنصاب بعقد نفسية جراء هذه الموضة الجديدة، إذ إنك ستشاهد ذاك الجسد، لكن القناع يخفي الوجه الذي يحمل ثلثي الجمال على الأقل. وقد ترى الفتاة ذاتها التي صرعتك بركة السباحة أو حولها، قد تشاهدها في اللوبي داخل الفندق، وربما لن تعرفها ولن تأبه لها، فقد تكون عجوزاً حيزبونا بوجه بائس، وقد تكون ذكرا مغناجا. الفيسكسيني، ثقافة جديدة ستغزونا في مرحلة انهيار كل شيء، ويصعب تقليدها وغشها - لأنها أصلاً بضاعة صينية - وقد تنتشر الموضعة عندنا، ونلبس هذه الأقنعة ذكوراً وإناثاً، وفي كل مكان، وليس في أماكن السباحة فحسب، هذا القناع يجعلنا نتوارى عن بعضنا خجلاً منا. الأقنعة - في الواقع ليست غريبة علينا - وهناك لوحة جميلة للفنان السوري الكبير على فرزات، وقد سرقتها غلافاً لأحد كتبي التي صدرت قبل سنوات، تحت عنوان (مواسم التزلج على الجميد)، تبين اللوحة شخصاً بلا ملامح ينظر بحيرة إلى عدد من الأقنعة، ليختار منها واحداً ويرتديه قبل الخروج من البيت. فهل يرتدي قناع المهرج أم قناع الطفل الساذج أم قناع الرجل الكبير الحكيم أم الحمار أم قناع الفتاة أم الصياد أم الثعلب أم الرأسمالي أم رجل الدين أم الشيطان؟؟؟؟، وهي خيارات متوافرة أمامه. تبدو لوحة فرزات، مجرد لوحة فنية جميلة تبهجنا، لكنها في الواقع أكثر من ذلك . إنها أسلوب حياه في العالم ونادراً ما يخرج الفرد من بيته إلا، وقد لبس قناعاً ما، ووضع في جيبه عدة أقنعة أخرى، على سبيل الاحتياط أو لمجرد التغيير. مستر فيسكيني وطئت أهلاً وقدمت سهلاً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©