الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بريطانيا: ليالي الغضب الطليق

12 أغسطس 2011 23:18
بعد أربع ليالٍ من الفوضى والشغب، قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن بريطانيا تدرس اليوم إمكانية اعتراض ومنع الرسائل المحرضة على العنف التي يتم تداولها عبر مواقع وسائل التواصل الاجتماعي والترخيص للشرطة بأمر الناس بإزالة أغطية الوجه في المناطق التي يشتبه في انتشار الإجرام فيها. وتُظهر التدخلات الممكنة في خصوصية الأشخاص وحرية التعبير إلى أي مدى وصل هنا خطر أعمال الشغب والنهب والتجاوز على النظام والقانون. وقال كاميرون للمشرعين البريطانيين في جلسة طارئة: "إن كل من يشاهد هذه الأعمال الفظيعة سيصدم للكيفية التي نظمت بها عبر وسائل التواصل الاجتماعي"، مضيفاً "إن التدفق الحر للمعلومات يمكن أن يستعمل من أجل الخير، ولكنه يمكن أن يستعمل أيضاً من أجل الشر. وعندما يستعمل الناس وسائل الإعلام الاجتماعية من أجل العنف، فعلينا أن نوقفهم". وقال كاميرون إن السلطات ستستعمل أوامر قضائية مقيدة من النوع الذي يستعمل للحد من أنشطة العصابات في الولايات المتحدة، وقطع المزايا الاجتماعية التي يستفيد منها أعضاء العصابات. وتعهد بزيادة جهود الشرطة لتعقب الناهبين ومشعلي الحرائق المتعمدة الذين يعيثون فساداً في أحياء عبر إنجلترا منذ يوم السبت، والإبقاء على المحاكم مفتوحة على مدار الساعة من أجل النظر في ملفات الـ1200 شخص الذين تم توقيفهم. كما ستعدّ الحكومة مخططات طوارئ لجعل الجيش يتولى بعض المسؤوليات حتى تتفرغ الشرطة للقيام بدوريات في الشوارع إذا اقتضى الأمر ذلك، بحسب ما أضاف كاميرون الذي أوضح أنه ليست ثمة حاجة لمثل هذه الخطوات في الوقت الراهن. يذكر هنا أن شوارع المدينة كانت هادئة عموماً ليلة الأربعاء، وإن كان ذلك يعزى جزئيّاً إلى حضور قوي للشرطة -غير أن مقترح كاميرون تعرض لانتقاد لاذع من قبل البعض في المعارضة. والحال أن بريطانيا -التي تعتبر من أشد المنتقدين لعمليات القمع من قبل الحكومات الشمولية في الخارج- وجدت نفسها فجأة وسط نقاش محتدم حول الأساليب التي ينبغي أن تستعملها لمحاربة الفوضى والشغب في الداخل. وفي هذا السياق، قالت ديان أبوت، وهي مشرعة عمالية من المعارضة من حي "هاكني" اللندني الذي كان مسرحاً لأعمال شغب ونهب، محذرة: "بغض النظر عما إذا كان ما سأقوله كلاماً شعبيّاً أم لا، إلا أن مزيداً من عسكرة الوضع لن يكون مفيداً، وسيدفع الأمور إلى مستوى أكثر سوءاً". كما تعرض كاميرون للانتقاد على خلفية التدابير التقشفية التي خططت لها الحكومة الائتلافية بقيادة المحافظين، والتي تقضي بتقليص ميزانية الشرطة وإغلاق بعض السجون. ولكن رئيس الوزراء رفض الإذعان لضغط المعارضة من أجل تغيير للمسار، مشدداً على أن التخفيضات لن تؤثر على عدد أفراد الشرطة المتوفرين للقيام بواجبهم. ويوم الأربعاء، قال كاميرون إنه تم الترخيص للشرطة باستعمال الرصاص المطاطي والمدافع المائية في ما وصفه بأنه "تصدٍّ" لأعمال الشغب والنهب من أجل إعادة السيطرة على الشوارع الإنجليزية. ولكن اعتباراً من مساء يوم الأربعاء بدا الجزء الأكبر من البلاد هادئاً، حيث قامت المتاجر بفتح أبوابها من جديد في بعض من أكثر الأحياء سخونة، وإن في ظل حضور كبير لقوات الشرطة في الشوارع. بيد أن العديد من الناس ما زالوا يتحدثون عن شعور بالخوف بعد أسوأ ليلة من الشغب حتى الآن، حيث دعت السلطات في برمنجهام السكان إلى الهدوء وسط مخاوف من ازدياد التوترات العرقية بعد حادث مميت. ففي وقت متأخر من يوم الثلاثاء، قامت سيارة كانت تقل ناهبين مفترضين بدهس ثلاثة رجال آسيويين كانوا في الخارج من أجل حماية حيهم فقتلتهم. وقد قامت شرطة برمنجهام باعتقال متهم واحد؛ وعلى رغم أنها لم تكشف عن عرقه، إلا أن رسائل يتم تداولها على "تويتر" أفادت بأن السائق كان أسود، مما زاد من حدة التوترات المحلية. ومن بين القتلى كان هناك شاب في الحادية والعشرين من عمره قام والده طارق جهان بإعطائه الإسعافات الأولية في عين المكان، ولكنه مات بين يديه. وفي نداء عاطفي ومؤثر، دعا جهان إلى وقف أعمال العنف، مشدداً على أن المأساة ينبغي أن تصبح نقطة تحول للسـلام وليسـت دعـوة لـ"الانتقـام". وقـال: "لا أستطيع أن أصف شعور أن يفقد رجل ابنه... لا أعرف ماذا يحدث لإنجلترا ولماذا على الأبرياء أن يموتوا". ثم أضاف لاحقاً "إننا جميعا - سوداً وآسيويين وبيضاً- نعيش في مجتمع واحد، فلماذا علينا أن نقتل بعضنا بعضاً؟". ثم طلب من الجميع أن يكرم ذكرى ابنه عبر "عدم الخروج الليلة". ومنذ بداية أعمال الشغب تقريباً، عقب إطلاق النار القاتل من قبل الشرطة على رجل أسود من سكان شمال لندن الأسبوع الماضي، دعا المنتقدون إلى رد أكثر صرامة على موجة الشغب والنهب التي لطخت صورة بريطانيا قبل أقل من عام على الألعاب الأولمبية التي تستضيفها لندن العام المقبل. وفي مؤشر واضح على غضب الجمهور، أظهر استطلاع للرأي أجري لحساب صحيفة "ذا صن" ونشرته يوم الأربعاء أن 90 في المئة من الذين استطلعت آراؤهم يدعون إلى استعمال المدافع المائية ضد المشاغبين، و77 في المئة يؤيدون نشر الجيش، و33 في المئة يقولون إنه ينبغي السماح للشرطة باستعمال الذخيرة الحية. أنتوني فايولا - لندن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©