الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«سلام» الشرق الأوسط... إلى أين؟

«سلام» الشرق الأوسط... إلى أين؟
10 أغسطس 2013 21:57
كل الذين ينتظرون على الرصيف يتملكهم شعور طاغٍ من أنه لن يذهب بعيداً، إلا أن المسافرين، وبعد أن استقلوا قطار السلام، بدأوا بسماع أصوات متواترة تحمل معاني التفاؤل وتتردد في كافة أرجاء المحطة. هكذا انطلقت محادثات السلام في واشنطن بين الإسرائيليين والفلسطينيين بالقليل من الضجيج والتبويق، لتكلل جهوداً متواصلة بذلها وزير الخارجية الأميركي جون كيري. ويرى معظم المراقبين، بمن فيهم الإسرائيليون والفلسطينيون، أن تلك الجهود تقف في مكان ما بين المشاعر العاطفية والحماقة، ليس لأن الطرفين لا يريدان السلام، بل لأن العوائق التي تقف في طريقه يصعب تخطّيها في هذا الوقت من تاريخ المنطقة. ولا تبدو على كيري وبعض أكبر المشاركين في هذا الحدث الجديد، أمارات التفاؤل المطلوب. وبدا وكأنهم يطمحون لتحقيق أهداف مفرطة في تفاؤلها، رغم أنهم عبروا عن قناعتهم بإمكان تحقيقها. لكن الفجوة التي تفصل بين التوقعات والأهداف لم تكن في يوم من الأيام أكثر اتساعاً مما هي عليه الآن. وقد قال كيري، فيما كان يضع أحد ذراعيه حول كتف تسيبي ليفني وزيرة العدل الإسرائيلية والآخر حول كتف صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين في واشنطن قبل انطلاق المحادثات، «عندما يقول لك أحد ما إن الإسرائيليين والفلسطينيين لا يمكنهما الاتفاق على صيغة مشتركة أو معالجة القضايا التي تفرق بينهما، لا تصدقه». وأضاف كيري: «يمكنني أن أتفهم الانتقادات الموجهة إلينا، لكني لا أراها صحيحة، ولا أمتلك الوقت الكافي للالتفات إليها». ويهدف كيري، كما تهدف المحادثات ذاتها، إلى التوصل لـ«اتفاقية الوضع النهائي» في نهاية شهر أبريل المقبل، والتي يجب أن تحقق على أقل تقدير هدف «إنهاء الصراع ووقف التصريحات المستفزة المتبادلة». ويرى المواطنون من كلا الطرفين بأن هذه الصفقة، وفي هذا الجدول الزمني، وبهؤلاء اللاعبين، وفي هذه الشروط، لن تكون مجدية أبداً. وكان كاتب العمود الإسرائيلي «آري شافيت»، وهو الذي عبّر عن رغبته في أن يرى الغالبية العظمى من الإسرائيليين تخرج لتأييد الحل المبني على أساس إقامة الدولتين، يقطر هذراً عندما اقتطف مقطعاً ساخراً لمواطنه الكاتب جيفري جولدبيرج قال فيه إنه وضع «شربات الفرح» في الثلاجة استعداداً للاحتفال بحلول السلام الموعود. وكان جولدبيرج الذي دأب على كتابة مقالات جادّة حول سياسات إسرائيل على مدى السنوات الماضية، قد كتب سلسلة من الأعمدة الصحفية الناضحة بالتشاؤم، حمل بعضها عناوين صارخة مثل: «رهانات كيري على السلام في الشرق الأوسط أخفقت»، و«سبعة أسباب تدعو للاعتقاد بأن محادثات كيري للسلام مخادعة». ويبدو من المستحيل أن يوافق الإسرائيليون على التخلي عن سيطرتهم على أجزاء من القدس، أو أن يتخلى الفلسطينيون عن مطالبهم بإعادة اللاجئين إلى ديارهم. وهذان مجرد مثالين للقضايا الشائكة التي سيتم بحثها. ولا يبدو أن كيري هو المتفائل الوحيد بنجاح هذه المحادثات. بل إن ممثله الجديد فيها، مارتن انديك، السفير السابق للولايات المتحدة في إسرائيل، لم تكن تبدُو عليه مظاهر الإنسان المكُلّف بمهمة انتحارية عندما وجّه الشكر لرئيسيه أوباما وكيري على الثقة التي وضعاها فيه، وليعلن عن رأيه الشخصي على الملأ عندما قال: «أنا على ثقة تامة بأن السلام الشامل في الشرق الأوسط بات ممكناً». وكان انديك ذاته، وفقاً لما لاحظ الكثير من المعلقين، هو الذي صرّح لإذاعة الجيش الإسرائيلي العام الماضي بأنه غير متفائل بنجاح محادثات السلام لأن «أكبر التنازلات» التي يمكن للحكومة الإسرائيلية أن تقدمها هي «أقل بكثير من أدنى الشروط» التي يطالب بها الفلسطينيون. وعثر إنديك على من يقاسمه نزعته المشرقة حول إمكان تحقيق السلام في شخص مايكل أورين، سفير إسرائيل الحالي لدى الولايات المتحدة، وهو المؤرخ اللامع الذي اشتهر بإجادة فهم طريقة توزيع القوى في ملاعب السياسة. وأثناء حديثه في حوار أدارته قناة «سي إن إن»، كرر أورين لمحاوره المتشائم «وولف بليتزر» قوله بأنه «خلال تسعة أشهر، يمكننا العمل في القضايا الأساسية، كالأراضي والأمن وحتى القدس. وسيكون بوسعنا إنجاز العمل طالما بقي الفلسطينيون على الطاولة». ثم أضاف: «هذا هو الشرط الأساسي». وعلى أن هذه الطفرة في إيجابية التفكير والتحليل، أو على الأقل في إيجابية المحادثات ذاتها، والتي نلقاها عند اللاعبين الأميركيين والإسرائيليين، ليس من السهل أن نعثر عليها عند الجانب الفلسطيني. وعندما انطلقت الاجتماعات في واشنطن -ويُذكر هنا أن عباس ونتنياهو امتنعا عن المشاركة في هذا الحدث المهم- كان عباس في زيارة للقاهرة. وعمد هناك للإدلاء ببعض التفاصيل حول تصوره للدولة الفلسطينية المقبلة، فوصفها بأنها «الدولة التي لا نرغب أن نرى فيها إسرائيلياً واحداً». وربما كان التصريح الإيجابي الوحيد من الجانب الفلسطيني هو ذلك الذي ورد على لسان عريقات عندما قال في واشنطن: «ليس هناك من مستفيد من نجاح هذا المسعى كالفلسطينيين». لكن، إن لم يكن هناك تصريح واحد يتطرق للعقبات التي تقف في وجه المحادثات أو للسبب الذي يدعو لدفعها نحو الأمام، فسوف يؤيد ذلك ما تقوله ليفني من أن «التاريخ لا يصنعه الفاضلون، بل الواقعيون المتحررون من الخوف». وخلاصة القول إن قطار السلام غادر محطته ترافقه بعض التوقعات بالخروج عن سكته، فيما تتخوف توقعات أخرى من أن يقف وسط الطريق، ويؤكد بعض الحالمين بأنه سيكمل رحلته كلها حتى محطة الوصول. فريدة جيتس محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. انترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©