الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سجن أبو غريب... تداعيات الاقتحام

10 أغسطس 2013 21:57
كان الحر القائظ يخنق حراس سجن أبو غريب ونزلاءه القابعين في الزنزانات الخرسانية في بغداد، يوم 21 يوليو، و عندما وصلت الحرارة إلى 107 درجات فهرنهايت. وخارج السجن امتدت لوحة مختلفة الألوان لحقول خضراء وأخرى قاحلة وقوات شرطة وجيش مسلحون ببنادق أيه. كيه-47، وبي. كيه. سي، وبنادق قناصة يتخذون مواقع في أنحاء المنطقة التي انتشر فيها المزارعون السنة وقراهم التي شن منها المسلحون ذات يوم حرب عصابات ضد القوات الأميركية. وداخل جدران السجن سيئ السمعة، كان الحراس المسلحون برشاش الفلفل والعصي فحسب هم خط الدفاع الأخير ضد مهاجمين محتملين. وفي نحو التاسعة مساء، في تلك الليلة، بينما كان يجري تعداد السجناء قبل الدخول إلى زنزانتهم بعد العشاء، بدأت قذائف الهاون تتساقط. وسقط أكثر من 40 قذيفة في تتابع سريع، وقال بعض الناس إنها أكثر من 100 قذيفة. وبينما كان الحرس والمعتقلون يتدافعون بحثاً عن ساتر، انفجرت سيارتان ملغومتان بالخارج مما أوجد فجوة في جدران مجمع الاعتقال الكبير. ثم دخل أكثر من 50 مسلحاً يرتدون الملابس العشائرية ويشهرون مسدسات وبنادق أيه. كيه. 47 وبحوزتهم قنابل يدوية. فقد كانوا على الطريق وفي القرى المجاورة ينتظرون اقتحام المنشأة. وبسرعة انقطع التيار الكهربائي وانطلق المحتجزون خارجين من السجن وهم يكبّرون. وانتهى الاقتحام بمقتل 71 سجيناً وفرار مئات المتشددين في هجوم لفرع «القاعدة» المحلي. وما زال الرقم الدقيق غير واضح: فالحكومة العراقية تقول إن الهاربين عددهم يتراوح بين 300 و850 محتجزاً بعضهم اعتقلته القوات الأميركية قبل سنوات. وعدم معرفة أجهزة الأمن العراقية لعدد المتشددين الفارين بالتحديد هو اعتراف بعدم الكفاءة -ومؤشر على الشعور بعدم التوازن الشديد الذي تسبب فيه الهجوم. ولا يقتصر الأمر على اقتحام المعتقل وحده، فهناك ما يدل على أن المتشددين يكتسون خطراً في أنحاء أخرى من البلاد. وقد شهد العراق أكثر الشهور دموية، منذ نهاية القتال الداخلي عام 2008، عندما أعلنت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي أن 1057 عراقياً قتلوا في شهر يوليو. كما أصبحت هجمات «القاعدة» أيضاً أكثر تعقيداً. فقد تم تنسيق هجوم 21 يوليو مع هجوم على سجن التاجي الواقع شمالي بغداد، على رغم عدم الإفراج عن أي من المحتجزين فيه. وتزايدت قدرة المتشددين على شن تفجيرات منسقة بسيارات ملغومة -مثل موجة هجمات يوم 29 يوليو، عندما ضربت 15 سيارة ملغومة أحياء شيعية في أنحاء البلاد مما أدى إلى مقتل 50 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من 1000 شخص. لم يكن اقتحام سجن أبو غريب كارثة في مجال مكافحة الإرهاب فحسب بل أظهر الخلل الوظيفي في السياسة العراقية أيضاً. وزعزعت «القاعدة» في العراق آمال مسؤولين عراقيين وأميركيين عولوا على أن «زيادة» عدد الجنود بين عامي 2007 و2008، حطمت الحركة التي انتهزت الحياة السياسية المسممة بالطائفية في البلاد لتستعيد خطورتها. وقال جون ماكين، عضو مجلس الشيوخ الجمهوري الأميركي، إن المسؤولية تقع على عاتق الولايات المتحدة لتقاعسها عن ترك بعض القوات في البلاد للتصدي للهجوم، وقال «فزنا بالسلام وخسرنا الحرب. إنه أمر مأساوي للغاية... الأشخاص الذين خرجوا من أبو غريب هم في طريقهم الآن إلى سوريا». وقد فاقم انزلاق سوريا إلى قتال داخلي فرص «القاعدة» في المنطقة. وبينما يقول مقاتل سابق إن «القاعدة» لم تنشر بعد مقاتلين من سوريا لشن هجمات في العراق، إلا أن بعض الجهاديين السوريين ربما فروا إلى العراق وحصلوا على أسلحة من قبائل هناك. وتستخدم «القاعدة» الصراع السوري لزيادة خطرها وتسعى أيضاً لاستقطاب أنصار من خلال استغلال تعثر خطوات الحكومة العراقية التي يقودها الشيعة. وفي البيان الذي أعلنت فيه «القاعدة»، التي تطلق على نفسها حالياً اسم «دولة العراق والشام الإسلامية»، مسؤوليتها عن اقتحام السجن، قالت إن عملياتها نفذت انتقاماً لإطلاق النار على محتجين سنة مسالمين في بلدة الحويجة بشمال البلاد في أبريل الماضي، عندما قتلت الشرطة أكثر من 50 شخصاً معظمهم من المحتجين السنة غير المسلحين. وبدأت الضغائن في أعلى. فقد اتهم رئيس الوزراء نوري المالكي شريكاً سياسياً ومنافساً وهم أنصار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الذين يمثلون عدداً كبيراً في صفوف حرس السجون في مصلحة السجون في العراق بمساعدة «القاعدة». وقال المالكي: «ما حدث في سجن أبو غريب، هو أن الحرس داخل السجن كانت لهم علاقة بهذه الجماعات المسلحة وهم من تواطؤوا، وهم من فتحوا الأبواب». وردت حركة الصدر التي تسيطر على عدد من الوزارات الحكومية بأن رئيس الوزراء «فقد صوابه». وظهر اعتراف بعد الآخر في وسائل الإعلام المحلية: فهناك 200 سجين سني، بعضهم من «القاعدة»، نقلوا إلى أبو غريب قبل أيام من الهرب، وقيل إن السجناء تمكنوا من استخدام الهواتف المحمولة بسهولة ليستطيعوا الاتصال بمدبري اقتحام السجن قبل الهرب. وأربك الهجوم العراقيين. وشكك رجال الدين علناً في قدرة قوات الأمن وانتقدوا الحكومة بشدة. وقد أصيب الحراس بالذهول من خطورة الهجوم. وتظاهر أحدهم بالموت حين رقد وسط كومة من أجساد زملائه من الحرس. وكان أحد مقاتلي «القاعدة» يفحص الجثث ليجهز على من به نفس. وانتهى الهجوم ولكن تأثيراته الخطيرة ربما تظل تتردد في العراق والمنطقة لشهور مقبلة. فجميع منفذي الهجوم طليقو السراح ويمكن أن يشنوا تفجيرات أخرى. رحيم سلمان وند باركر بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©