9 نوفمبر 2010 20:28
بين سحر الريشة وبراعة الألوان تماهت خطوط الذاكرة مع الموهبة الفنية العالية، فأفرزت نتاجاً فنياً من طراز فريد وشّى وجه “فن أبوظبي” ومنحه بصمة إماراتية خالصة، وتمثل هذا النتاج في المعرض الفني الخاص بالشيخة شيخة بنت محمد بن خالد آل نهيان، كفنانة تشكيلية مبدعة. وفي حديثها لـ “الاتحاد” عن علاقتها بالفن التشكيلي وتأثرها بالبيئة الإماراتية، وعالم الألوان وظلالها، فضلاً عن رؤيتها لمسيرة الفن الإماراتي أكدت أنه يسير في الطريق الصحيح خاصة وأنه محاط بالرعاية والإيمان والإبداع، وفوق كل هذا بالاهتمام الكبير الذي تمنحه القيادة الحكيمة للفن الإماراتي بكل أشكاله واتجاهاته.
عن بداية اهتمامها بالفن التشكيلي تقول الشيخة شيخة لا أذكر تاريخاً محدداً لولادة اهتمامي بالفن التشكيلي، فالفن هو كل شيء جميل، وحين تكون محاطاً بالجمال، تجد نفسك مغرماً به من رأسك حتى أخمص قدميك، لهذا كان لابد لفتاة صغيرة مثلي، محاطة بالبحر والبر والرمل وسحر صحراء ذات بشرة سمراء أن تقع في حب الفن التشكيلي وتمارسه من كل أبوابه، فهو أداتي لأقول إني أحب ما أنا عليه، وما انا محاطة به، خاصة حين تكون برفقة أسرة تهتم بذائقة أبنائها الجمالية، وتحرص على نقل الجمال إليهم ولا أتصور أنه يوجد بيئة أكثر من الإمارات تحمل ذلك السحر المقيم في وجداننا منذ لحظات التذوق الجمالي الأولى. من هنا تأتي الألوان كروح للوحة التي تمنحها ذلك الزخم وذلك الثراء، أما عن كيفية اختيارها، فالموضوع نفسه هو الذي يختارها ولست أنا، اللون هو العصب الذي يحرك الريشة ويجعلها تفيض حياة وحباً على رقعة الرسم.
التعبير الحر
وحول لوحاتها، ووقت انطلاق حاسة الإبداع لديها من أجل إنجاز لوحة جديدة توضح: “العيش على مقربة من البحر، وفي ظل السماء، وعلى مرآى الصحراء يمد الواحد فينا بطاقة كبيرة على العطاء، فمنا من ينظم الشعر، ومنا من يكتب القصة، ومنا من يرسم لوحة تنوب عنه بالكلام. لهذا، اعتبر أن المناخ الذي حبانا الله به يخلق في عالمي الداخلي وحياً خاصاً بذاته، يبدأ بالبحر ويمر بالصحراء، لينتهي في حضن أبي الذي منه انطلقت إلى عالم فيه الريشة والحب واللون الناطق، أما فيما يتعلق بفكرة الإبداع وتوقيتها، فأجد أنها وليدة لحظة انفعال تأتيني محملةً بالمشاعر وتطلب مني بشكل غير مباشر التعبير الحي باللون والصورة، الرسم في اعتقادي ولادة ملونة لفكرة عاطفية وجدانية تجتاحنا وتأخذنا إلى مساحة من التعبير الحر من دون قيود أو تردد، لهذا ما من توقيت يحكم الرسم في عرفي الفني.
واعتبر الإمارات والبحر وأبي هم البيئة التي تنطلق منها لوحاتي، فكل واحد منهم يسهم في تشكيل الصورة الوجدانية التي أسكنها وتسكنني، لهذا، جاءت لوحاتي في المعرض محملةً ببصمة أبي وبرائحة البحر الذي كان أبي أول من رافقني إليه، ودعاني إلى لمس مياهه بيدي، لهذا فالإماراتي هو لوحاتي الثلاث عشرة، هي أبي: بدايتي الأولى، والبحر: حياتي الجارية، وأبنائي: مستقبلي ومستقبل الوطن الذي يحملونه في دمهم.
رسالة حب
أما عن الرسالة التي تود توصيلها عبر لوحاتها فتقول: الرسالة التي أحب أن تبوح بها لوحاتي، هي رسالة حب كتبتها منذ 13 سنة إلى روح أبي، رسالة اعتراف له بأني ما زلت أحبه كما الأمس، كما أول يوم أخذني فيه إلى البحر وعلمني كم هو جميل أن نملك أدوات التعبير عن الحب الذي نملكه، لهذا لا أجد غير الحب عنواناً للوحاتي، ولاأجد غير الامتنان أقدمه لأبي الذي ما زال فنجانه دافئاً بالفعل. أما لون البحر فهو من أكثر ألواني المفضلة، لأني أصبه على لون الحب الأبيض الذي علمني أبي لا محدوديته. وعن مشاركتها في معرض “فن أبوظبي”، توضح: مشاركتي في معرض “فن أبوظبي” شكل من أشكال الثراء الفني الذي أضاف لي الكثير، بت اليوم في مرحلة أصعب وأكثر حرفية، فالرسم الذي كنت أمارسه هوايةً وتنفيساً بات اليوم مسؤولية تضعني على مقربة من ذواقي الفن والرسم، الأمر الذي يوجب علي المزيد من العمل والاجتهاد والتمرين، لأشارك في المعارض المقبلة بلوحات تحمل انطباعات مختلفة وجمالية جديدة. ومشاركة الفنانين الإماراتيين في معرض فن أبوظبي اعتراف رائع بموهبتهم، وبقدرتهم على مواكبة الفن العالمي بكل أشكاله، لهذا أجد أن معرض فن أبوظبي نافذة كبيرة أطلت لوحاتنا منها على عالم وجماهير ما كنا سنلتقيهم من دون صالات العرض الرائعة التي وفرها المعرض لكل من جاء برسالته الجمالية .أما من ناحية تأثير المعرض على الحركة الفنية بالإمارات، فالحق يقال أن الحراك الثقافي والفني في دولة الإمارات يكسر دائماً المتوقع، والدليل وصول تلك المعارض العالمية وشراكتها مع الدولة على هذا المستوى الكبير الذي يتطور عاماً وراء عام معززاً فكرة النهضة الثقافية والفنية والتشكيلية على أعلى مستوى.
جائزة أفضل عمل فني
عن المعارض التي شاركت فيها، والجوائز التي حصلت عليها، فتقول: حصلت على جائزة أفضل عمل فني لأبناء الإمارات للرسم بالفوز بالمركز الأول بجائزة العويس للدراسات والابتكار العلمي. وأكثر ما أريد قوله للفنانين التشكيليين الإماراتيين ألا يتوقفوا عن التحليق في عوالم الرسم، أعظم اللوحات في العالم بدأت بفكرة قد تكون متواضعة في البداية، ولكنها مع الحس العالي وصلت إلى اللوفر، وفيما يتعلق بالفن الإماراتي، فأجده في المسار الصحيح، الهدف لا يخطئ حين يكون محاطاً بالرعاية والإيمان والإبداع، وفوق كل هذا بالاهتمام الكبير الذي تمنحه قياداتنا الحكيمة للفن الإماراتي بكل أشكاله واتجاهاته.
المصدر: أبوظبي