السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

خبراء يشككون في تقييم صندوق النقد الدولي المتفائل لإيران

13 أغسطس 2011 01:29
تحظى إيران بإشادات نادرة من صندوق النقد الدولي باعتبارها أول دولة مصدرة رئيسية للنفط تقدم على خفض الدعم الحكومي لأسعار الطاقة والمواد الغذائية، لكن مكاسب الاقتصاد الإيراني المنهك بالعقوبات الدولية قد تكون مهددة بسبب الإعانات الحكومية الباهظة واحتمال خروج التضخم عن السيطرة. وفي ظل ارتفاع حاد في أسعار الخبز والكهرباء والبنزين، بعد أن قلصت حكومة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أموال الدعم بمقدار 60 مليار دولار أميركي، يقول الكثير من الخبراء الاقتصاديين إن الصندوق رسم صورة وردية أكثر من اللازم لبلد سيكون من بين البلدان الأشد تضرراً إذا واصلت أسعار النفط الانخفاض مع تباطؤ الاقتصاد العالمي. وقال صندوق النقد الدولي في تقرير “قليلون هم من قد يشككون في أن هناك حاجة إلى إصلاح أسعار الطاقة المحلية في إيران”. ووصف سعر البنزين المدعوم البالغ 0,10 دولار للتر حين كانت الأسعار العالمية نحو دولارين بأنه “لا يمت للواقع بصلة ولا يمكن استمراره أو تبريره بأي نظرية اقتصادية”. وعلى مدى سنوات اتفق السياسيون الايرانيون على أن الدعم، وهو إرث سياسة ثورية تهيمن فيها الدولة على الاقتصاد لتوزيع عائدات النفط الإيراني الهائلة، لكن نجاد قرر إلغاءه بالفعل وإنما تدريجياً. وربما تتذمر الطبقة الوسطى الإيرانية من ذلك لكن إعانات شهرية قيمتها 455 ألف ريال إيراني (نحو 43 دولارا) لكل رجل وامرأة وطفل، تقدموا بطلب للحصول عليها، خففت من وطأة الأمر خاصة على الأسر محدودة الدخل كبيرة العدد. وأضاف الصندوق في تقرير بعنوان (ايران- التسلسل الزمني لاصلاح نظام الدعم) أصدره في شهر يوليو الماضي “في 18 ديسمبر 2010 رفعت ايران أسعار الطاقة والمنتجات الزراعية المحلية نحو 20 مرة مما يجعلها أول دولة رئيسية مصدرة للنفط تخفض الدعم غير المباشر لأسعار الطاقة بنسبة كبيرة”. ورأى أن “التطبيق الناجح للزيادات الحادة في الأسعار، أتاح لايران فرصة نادرة لإصلاح اقتصادها وتسريع النمو الاقتصادي والتنمية”. لكن، يرى كثير من الاقتصاديين أن مخاطر إلغاء الدعم تسبب تضخماً مدمراً وأن الحكومة قد لا تتمكن من المحافظة على مستوى الإعانات النقدية اللازمة للحفاظ على القوة الشرائية خاصة إذا حدث تراجع في أسعار النفط. ولم يتجنب الصندوق هذه المسألة. وقال في تقرير عن الاقتصاد الايراني أصدره منذ بضعة أيام “إن التضخم يشكل خطورة كبيرة، حيث سيؤدي التضخم الهائل إلى تآكل سريع في أسعار الطاقة المحلية والدعم الموجه بالقيمة الحقيقية وخفض الحوافز المقدمة للشركات لإعادة الهيكلة، مما سيبطل فعلياً المكاسب الأولية لإصلاح نظام الدعم”. وقال محافظ المصرف المركزي الإيراني محمود بهماني يوم 27 يوليو الماضي إن التضخم في ايران قفز إلى 15,4% ليسجل ارتفاعاً مطردا منذ أن بلغ أدنى مستوى له خلال 25 عاما عند 8,8% في شهر أغسطس الماضي. وتوقعت إيران أن يؤدي خفض الدعم إلى ارتفاع التضخم بنسبة 22% قبل تراجعه إلى 7% في الأجل المتوسط. ورأى الصندوق أنه سيرتفع إلى 22,5% هذا العام ثم يتراجع إلى 12% العام المقبل. وقال الاقتصادي الإيراني سعيد ليلاز في مقال صحفي يوم 25 يوليو “لم تعد الإحصاءات تخدم أي غرض، لأنه لا أحد يصدقها”. وقال استاذ الاقتصاد في جامعة فرجينيا الأميركية جواد صالحي اصفهاني “أسلِّم بان التضخم المرتفع خطر حقيقي، سيبدد أثر إصلاح نظام الدعم ويفعل أكثر من ذلك، لكنه لا يشكل خطراً كبيراً في المرحلة الحالية لأن الحكومة تدرك فيما يبدو أن عليها خفض التوقعات التضخمية”. ورأى اصفهاني أنه لا يمكن تحميل العقوبات الدولية مسؤولية متاعب اقتصاد البلاد إلا جزئيا. وأوضح “أصبحت العقوبات جزءاً كبيراً من المشكلة، لكن في الماضي كانت سياسات الحكومة مشكلة أكبر. لقد تضررت القدرات التنافسية لإيران بشدة بارتفاع التضخم المحلي مقارنة ببقية دول العالم، والآن بزيادة أسعار الطاقة”. ورأى رئيس “المبادرة الأمنية لإيران” في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى باتريك كلوسون أن إيران تعي تماما خطورة التضخم وستبذل جهوداً كبيرة لإبقائه منخفضاً لكن عن طريق سياسات ستخنق فرص النمو الاقتصادي. وقال “إذ ظلت أسعار النفط مرتفعة، فمن الممكن استمرار اغراق البلاد بالسلع المستوردة، مما سيكون قيداً قوياً على التضخم في أسعار السلع لكن ثمنه سيكون إضعاف القدرات التنافسية للمنتجات الايرانية وبالتالي تسريح الناس من أعمالهم”. وأضاف “ما استشفه من سياسات الحكومة الإيرانية هو أنها غير مهتمة بشكل خاص بالاقتصاد المنتج، لذا ربما تخفض التضخم بالفعل”. وأشار صندوق النقد الدولي إلى أن العقوبات الدولية الجديدة في العام الماضي رفعت بالفعل تكلفة تشغيل الأعمال وقلصت الاستثمار الأجنبي المباشر ونقل التكنولوجيا وأضرت بالتجارة الدولية والتعاملات المالية. وفي تعليقاته في ختام التقرير أوضح المدير التنفيذي المختص بإيران في الصندوق جعفر مجرد مدى الجدية التي تتعامل بها طهران مع تهديد العقوبات. وقال “في حال استمرار هذه العقوبات، لن يكون أمام إيران أي خيار سوى قطع إمدادات النفط والغاز عن الأطراف المطبقة لها وقد يمتد تأثير ذلك إلى أسواق الطاقة”. وتوقع صندوق النقد الدولي أن يبطئ إلغاء الدعم وتيرة النمو الاقتصادي إلى 2,5% هذا العام من 3،2% العام الماضي وأن الاعانات النقدية ستساعد على دفع الاقتصاد وبالتالي سيرتفع النمو باطِّراد إلى 4.5% بحلول العام المالي 2014-2015. وذكر صالحي اصفهاني أن هذه التوقعات مفرطة في التفاؤل ما لم تحدث قفزة كبيرة في أسعار النفط تسمح بزيادة ضخمة في الانفاق العام. وقال “نظرا لأن الحكومة توقفت عن نشر بيانات الناتج المحلي الإجمالي، فمن الصعب القول ماذا سيحدث. لكن نمواً في نطاق واحد إلى اثنين بالمائة أمر وارد نظرا للأنشطة الاستثمارية التي تنفذها الحكومة نفسها.” ويرى كثير من الاقتصاديين ان سياسة ايران في ربط عملتها بالدولار تمثل أحد أكبر كوابح النمو. فبينما قد يساعد إبقاء الريال مستقراً في كبح التضخم، ستكون له آثار مدمرة على الصناعة الايرانية التي تكافح لمنافسة الواردات الرخيصة ولبيع السلع الايرانية في الخارج.
المصدر: طهران
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©