الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الطاقة النووية تنحسر غرباً وتنتشر شرقاً

الطاقة النووية تنحسر غرباً وتنتشر شرقاً
4 أغسطس 2012
رغم عواقب كارثة فوكوشيما النووية العام الماضي، لا تزال صناعة الطاقة النووية العالمية منتعشة ومتسارعة النمو خصوصاً في الاقتصادات الناشئة. ورغم عزم بضع دول أوروبية على تجنب الطاقة النووية تدريجياً، إلا أن نمو الطاقة النووية عموماً لا يزال قوياً، إذ هناك 61 مفاعلاً نووياً قيد الإنشاء عالمياً، حسب الاتحاد العالمي للطاقة النووية. وينتظر بناء العديد من المفاعلات النووية المقبلة في الدول النامية التي يزيد فيها الطلب على الكهرباء زيادة كبرى والتي تشمل الصين التي تشكل 41% من المفاعلات العالمية قيد الإنشاء، والصين التي تشكل 11% من إجمالي المفاعلات الجاري بناؤها. علقت الصين مؤقتاً إصدار تصديقات المفاعلات النووية في أعقاب كارثة فوكوشيما في الوقت الذي وضعت فيه مجموعة جديدة من قوانين الطاقة الذرية، غير أنه من المرتقب أن يستأنف بدء منح التصديقات في غضون شهرين إلى ثلاثة أشهر. لم يتغير الهدف الرئيسي من تعزيز الطاقة النووية. وقد ظهر ذلك جلياً في أحدث مؤتمرات الطاقة النووية بالصين الذي عرضت فيه شركة الطاقة النووية المملوكة للدولة نماذج مفاعلات بأدق تفاصيلها وهو أمر لم يسبق أن أجرى علناً وذلك سعياً من الصين عموماً والشركات خصوصاً إلى التأكيد على سلامة المفاعلات وإزالة المخاوف من عواقبها وتشجيع تصدير منتجاتها. وأثناء تجول مسؤولين صينيين في المعرض راح مندوبون من الشركات مثل شركة جواندونج للطاقة النووية يشرحون خصائص سلامة مفاعلاتهم مع الاستعانة بكتيبات ونشرات لامعة تحمل عناوين مثل: “الزلازل والأمن النووي”. تعتبر الصين أكبر دولة تبني مفاعلات نووية في العالم اليوم، وإن ظلت بضع دول أخرى متمسكة بالطاقة النووية، وهي تلك الدول التي ستقود بناء المفاعلات في العقد المقبل، وبالإضافة إلى الدول الثلاث الأكبر بناء لمفاعلات نووية حالياً وهي الصين والهند وروسيا، ينتظر أيضاً بناء مفاعلات نووية في كل من المملكة العربية السعودية وكوريا وتركيا والإمارات العربية المتحدة من ضمن دول أخرى. وقال كريس جادومسكي رئيس البحوث النووية في بلومبرج لتمويل الطاقة الجديدة: “تبتعد قيادة صناعة الطاقة النووية عن أوروبا الغربية وتنتقل شرقاً، ولدى الروس تطلعات كبرى إلى تصدير تقنياتهم كما أن هناك الأسواق الصينية والهندية”. وأضاف جادومسكي: “ينتظر أن يصبح الكوريون رواد العالم من حيث تصدير تكنولوجيا الطاقة النووية عالمياً”. كما تكثف الصين أيضاً جهودها إلى تصدير تقنيتها النووية، حيث تقدمت مؤخراً بعرض مشروع بناء مفاعل نووي في تركيا شديد الجاذبية بالنظر إلى أن الصين عرضت أن تقوم هي بتمويل المشروع، كما لم تطالب الحكومة التركية بأي ضمانات. ومع ذلك، يقول محللون، إنه لا يزال هناك بضع سنوات قبل أن تنضج تكنولوجيا الصين النووية بما يكفي لتكون الصين قادرة بالفعل على منافسة شركات مثل شركة أتوسترويكسبورت الروسية. عملت كارثة فوكوشيما بلا شك على تقليص الطموحات النووية العالمية ولكن معظم ذلك مركز في أوروبا والأسواق المتقدمة. وقد تم تأجيل أو إلغاء 24 مشروع مفاعل نووي تقدر بما يزيد على 135 مليار دولار في أعقاب كارثة فوكوشيما، حسب تقديرات بلومبرج لتمويل الطاقة الجديدة. وقامت دول تشمل ألمانيا وإيطاليا وبلجيكا والكويت وسويسرا والمكسيك بتقليص برامج طاقتها النووية وألغت أو أجلت مشروعات مفاعلات. ومع فوز فرنسوا أولاند مؤخراً بالرئاسة الفرنسية والذي يريد تقليص اعتماد فرنسا على الطاقة النووية فإنه من المنتظر أيضاً أن تنضم فرنسا لهذه القائمة. غير أنه خارج أوروبا، فإن العديد من الدول التي يزيد فيها استخدام الطاقة زيادة كبرى لا تزال ملتزمة بتوسيع برامجها النووية مع مراعاتها الدروس التي تعلمتها من حادثة فوكوشيما. لم تجر العملية على نحو سلس، حيث تواجه بعض الدول كالصين معارضة عامة على الطاقة النووية بعد أن شاهد الجمهور كارثة اليابان على شاشات التلفاز. ومع ذلك تعتزم أكثر من 12 دولة توسيع برامجها النووية في خلال العقد، من ضمنها كوريا الجنوبية التي شغلت مفاعلين نووين جديدين هذا العام ولديها ثلاثة مفاعلات أخرى قيد الإنشاء. كما تخطط المملكة العربية السعودية برنامجاً نووياً يضم 16 مفاعلاً ينتظر الانتهاء من بنائها في تاريخ غايته عام 2030. كما تنوي فيتنام بناء مفاعلين نوويين. وقالت باربارا جدج الرئيس السابق لهيئة الطاقة الذرية البريطانية: “يحتاج الناس الطاقة النووية، وهي ليست مسألة سياسية”. وأضافت: “إن الحاجة إلى تعزيز الاقتصاد وتوفير الكهرباء للناس تدفع هذه الحكومات إلى مسار الطاقة النووية”. وقالت جدج، إنه من الممكن أن ينخفض السعر العالي لمعظم المفاعلات، وإنه سيكون هناك تنافساً حقيقياً في الأسواق الناشئة لأجزاء المفاعلات، الأمر الذي ينبغي أن يدفع الأسعار نحو الانخفاض. وفي معرض بكين النووي شركات مثل شركة الصين الوطنية للطاقة النووية كانت تأمل في العمل على حدوث ذلك. وفي وسط معرض هذه الشركة الصينية هناك ملصقات عملاقة موضح عليها إجراءات السلامة الاحترازية الهادفة إلى تقليل المخاوف التي لا تزال تطارد الناس عقب فوكوشيما. وراح الزوار ومسؤولو الحكومات يتأملون نماذج المفاعلات بكل شغف. هنا على الأقل من المرجح للنهضة النووية أن تستمر. نقلاً عن: «فاينانشيال تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©