ينتظر في العام المقبل أن يتجاوز المطلوب من النفط في العالم النامي نظيره في الدول الصناعية للمرة الأولى، فيما يعد نقطة انقلاب في جغرافية الطلب على النفط سيكون لها تأثيرات عميقة على أسواق الطاقة.
إن النمو الاقتصادي الراسخ في آسيا والاتحاد السوفييتي السابق والشرق الأوسط عمل على زيادة الطلب على النفط في هذه المناطق، بينما لا تزال منطقة اليورو والولايات المتحدة واهنتين حسب آخر ما ورد من تقارير من وكالة الطاقة الدولية.
قالت وكالة الطاقة الدولية إن الطلب في الدول غير التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية سيبلغ 45?7 مليون برميل يومياً في العام المقبل بزيادة قدرها 600 ألف برميل يومياً على الطلب في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
يأتي هذا التحول من دون أن يشكل أي مفاجأة لمعظم المراقبين، حيث ظل الطلب على النفط في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية على التراجع المستمر منذ عام 2005، ثم زاد الطلب نسبياً في عام 2010 ولكنه اعتبر آنذاك ارتداد ما بعد الركود ثم تراجع مجدداً في عام 2011، وهو مرشح أن يظل في تراجع أيضاً هذا العام.
هذا في الوقت الذي تشهد فيه الدول في غير منظمة التعاون الدولي والتنمية مثل الصين زيادة سكانية ملحوظة وزيادة الدخل، ومزيداً من النشاط الاقتصادي كثيف الطاقة، وانتشار حزم دعم الوقود التي تحمي المستهلكين من أسعار النفط الدولية المرتفعة، وهي عوامل عملت مجتمعة على زيادة الطلب على النفط.
في المناطق المنتجة للنفط مثل الاتحاد السوفييتي السابق والشرق الأوسط هناك عامل آخر يتمثل في زيادة أسعار النفط تسبب في تحفيز النشاط الاقتصادي، وتشجيع مزيد من استهلاك الطاقة.
يقول ديفيد فايف رئيس قسم صناعة النفط وأسواقه في وكالة الطاقة الدولية: “هذا لم يظهر لحظياً ويفاجئ الجميع”، ويضيف قائلاً: إن زيادة طلب الدول في غير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية هو في الواقع توجه ظل قائماً لفترة طويلة، وذكر فايف أن هذه الظاهرة لوحظت في قطاع المصافي الذي تجاوز فيه إنتاج دول خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية نظيره في دول المنظمة في أواخر عام 2010.
كما قالت وكالة الطاقة الدولية إن الطلب العالمي على النفط سيزيد بمقدار مليون برميل يومياً في العام المقبل بما يفوق زيادة العامين السابقين.
زاد الطلب العالمي على النفط بمقدار 700 ألف برميل يومياً في عام 2011، وينتظر أن يزيد بمقدار 800 ألف برميل يومياً هذا العام، وقالت الوكالة إن عام 2013 سيشهد زيادة قدرها مليون برميل يومياً بما يوصل إجمالي الطلب العالمي على النفط 90?9 مليون برميل يومياً.
غير أن الوكالة المتمركزة في باريس، والتي تقدم الاستشارات للدول الصناعية فيما يخص سياسات الطاقة، تقول إن الزيادة لاتزال أدنى من مستويات ما قبل الأزمة المالية العالمية.
كما خفضت وكالة الطاقة الدولية قليلاً من توقعها بطلب عام 2012 بمقدار 15 ألف برميل يومياً إلى 89?89 مليون برميل يومياً.
ظلت أسعار النفط متقلبة في الأسابيع القليلة الماضية على خلفية أن مزيداً من العقوبات ضد إيران من شأنه إرباك الإمدادات، غير أن ذلك يتوازن مع تأثير أزمة ديون منطقة اليورو على المطلوب من النفط.
وقالت وكالة الطاقة الدولية إن إنتاج النفط الإيراني تراجع في شهر يونيو إلى 3?2 مليون برميل يومياً ليبلغ أدنى مستوياته خلال 22 عاماً، غير أن المملكة العربية السعودية عوضت هذا النقص، حيث زادت إنتاجها إلى 10?2 مليون برميل يومياً، وهو أكبر إنتاج للمملكة خلال 30 عاماً.
نقلاً عن: «فاينانشيال تايمز»
عدد اليوم
