الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ميانمار: انتخابات دون سقف التطلعات!

9 نوفمبر 2010 20:45
توجه الناخبون في ميانمار (بورما) يوم الأحد الماضي إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في انتخابات نادرة لم يمنع تنظيمها من توجيه سهام النقد إلى المشرفين عليها لما قيل إنه قد شابها من تزوير لصالح النظام العسكري الحاكم في البلاد، ومن المتوقع ظهور نتائج أول انتخابات تشهدها ميانمار منذ عام 1990 خلال الأيام القليلة المقبلة لتمهد الطريق أمام فرص تشكيل حكومة مدنية جديدة هي الأولى من نوعها منذ عقود، على رغم أن ذلك قد يستغرق شهوراً من المناورات خلف الكواليس قبل أن ترى النور. وحسب مراقبين محليين ووسائل إعلام بورمية مستقرة في الخارج يبدو أن نسبة المشاركة كانت متدنية في العديد من المناطق بسبب عدم اكتراث الناخبين الذين فضلوا البقاء في بيوتهم، لاسيما بعدما حث الحزب السياسي السابق الذي تتزعمه المعارضة "أونج سان سو كي" على مقاطعة وطنية للانتخابات احتجاجاً على القوانين غير العادلة. وتُعد تلك الزعيمة المعارضة أحد رموز الديمقراطية في البلاد بعدما اكتسحت انتخابات عام 1990 محققة فوزاً عريضاً على النظام الحاكم ما حدا بالعسكر إلى التدخل وإلغاء نتيجة الانتخابات، ومنذ ذلك الوقت وهذه الناشطة السياسية تعيش تحت الإقامة الجبرية. ولكن على رغم هذه الدعوة إلى المقاطعة أكد بعض المراقبين في مناطق مختلفة من البلاد تسجيل مشاركة كثيفة للناخبين ربما تكون قد قاربت نسبة 60 في المئة. وعن هذه الانتخابات صرح "أندرو هين"، السفير البريطاني لدى ميانمار في حديث للصحافة الأجنبية في تايلاند قائلا: "إن الناس يدخلون هذه الاستحقاقات وهم يدركون أن النتائج معدة سلفاً". ولعل ما يؤكد هذا الطرح إقدام السلطات على منع كافة وسائل الإعلام من تغطية الانتخابات، كما تم اعتقال صحفي ياباني تسلل إلى بلدة حدودية مجاورة لتايلاند على أمل الحصول على معلومات بشأن ما يجري في البلاد. والحقيقة أن القليل من البورميين يتوقعون حصول تغيير مهم بعد هذه الانتخابات التي ستستحدث مجلساً تشريعيّاً من غرفتين يتولى اختيار رئيس للبلاد ويتمتع بصلاحيات دستورية مهمة، مع احتفاظ العسكر لأنفسهم بنسبة 25 في المئة من إجمالي المقاعد. ويجادل المراقبون الأكثر تفاؤلاً إزاء الخطوة التي تشهدها بورما بأنها ربما تكون مؤشراً إيجابيّاً على بدء عملية تغيير متدرجة للنظام، يعقبها تسامح أكبر مع الأصوات المعارضة في البلاد وإفساح المجال أمامها للمشاركة السياسية. ولكن مع ذلك اشتكى قادة المعارضة في الأسابيع الأخيرة من حدوث خروق واسعة اعترت العملية الانتخابية بما في ذلك ترهيب الناخبين من قبل المسؤولين الحكوميين. كما أعلنت عدة أحزاب عزمها التقدم بشكاوى رسمية لدى اللجنة الانتخابية التي يسيطر عليها النظام العسكري الحاكم بشأن مزاعم بالتزوير والتلاعب بأصوات الناخبين، على رغم أن المحللين يستبعدون إمكانية الأخذ بهذه الشكاوى مأخذ الجد. ومن الأمور التي تخشى منها المعارضة الأصوات التي سيدلي بها الموظفون الحكوميون والعسكريون الذين من المتوقع أن يصوتوا لصالح حزب "التضامن والتنمية" الذي يقوده أعضاء من الطبقة العسكرية الحاكمة، بحيث يتخوف البعض من احتمال التصويت أكثر من مرة بسبب غياب الشفافية في عملية فرز الأصوات. هذا وقد انتقد العديد من الحكومات الغربية الانتخابات البورمية باعتبارها انتخابات غير ديمقراطية أقصت زعيمة المعارضة "سو كي" وباقي المعتقلين السياسيين. ففي تعليق له من مومباي قال أوباما خلال زيارته إلى الهند إن "الانتخابات غير النزيهة أكدت مرة أخرى استمرار النظام في تفضيل القمع والقيود على الإدماج والشفافية". ومع أن أعداداً مهمة من رجال الشرطة المسلحين شوهدوا في "رانجون" كبرى مدن بورما، إلا أنه لم تُسجل سوى حالات عنف معزولة. وفي المناطق التي تواجه فيها القوات الحكومية متمردين مسلحين، أو تلك التي تجري فيها مفاوضات مع المتمردين، لم تجرَ الانتخابات. ويرى المراقبون أن عملية فرز الأصوات التي بدأت مباشرة بعد إغلاق صناديق الاقتراع ستمثل امتحاناً حقيقيّاً للقائمين على الانتخابات. وعلى رغم السماح للمرشحين بإرسال ممثلين عنهم لمراقبة عملية الفرز قبل الإعلان عن النتائج إلا أن قادة المعارضة يشتكون من قلة المتطوعين وعدم تغطيتهم لعشرات الآلاف من مراكز الاقتراع الموزعة على جميع أنحاء البلاد. وفيما منعت السلطات الحملات الانتخابية الواسعة للمرشحين إلا أنها سمحت لهم بالنزول إلى الشارع والتعبير عن معارضتهم للحكومة، وهو ما شكل بالنسبة للعديد من المراقبين فرصة نادرة لتجريب الحرية السياسية في بلد عادة ما يقمع فيه النظام حركات المعارضة، بما فيها التحرك الذي قاده رجال دين بوذيون في سبتمبر من عام 2007. وعلى رغم هذا التقدم التدريجي الذي تعرفه البلاد بالنظر إلى الانتخابات الأخيرة تبقى بورما بيئة صعبة وغير مناسبة حاليّاً للعمل السياسي الحر، وهو ما يعبر عنه "بنيامين سواكي"، الباحث المختص في الشؤون البورمية لدى منظمة الشفافية الدولية بقوله: "لم يصدر الحكم النهائي بعد على الانتخابات البورمية الأخيرة، وما إذا كانت خطوة حقيقية إلى الأمام، أم أنها مجرد مناورة من النظام لتلميع صورته أمام المجتمع الدولي". سيمون مونتلايد - تايلاند ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©