السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

معجزة الحياة

14 أكتوبر 2006 00:36
الاتحاد - خاص: الله تعالى يقول ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم الا قليلا (سورة الإسراء الآية85)• قدر الله تعالى الموت والحياة فى الخلائق جميعا، ومنذ القدم والناس يفكرون فى سر الحياة تارة وفى الروح وصلتها بالحياة تارة أخرى• واذا كان اكساب المادة صفة الحياة هو دخول الروح فيها فمن المفترض ان علوم الحياة، التى تختص بدراسة الأجسام الحية، سوف تصل فى النهاية إلى لمس بعض الشىء عن الأرواح! اذ المفروض أن من يحصل على خلية حية من مادة ميتة داخل أنبوبة اختبار مثلا يكون قد أخضع سر الحياة للتجربة فى المعمل أو المختبر وهذا لم يحدث حتى الآن• وعامة فان كلمة حياة غير قابلة للتعريف العلمى الدقيق الشامل• ولو أننا نظرنا إلى كل صفة من صفات المادة الحية مثل صفة الحركة، أو صفة التغذية، أو الافراز•• لوجدنا أن هناك حالات تعتبر فيها الأشياء (حية) الا أنها لا تتوافر لها مثل تلك الصفات، ومن أمثلة ذلك حبة القمح أو الشعير، بينما هناك حالات أخرى تسمى فيها الأشياء (ميتة) رغم أن لها بعض تلك الصفات مثل البللورات التى تنمو فى محاليلها المركزة• لقد عرف العلماء المادة الحية بأنها كل وحدة نظامية مميزة بثبات ديناميكى وقدرة على حفظ كيانها بنفسها، وعلى امتصاص الطاقة من نظام قائم من حولها، وعلى تثبيت بقائها بواسطة التوالد والانقسام أو الانشطار قبل أن تموت• كل ذلك بالاضافة إلى أن الوقت الذى يميز فيه قيام تلك الوحدة الحية يلزم أن يكون أطول من الوقت الذى يمكن أن تستغرقه أية عملية من العمليات المميزة لها• وعلى الرغم من هذا التعقيد الفنى فى تعريف الحياة، هناك أشياء كونية عديدة يمكن أن ندخلها بسهولة تحت طائل هذا التعريف• ومن أمثلة ذلك السدم، والكواكب السيارة، والسحب• فالمعروف أن كل ما فى الكون من ألوان المادة وأنواعها المختلفة إنما يتحرك بطريقته الخاصة، ابتداء من مركبات الذرات إلى النجوم والشموس ومجموعاتها من كواكب ومذنبات و••، وهى تمتص الطاقة، وقد تنمو، وتنقسم•• فهل هى حقا حية؟! ومما يزيد من حرج مثل هذا التعريف وجود تلك المواد الدقيقة جدا المعروفة باسم ''الفيروسات'' التى تقف على الحد الفاصل بين ما قد نسميه ''حيا'' وما قد نسميه ''ميتا''• فأغلب الفيروسات مواد كيميائية يمكن تحضيرها فى المعمل، ولا يمكن وصفها بأنها حية تبعا لما هو مألوف• فهى تتميز بخواص التكوين الذاتى فى البيئة الملائمة، وبالنمو والتكاثر، إلا أنها صغيرة جدا (أصغر من أى كائن حى عادى)، كما أن تركيبها يكاد لا يمت بصلة للتركيب الأساسى للخلية الحية! أما الجسم الحى الذى تتعدد فيه الأعضاء وتتباين وظائفها (على غرار القلب والكبد والكلى و•••) فهو ضمن أرقى مراحل تطور الكائنات الحية، حيث تتعاون كل الأعضاء على القيام بوظائف الحياة المختلفة مثل التنفس والتغذية والتناسل و••والمهم أن الجسم يظل حيا ما دامت الأعضاء الرئيسية فيه تقوم بوظائفها كاملة• أما إذا عجز أى عضو رئيسى أو أكثر عن أداء وظيفته فان الجسم الحى يفقد الحياة (أو يموت)• أما الروح فهى سر من أمر الله تعالى وحده، وجوهر غير مادى لا صلة للعلم الطبيعى به• والروح هى الجوهر الذى يتميز بالوعى والفكر والعلم والابداع والتمييز بين الخير والشر• وعادة ما يقول الناس ان روح الانسان تدخل جسمه الحى وهو جنين فى بطن أمه فى شهره الرابع• وأيضا نعرف من كتاب الله العزيز ان الروح تظل تسكن الجسم وتفارقه أثناء النوم على ان تعود إليه حين يستيقظ، ولا تفارقه نهائيا الا اذا مات• ونلمس هذا المعنى من قوله تعالى الله يتوفى الأنفس حين موتها والتى لم تمت فى منامها فيمسك التى قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى ان فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون س(ورة الزمر الآية 42)• وتعالج علوم الحياة وعلم الطب تركيب الأجسام ووسائل علاجها وتقويم أمورها• وكلها من علوم البشر التى تخضع للرصد والتتبع والقياس• أما الروح فلا دخل للعلم الطبيعى بها• الا أنها كما قدمنا هى سر الوعى والادراك• وتتصل دراسات علم النفس إلى حد ما بأمورها• ويؤكد علماء الرياضة والاحصاء من المجتهدين والمهتمين بعلوم الحياة أنه لكى يتكون جزيء واحد عضوى فى أبسط صوره، يتركب من فإنه يجب أن يضم ذرتين من ذرات عناصر الكون، ويكون وزنه الجزيئى هو 20000 حسب قوانين الصدفة وحدها أى (من غير تدخل خارجى)• وفى هذه الحالة تكون درجة احتمال تكوينه بنجاح لا تتعدى جزءا واحدا من (10)32جزءا، وهو مقدار غاية فى الصغر يفوق حدود الخيال يحملنا على القول ان هذا الاحتمال يساوى صفرا على أرض الواقع• أما حجم المادة اللازمة لجعل هذا التركيب ممكنا فانه يعادل حجم كرة يلزم للضوء ان يسافر لمدة (10)82 سنة (أى عشرة متبوعة باثنين وثمانين صفرا) ليقطع مسافة تعادل قطر هذه الكرة، علما بأن سرعة الضوء تساوى 300ألف كيلومترا فى الثانية الواحدة، وهو حجم يفوق حجم الكون بأسره!! هذا معناه أن يتعين على العلماء الماديين اما أن يكونوا على ثقة تامة من صحة قوانينهم الرياضية أو الاحصائية التى يحاولون بها تفسير كل شىء فى الكون من حولهم، وهنا يتحتم عليهم ان يسلموا بأنه ما زالت هناك أشياء وقضايا تعجز تلك القوانين عن كشف سرها وأن هناك معجزات تحدث كل يوم أو أن ينكروا صحة تعميم تلك القوانين فلا يطبقونها على كافة ما فى الكون من ظواهر وقضايا لأنه من المستحيل تطبقها عليها بأكملها• وهنا لا يسعنا إلا أن نعترف بأنه على الرغم من أن الحياة حدثت فعلا فى الأرض بسبب توفر ظروف البيئة الطبيعية من ماء ودرجة حرارة وتربة مكتملة كيميائيا، ثم تكورت بشكل أو آخر، الا أن ظهور الخلايا الحية فى حد ذاته أول الأمر هو بحق معجزة إلهية لها مغزاها ومرماها، لأنه سبحانه وتعالى هو الذى وفر هذه المكونات وجمعها معا فى إطار واحد• والله العظيم يقول: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا • (سورة الكهف الآية 51)• ينشر بترتيب مع وكالة الأهرام للصحافة
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©