السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

..بالتي هي أحسن

14 أكتوبر 2006 00:37
القاهرة - أحمد محمود: شاع بين كثير من الكتاب والمتحدثين في المنابر الصحفية والاعلامية أن الكاتب والمتحدث اذا ما عُرضت عليه المشكلات المعاصرة للأمة يسرف في كيل التهم وتتبع السلبيات ويرى أنه قد أدى رسالته وابرأ ذمته بذكر هذه المثالب وتلك النقائص وباسرافه في ادانة المجتمع وتضخيم السلبيات والمبالغة في تصويرها حتى يتخيل القارىء والسامع انه ينظر الى وحش اسطوري مخيف، أو انه سقط في جب عميق مظلم لا سبيل الى الخروج منه ويقول د محمد داود -استاذ الدراسات الاسلامية بجامعة قناة السويس- إن هذا الموقف السلبي في التعامل مع الأزمة نوع من الهروب والتخلص من عبء المسؤولية والالتزام بقضايا الأمة، ولون من الكذب على الذات -قبل الآخرين- فصاحب هذا الموقف الهروبي يتدثر بعبارات الإدانة وتوجيه التهم وتوزيع النقائص وكأنه يشير الى نفسه قائلا ''أنا غير مسؤول فما أسهل ادانة المجتمع وتتبع العورات والسقطات، اما بناء المجتمع واصلاحه فيحتاج الى نوايا صادقة وقلوب مخلصة وعقول واعية تحمل رؤى خلاقة وفكرا قادرا على تشخيص الأزمة ورؤيتها في مسارها الصحيح في اطار مجتمع متغير وعالم يموج بالصراعات والاضطرابات والازمات ثم وضع الحلول العملية للخروج من الازمة وعن منهج النبي صلى الله عليه وسلم في بناء المجتمع يشير د داود الى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه ''انك إن اتبعت عورات المسلمين افسدتهم أو كدت ان تفسدهم'' ولنتأمل كيف عالج النبي صلى الله عليه وسلم ادواء المجتمع وسلبياته فهذا رجل مولع بالنساء ومجالستهن يمر به النبي صلى الله عليه وسلم وهو في رفقة صويحباته يمازحهن فلا يوبخه النبي صلى الله عليه وسلم ولا ينهره، بل امهله حتى أتى الرجل الى مجلس النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كنت ابحث عن بعيري الشارد فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وكان يداعبه ويقول: ''أما يزال جملك يشرد بك؟'' فيقول: أما منذ قيده الاسلام فلا! وهذا رجل شرب الخمر فأتوا به الى النبي صلى الله عليه وسلم فأمر الصحابة أن يضربوه، فضربوه، فمنهم الضارب بيده، ومنهم الضارب بثوبه، فلما انصرف الرجل قال بعضهم له: اخزاك الله فغضب النبي الرؤوف الرحيم صلى الله عليه وسلم وقال: لا تقولوا هذا، لا تعينوا عليه الشيطان وهؤلاء قوم مشركون اساءوا فأكثروا الاساءة، قتلوا وزنوا وأتوا كثيرا من الموبقات، ولكن ضمائرهم تحركت واستيقظت، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: إن الذي تدعونا اليه لحسن لو تخبرنا ان لما عملنا كفارة فنزل قول الله تعالى ''إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما'' ''الفرقان ''70 وقوله تعالى ''قل يا عبادي الذين اسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم'' ''الزمر ''53 وأكد د داود ان هذا هو منهج الاسلام في علاج المساوىء والتصدي للسلبيات بالحكمة والفهم وحُسن التربية والتدرج في الاصلاح خطوة خطوة، ولذلك لم ينزل تحريم الخمر دفعة واحدة، بل على مراحل، كي تتهيأ نفوس الناس لاستقبال التشريع الجديد ولا يصدمهم فينفروا ويعرضوا وأضاف: لم يكتف النبي صلى الله عليه وسلم بتعليم الأمة عن طريق الوعظ والخطب والوصايا، بل كان لهم نعم الأسوة والقدوة الصالحة على طريق الخير والعمل لنهضة الأمة واصلاح احوال المجتمع وكان خير امام، وخير أب، وخير قائد، واعدل حاكم، واعظم معلم، وتأمل كيف كان يتعامل بحكمة وبصيرة نافذة في كل موقف، فيضيء للناس الطريق ويهديهم الى الخير، خذ مثلا موقف معاوية بن الحكم السلمي حين سمع رجلا يعطس في الصلاة فقال له معاوية: يرحمك الله! فرماه القوم بأبصارهم، فقال: ما شأنكم تنظرون اليّ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على افخاذهم ويقول معاوية: فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوالله ما رأيت معلما قبله احسن تعليما منه، فوالله ما كهرني ''زجرني'' ولا ضربني ولا شتمني وإنما قال لي: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن'' وهذا أنس بن مالك غلام النبي صلى الله عليه وسلم يقول: والله لقد خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما قال لشيء صنعته: لم صنعته؟ ولا لشيء تركته: لم تركته! ويضيف د داود ان النبي صلى الله عليه وسلم كان واسع الصدر حتى مع السفهاء وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قادرا على رؤية ما دفعهم الى السفه والحماقة، ورعونات الجهلاء ومن ذلك ما رواه الحاكم في المستدرك ان يهوديا يُدعى زيد بن سعنة كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم دين، فأراد زيد أن يطلب دينه قبل حلول أجله، فاعترض طريق النبي صلى الله عليه وسلم وقال: انكم بني عبدالمطلب قوم مطل ورأى عمر بن الخطاب ما يفعله اليهودي برسول الله صلى الله عليه وسلم فاشتد غضبه وهم بالرجل فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: كنا احوج الى غير هذا منك يا عمر، أن تأمرني بحُسن الاداء، وتأمره بحُسن الطلب، اذهب يا عمر فاقضه حقه وزده عشرين صاعا من التمر'' وكانت نتيجة ذلك ان اسلم اليهودي وشهد بقية المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©