الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حقوق الإنسان··· خريطة طريق جديدة

حقوق الإنسان··· خريطة طريق جديدة
26 فبراير 2009 02:15
''نعلم جيداً ما الذي سيقولونه''· بهذه العبارة علقت هيلاري كلينتون على رد الفعل الصيني على مناقشة حقوق الإنسان والحرية الدينية والتيبت· وفي ذات الاتجاه تقول منظمة العفو الدولية إنها ''محبطة جداً''، وعن حق، بينما تخشى مديرة مكتب منظمة ''هيومان رايتس ووتش'' في آسيا أن تصبح مباحثات أميركا حول موضوع حقوق الإنسان في الصين ''حوار طرشان، لا يفضي إلى نتيجة''، وهي في ذلك محقة أيضاً· أما بالنسبة لمؤسسي حركة المعارضة الصينية الجديدة ''الميثاق ''08 -التي تعد أكبر منظمة احتجاجية سياسية منذ سنوات- فلا نعرف رأيهم لأنهم كانوا جميعاً رهن الإقامة الجبرية خلال الزيارة التي قامت بها هيلاري إلى بكين· غير أنني واثقة من أنهم جميعاً يشعرون أيضاً بخيبة الأمل لعدم تطرق وزيرة الخارجية الأميركية الجديدة لموضوع حقوق الإنسان في مباحثاتها مع مضيفيها خلال زيارتها للصين· ومع ذلك، ولئن كنت أتعاطفُ مع هؤلاء المنتقدين، إلا أنني أجدني على نحو متزايد غير مكترثة لما قد تقوله هيلاري للقادة الصينيين بخصوص حقوق الإنسان؛ مثلما أنني غير مكترثة لما قد تقوله للقادة الإيرانيين أو لقادة زيمبابوي أو كوريا الشمالية حول الموضوع نفسه، طالما أنه لن يكون لهذه الكلمات معنى وتجسيد على الأرض· ذلك أن الخطابات الرنانة حول حقوق الإنسان أضحت ميزة تميز السياسة الخارجية الأميركية منذ 1956 على الأقل، حين لم نهب لنجدة الهنغاريين الذين شاركوا في تمرد ساعَدْنا نحن على اندلاعه؛ وبالتالي، فإن خمسين عاماً من الوعود المنكوثة تكفي· وإذا كنا سنتخلى عن هذه العادة اليوم، فذاك أمر جيد· وبالمقابل، أهتمُّ كثيراً بما تنوي الإدارة الجديدة فعله بخصوص حقوق الإنسان على الأرض بالأفعال لا بالأقوال، غير أن اللافت حتى الآن هو أن كلاً من هيلاري والرئيس أوباما، يلتزمان الصمت حول هذا الموضوع· واللافت أيضاً أن الساسة عادة ما يتحدثون عن ''الأخلاق'' في السياسة الخارجية كما لو كانت خياراً بين كل شيء أو لا شيء؛ والحال أن ثمة مساحة وسطى واسعة بين إطلاق الشعارات الجوفاء والفارغة في المحادثات رفيعة المستوى -ناهيك عن التهديد بالغزو- وبين عدم القيام بأي شيء مطلقاً· وإذا كانت دول كثيرة تقـــوم فعـــلاً بإسقاط الأنظمة الديكتاتورية فتصبح أكثر ديمقراطية، أو أكثر انفتاحاً على الأقل، نتيجة لذلك -وتلك عملية كنا نساعد عليها أحياناً في الماضي- فإن إدارة أوباما تستطيع فعل ذلك مرة أخرى إن هي بدأت الآن، وإن كانت غير مضطرة لإلقاء المحاضرات على وزير الخارجية الصيني· والأكيد أننا نستطيع المساعدة عبر تقديم مبالغ مالية صغيرة للأشخاص الذين يشجعون الحوار، وليس التمرد المسلح، داخل البلدان القمعية· وفي هذا الإطار يستطيع المرء أن يجادل بأن المال الذي أنفقناه في تمويل ''راديو أوروبا الحرة'' أو المجلات المعارضة للشيوعية مثل ''إنكانتر'' إبان الحرب الباردة كان أكثر فعالية بكثير مقارنة بالمليارات التي أنفقناها على الأسلحة والمعدات العسكرية· ولكن على رغم أن ''راديو أفغانستان الحرة''، الذي يمثل المقابل المعاصر لـ''راديو أوروبا الحرة''، يصل بثه إلى عدد أكبر من المستمعين في أفغانستان مقارنة مع أي وسيلة إعلامية أخرى، إلا أننا لم نزد تمويله؛ بل على العكس، نقصنا الميزانية المخصصة له· وعلاوة على ذلك، فإننا لم نجد حتى الآن طريقة مبتكرة لتشجيع نقاش حقيقي حول التطرف الراديكالي في العالم الإسلامي المعاصر، على غرار ما كانت تفعله مجلة ''إنكانتر'' في يوم من الأيام حين كانت تشجع الحوار حول الشيوعية بين الديمقراطيين الاجتماعيين· ويمكننا أيضاً أن نستعمل الأدوات التقليدية للدبلوماسية العامة· فبدلاً من تعيين الأصدقاء والمقربين في المناصب الدبلوماسية الرفيعة، باستطاعة أوباما أن يعين خلال الأشهر القليلة المقبلة أشخاصاً يتمتعون بالكفاءة والمؤهلات ليعملوا كمتحدثين رسميين حقيقيين باسم الدبلوماسية الأميركية -بحيث يظهرون على القنوات التلفزيونية، ويتحدثون باللغات المحلية، ويكتبون في الصحف المحلية- بل إن أوباما نفسه يستطيع مخاطبة الصينيين بشكل مباشر، أو الكوريين الشماليين؛ وإن تعذر أن يكون ذلك على إحدى القنوات التلفزيونية المحلية، فليكن على ''سي· إن· إن''، و''بي· بي· سي'' مثلاً· صحيح أنه قد لا تكون ثمة جدوى من مساومة الحكومة الصينية حول حقوق الإنسان، إلا أن التصريحات العامة حول الديمقراطية وحقوق الإنسان -من النوع الذي أطلقته هيلاري نفسها في إندونيسيا الأسبوع الماضي- من المؤكد أنها ستصل إلى البعض وإن لم تصل إلى الجميع· وفي الصين مثلاً، البلد الذي يتعرض فيه معتنقو الأديان للمضايقات والتحرشات، على كل الأميركيين رفيعي المستوى الزائرين أن يؤدوا -عن قصد- زيارة لإحدى الكنائس· وفي روسيا أيضاً، البلد الذي ما زال حائراً وغير واثق بشأن ماضيه القمعي، على كل الأميركيين رفيعي المستوى الزائرين أن يزوروا نصباً تذكارياً لضحايا ستالين؛ لأنه حتى بدون الإشارة إلى عبارة ''حقوق الإنسان''، فإن الكثيرين سيفهمون المغزى· وعلى رغم أنها قد لا تحقق الكثير بسرعة، إلا أن هذه الأنواع من السياسات لن تكون على الأرجح فعالة وناجحة فحسب على المدى البعيد، وإنما أيضاً أكثر واقعية مقارنة مع أي من البدائل الأخرى· فعقود من الصداقة الأميركية مع الحكام السلطويين لم تحل دون ظهور التطرف، مثلما أن علاقة ودية مع حكام الصين الحاليين لن تضمن استقراراً آسيوياً دائماً أيضاً· لقد كان الرئيس أوباما محقاً حين قال في خطاب تنصيبه لـ''أولئك الذين يتمسكون بالسلطة عبر الفساد والخداع وإسكات المعارضة'' أن يعلموا أنهم ''في الجانب الخطأ من التاريخ''· واليوم، يتعين عليه وعلى وزيرة خارجيته أن يتبنيا سياسات عملية تؤكد هذا الدرس الخطابي البليغ· آن آبلباوم كاتبة ومحللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©