السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اتفاق وادي سوات ··· ترسيخ لـ طالبان !

اتفاق وادي سوات ··· ترسيخ لـ طالبان !
26 فبراير 2009 02:17
تنفس سكان منطقة وادي سوات المضطربة الصعداء بعد الإعلان عن التوصل إلى اتفاق يقضي بوقف إطلاق النار بين الحكومة الباكستانية وقوات ''طالبان''، رغم حالة الغموض التي مازالت تلف الاتفاق والتساؤلات حول مدى قدرته على الصمود في المدى البعيد وتحقيق السلام المستعصي· لكن اختطاف أحد المسؤولين الحكوميين البارزين في المنطقة، ثم إطلاق سراحه لاحقاً، يأتي ليؤكد هشاشة الاتفاق الذي وُقع في الأسبوع الماضي بين الحكومة المحلية في المحافظة الشمالية الغربية المحاذية لأفغانستان وبين رجل الدين المتشدد ''مولانا صوفي محمــد''· فبموجب هذا الاتفاق يحاول رجل الدين في غضون العشرة أيام القادمة إقناع مقاتلي ''طالبان'' الذين يقودهم صهره ''مولانا فضــل الله''، لقبول اتفاقية طويلة الأمد تنص على أن توقف ''طالبان'' قتالها ضد الحكومة مقابل السماح بتطبيق الشريعة الإسلامية في الإقليم· ويتباحث الطرفان في هذه اللحظة حول ما إذا كان الاتفاق يعني فقط تسريع عملية البت في القضايا المعروضة أمام المحاكم وإصلاح النظام القضائي، أم أنه يعني تعزيز مواقف ''طالبان'' المتشددة، مثل حظر تعليم الفتيات وإغلاق المدارس التي تستقبلهن· هذا الغموض الذي يحيط بالاتفاق لم يمنع المشرعين المحليين من إبداء تفاؤلهم حياله لأنه جاء ليضع حداً للعنف الذي خلف أكثر من 1200 قتيل وهجّر ما لا يقل عن 250 ألف شخص، فضلا عن تدمير أزيد من 150 مدرسة في المنطقة· وفيما كان وادي سوات الذي تحفه الجبال المكسوة قممها بالثلوج البيضاء، والتي انضمت إلى باكستان عــام ،1969 قبلة سياحية مزدهرة، أصبحــت اليوم المدينة الرئيسية في المحافظة، مينجورا، بفنادقها وأسواقها، مهجورة تقريباً وخالية من السياح الذين كانوا في السابق أحد أهم موارد الاقتصاد المحلي· ويبدو أن المصير نفسه لحق بالعديد من المؤسسات، كالمدارس ومراكز الشرطة، والبنية التحتية كالطرق والجسور التي جعلت سوات في الماضي منارة متقدمة للحداثة والتنميــة· واليوم يمكن رؤية عناصر ''طالبان'' يتجولون في الشوارع بحرية ويقيمون نقاط التفتيش ويفرضون القانون الخاص بهم على مقربة من الثكنات العسكرية التابعة للحكومة· وقد كان في إحدى نقاط التفتيش تلك التي أقامتها ''طالبان'' عند مدخل مدينة مينجورا حين اختطفت ''كوشال خان''، قائد المنطقة الجديد، ومعه ستة من رجال حمايته يوم الأحد الماضي ليطلق سراحه في وقت لاحق من ذات اليوم· وعن هذا الحادث يقول ''جواد خان''، صحفي يعمل في جريدة ''أوصاف'' الناطقة بالأردية، ''إن ما جرى يبين بوضـــوح أين يميل ميزان القوة''، وتأتي عملية الخطف في أعقاب جريمــة القتل التي تعرض لها الصحفي ''موسى خان'' داخل إحدى المحطات التلفزيونية، على أيدي مسلحين مجهولين، يوم الأربعاء الماضي، حتى بعد التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار، وهو ما أثار استياء العديد من المنظمات الحقوقيـــة والمنابر الإعلاميـــة في باكستان وخارجها، فأدانت قتل الصحفــي· ورغم استئناف الناس لحياتهم العادية في شوارع وبازارات المدينة، تبقى محلات بيع أشرطة الموسيقى والأفلام ممنوعة بأوامر من ''طالبان'' التي أقدمت أيضاً على منع السينما الوحيدة في المدينة وشطبت الوجوه النسائية من اللوائح الإعلانية القليلة المنتشرة في الشوارع· وبالنسبة للعديد من السكان الذين أزعجتهم الفتاوى المتشددة لـ''طالبان'' والتضييق على حياتهم الشخصية، فقد فروا من المدينة وتوجهوا إلى مناطق أخرى، أما الذين قُبض عليهم وهم ينتهكون تلك الفتاوى فإنهم يُختطفون وفي بعض الأحيان تجز رؤوسهم لتعلق في إحدى الساحات الشهيرة وسط المدينة· ولعل ما يزيد من تعقيد الوضع ويبث حالة من الخوف في أوساط المواطنين، الإشاعات التي تسربت حول وجود شبكة من المخبرين التابعين لـ''طالبان'' يقومون بترصد حركات الناس ومراقبتهم، لكن الخوف من ''طالبان'' يقابله غضب موازٍ مستعر في نفــوس المواطنين مــن قصور الجيش وفشله في حماية الناس· ففي المدارس، حيث توزع الحكومة المواد الغذائية على الأشخاص الذين فقدوا منازلهم، لا يخفـي الناس حنقهم إزاء المسؤولين متسائلين عن سبب غياب الجيش عندما كانت المدارس تتعــرض للتدمير، بينما اختفى الجنود وكان الأهالي بأشد الحاجة إليهم· ومع ذلك فإنه كان لابد من التوصل إلى اتفاق مع ''طالبان'' لإنهاء العنف وإحلال السلام في المنطقة، وهو ما يؤكده ناظر إحدى المدارس قائلا: ''بعدما قتل الناس وهجر العديد منهم لم يبقَ من خيار سوى الترحيب بأي اتفاق''· غير أن بعض المحللين يبدون شكوكهم إزاء نجاح فرص السلام، ومن بينهم ''رفعت حسين''، المحلل العسكري بجامعة ''قيد العزم'' بإسلام أباد، والذي يرى أن ''الاتفاق قـــام على أســـاس غابـــت عنه النويا الحسنــة''، متوقعـــاً أن يؤدي الاتفاق في النهايــة إلى تعزيز مواقـــع ''طالبـــان'' التي تسعى كما يقول إلى ''ترسيخ وجودهــا في ســوات وبســط نفوذهــــا فـــي المنطقـــة، وقد يتخذونهـــا منطلقاً لزعزعة الاستقرار في منطقة باكستان الحدودية التي تديرها القبائل''· عصام أحمد-باكستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©