الجمعة 10 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المتحدث الرسمي .. إشكالية وحاجة

11 أغسطس 2013 20:16
من الناحية الإدارية والتنظيمية، يمكن القول إن وظيفة المتحدث الرسمي عربياً لم تبلغ بعد درجة النضوج لعدة أسباب تاريخية من جهة ولطبيعة الأنظمة من جهة أخرى، لكن من المهم الإشارة أيضاً إلى أن تجارب الدول الأخرى بهذا الصدد، وفيما عدا قلة تتمركز في الدول الغربية الأكثر نفوذاً في العالم، لا تتمثل بنموذج واحد. كذلك تختلف مواصفات أو ممارسة المتحدث الرسمي لمهامه اليومية بين إقليم وآخر، وبين دولة ودولة، وبين قطاع وآخر، وتبعاً للمطلوب منه. ومن هذا المنطلق تفهم كذلك التباينات مثلاً بين دور المتحدث الرسمي عندما يكون وزيراً أصيلاً للإعلام وعندما يكون وزيراً لحقيبة أخرى مكلف ظرفياً بممارسة هذا الدور. هذا التباين لا يعود فقط إلى غياب تقنين واضح للمفهوم وللصلاحيات، بل لطبيعة الحكم قبلاً. ففي الأنظمة غير البرلمانية -على سبيل المثال- غالباً ما تكون وظيفة المتحدث الرسمي للحكومة غير ذات أهمية، وقد يصبح الأكثر أهمية هنا المتحدث الرسمي باسم رئيس الدولة، أو وزارة الخارجية مثلًا، إذا إن وُجد، في حين يظهر بين الحين والآخر متحدثون رسميون موسميون، تبعاً لبعض الأحداث، مثل الحروب أو الأزمات الطارئة. إلى ذلك فإن دأب العديد من دول المنطقة الاعتماد على بعض المؤسسات للقيام بدور المتحدث الرسمي الدائم، ولاسيما مؤسسات الإذاعة والتلفزيون المملوكة للدولة، قد أسهم تاريخياً في ضعف تجربة المتحدث الرسمي وضعف اعتباره جزءاً أساسياً من هيكلة الوزارات والمؤسسات، بشكل لم يسهم بعد إلى حد كاف في إنجاح المحاولات الرسمية الأخيرة لتعيين متحدث رسمي في كل من هذه الكيانات. ويبدو أن هذا الضعف امتد لأسباب عديدة إلى القطاع الخاص. وقد يرى البعض أن عصر الإنترنت ثم العصر الرقمي عامة، بما أملاه من استحداث كل وزارة أو جهة أو شركة، أو حتى الكثيرين من المشاهير، لصفحاتهم ومواقعهم وحساباتهم وتطبيقاتهم على الشبكة والأجهزة الذكية، جعل الحاجة إلى المتحدث الرسمي مسألة غير ضرورية. لكن مثل هذا الاعتقاد ينطلق من فهم قاصر لوظيفة المتحدث الرسمي، لأنه يركّز على اعتبارها وظيفة نقل وإرسال فقط، ويبقيها بعيدة كلياً عن أهم ميزة للتطور الراهن في بنية وتكنولوجيا وعادات الإعلام الجديد، أي وظيفة التفاعل الحي، في الوقت الحقيقي، وفي جو «إنساني» أو شخصي مباشر، مع سعي دائم لبعض المصارحة و»المساءلة» التي تفضي إلى معلومات أكثر دقة وإيضاحاً وتأثيراً من البيانات الرسمية. وأي إعلام لا يتمتع بهذه المزايا يكون إعلاماً فاشلاً بمعايير اليوم وهي لا تتوافر إلا بوجود حقيقي لوظيفة المتحدث الرسمي، أياً كانت الانتقادات التي تعترض هذه الوظيفة التي باتت تتطلب بدورها إعادة مراجعة يتمخّض عنها معايير ومواصفات وإعداد ومهارات متجددة. وبغير ذلك ستبقى احتمالات نجاح هذه التجربة ضئيلة للغاية. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©