مسرحية ريتشارد الثالث: مأساة معربة ·· شكسبير على الطريقة العربية

تستضيف هيئة أبوظبي للثقافة والتراث في مارس المقبل ثلاثة عروض للمسرحية الشكسبيرية العالمية ''ريتشارد الثالث: مأساة معربة'' التي يقدمها مسرح سليمان البسام الكويتي الشهير، في بادرة تعد الأولى من نوعها في المنطقة تقدم من خلالها تجربة فريدة لمحبي المسرح· ويحظى عشاق المسرح في مدينة العين بفرصة مشاهدة المسرحية في العشرين من مارس المقبل في قلعة الجاهلي، إحدى أهم وأقدم القلاع في دولة الإمارات والتي تعد مزاراً سياحياً وتاريخياً وثقافياً يعرف بالدولة، أما عشاق المسرح في أبوظبي فهم على موعد مع عرضين الأول في 29 والثاني في 30 من نفس الشهر على خشبة مسرح الظفرة في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث· وجاءت فكرة المسرحية بتكليف رسمي من ''الفرقة الملكية الشكسبيرية'' في بريطانيا، وتم تقديمها ضمن ''مهرجان الأعمال الشكسبيرية الكاملة'' حيث عرضت 12 عرضاً في مدينة ستراتفورد مسقط رأس الكاتب العالمي المشهور، لتكون العمل العربي الأول المقدم على خشبة هذه الفرقة العريقة، منطلقة بعد ذلك للعديد من الدول منها اليونان وفرنسا والصين وهولندا، ومؤخراً على مسرح مركز كيندي الثقافي في العاصمة الأميركية واشنطن· والمسرحية عبارة عن إعادة صياغة مبتكرة واختصار للنص الشكسبيري الأصلي مع ارتجالات حرة حوله، حيث عمد معد ومخرج العمل سليمان البسام من خلال المسرحية إلى تفكيك دلالات العمل الأصلي وإسقاطها على الواقع العربي المعاصر في قالب لغوي سلس ناطق الفصحى مع العامية في بعض الأحيان، مما يضفي على العمل نكهة متميزة تحافظ على روحه الشكسبيرية، مما جعلها مؤهلة للعرض في مهرجان الأعمال الكاملة لفرقة شكسبير الملكية البريطانية· وتحكي المسرحية، التي تدور في قالب مشوق يحبس الأنفاس، قصة عشيرتين خاضتا حرباً ضروساً تنتصر فيها عشيرة ''يورك'' التي يتزعمها ''إدوارد'' ويتوج على إثرها حاكماً على الدولة، ولكن بعد فترة تتردى صحته فتزيد أطماع أخيه ''ريتشارد'' في السلطة ويبدأ في التخطيط للإطاحة بأخيه، ولا يتوانى عن فعل أي شيء لتحقيق مراده؛ فيتودد لـ ''آن'' أرملة العشيرة الخاسرة ليتزوج منها مما يوطد قوته في حين يتفاقم الخلاف بينه وبين ''الملكة إليزابيث'' زوجة أخيه والتي تحاول بدورها السيطرة على المملكة· وقال عبدالله العامري، مدير إدارة الثقافة والفنون في الهيئة، إن ''استضافة عمل بهذا الابداع والتميز يعد إضافة متميزة لما تقدمه الهيئة لجمهورها الكبير، لما يتمتع به من تكامل في عناصره الابداعية من حبكة درامية غاية في الدقة وصولا إلى طاقم عمل من ممثلين من أهم المسرحيين في الوطن العربي، وانتهاء بإبداع في التفاصيل الإخراجية للمسرحية مثل الإضاءة والديكور والموسيقى الحية التي تمتزج فيها أهازيج البحر والصحراء، ناهيك عن الأزياء التي تبتكر هويتها بحيث لا تلتزم بإقليم معين أو بمنطقة ما''· وأضاف أن المسرحية ''تتميز أيضا بأنها تختصر وبشكل متميز كل ما تسعى الهيئة للترويج له من إبداع وابتكار في الطرح والقيم التعليمية المختلفة، والدعوة للحوار بين مختلف الثقافات من خلال مزج الأوروبي بالموروث العربي في حبكة المسرحية''، مشيرا إلى أن الهيئة ''تأمل من خلال هذه العناصر جميعها أن تستقطب الجمهور العربي والغربي، خاصة وأن المسرحية مقدمة باللغة العربية مع توافر ترجمة للغة الإنجليزية ونقاش حي مع المخرج وطاقم المسرحية عقب كل عرض، مما يضفي أبعادا تثقيفية وحضارية جديدة على خط الهيئة الموسوم أبداً بالتميز والتكامل''· من جهته قال البسام إنه يعتبر العمل ''قناعاً لا للستر بل للكشف عن خطوط هويتنا والتي قد لا تكتشف في المرآة· لقد استعنت بالقناع لأكشف عن عالمنا''· وأضاف: ''لما أتيحت لي الفرصة لتناول النص عربيا وجدتني أمام سؤالين هما كيف يمكننا أن نحول مفردات هذا العمل الأجنبي إلى فعل وجداني عقلاني يتفاعل معه المشاهد العربي كجزء من فضائه الخاص؟، والسؤال الآخر هو: كيف يمكننا أن نعيد تقديمه وإرساله نحو العالمية مرسلين معه تاريخنا وحضارتنا العربية؟، وجاء العمل كمحاولة للإجابة عن هذين السؤالين''· يذكر أن مسرح سليمان البسام تأسس في الكويت عام 2002 واستطاع في فترة قصيرة إثبات وجوده كأحد أهم منتجي المسرح النوعي في المنطقة، ويعمل من خلال عناصره العربية والأجنبية على ردم الهوة بين الشرق والغرب، وقد أنتج مسرح البسام مجموعة من الأعمال المسرحية منها: ''المقايضة'' و ''ذوبان الجليد'' عام ،2003 و''مؤتمر هاملت'' بين عامي 2004 و2005 ، و''كليلة ودمنة مرآة الملوك'' عام ،2006 حاز من خلالها العديد من الجوائز العالمية·