الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

لندن تقر بـ «مشكلة اجتماعية دفينة» وتتمسك بخفض الشرطة

لندن تقر بـ «مشكلة اجتماعية دفينة» وتتمسك بخفض الشرطة
14 أغسطس 2011 00:44
أكدت الحكومة البريطانية أمس، أن البلاد في حاجة لمعالجة مشكلات اجتماعية دفينة بعد أعمال الشغب والنهب التي شهدتها مدن إنجليزية الأسبوع الماضي، مؤكدة أنها ملتزمة بخطتها خفض أعداد رجال الشرطة. في حين اعتبر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أن مثيري أعمال الشغب الأخيرة يجب طردهم من المساكن الاجتماعية المخصصة لذوي الدخل المحدود، مشدداً بقوله “عليهم إيجاد مسكن في القطاع الخاص، وهذا الأمر سيكون أكثر صعوبة لهم، لكن كان عليهم أن يفكروا في ذلك قبل البدء بالسرقة”. ووسط انتشار أعداد كبيرة من رجال الأمن في لندن أمس لمنع وقوع أي اضطرابات جديدة، طلب كاميرون من القائد السابق لشرطة نيويورك بيل براتون المتخصص في مكافحة العصابات، العمل كمستشار لدى الشرطة البريطانية لوقف أعمال الشغب. وأكد براتون موافقته على القيام بهذه المهمة لكنه حذر من أن “التعامل مع المشكلة، أكثر تعقيداً من مجرد اعتقال مثيري الشغب الذي لن يحل المشكلة”. وقال وزير المالية البريطاني جورج أوزبورن “ثمة مجتمعات تركت في المؤخرة مقارنة ببقية البلاد .. إنها مجتمعات حرمت من شريان الحياة الاقتصادي”. وتعرض كاميرون لانتقادات من حزبه المحافظ لأنه كان ليبرالياً أكثر من اللازم بشأن الجريمة والعقاب، ما جعله يتخذ نهجاً متشدداً بشأن أعمال الشغب في البيانات التي أدلى بها الأسبوع الماضي بعد أن عاد من إجازته الصيفية ودعا البرلمان إلى الانعقاد في دورة استثنائية، وتعرض كذلك للانتقادات بسبب الإجراءات التقشفية التي تطبقها حكومته للتعامل مع عبء المديونية الثقيل. وأوضح أوزبورن أن إنفاق الأموال على المشكلة، ليس حلاً وأن الحكومة ستمضي قدماً في الخفض الحاد لأعداد أفراد الشرطة الذين انتقدهم كاميرون لأسلوب تعاملهم مع أعمال الشغب. وقال كاميرون إن المظالم السياسية والاجتماعية ليس لها شأن كبير بأيام من النهب والعنف التي تبعت تلك المظاهرة والتي قتل فيها 5 أشخاص والتي وصفها بأنها “نشاط إجرامي صرف ببساطة”، قائلاً إن عنف العصابات يكمن في أساسها. وأضاف أوزبورن أن بعض المجتمعات شعرت بتخلفها عن بقية البلاد وأن الأمر متروك للمجتمع والحكومة لإعادة دمج هذه المجموعات التي تشعر بعزلة وضمان إدراكها للفرق بين الصواب والخطأ. وصرح لهيئة الإذاعة البريطانية “ثمة مشاكل اجتماعية دفينة نحتاج لمعالجتها”، وتابع “ثمة مجتمعات لم تساير بقية البلاد .. إنها المجتمعات التي حرمت من شريان الحياة الاقتصادي لبقية البلاد”. ووجهت انتقادات للحكومة لأنها تمضي في خطة خفض ميزانية الشرطة في وقت تابعت فيه البلاد بانزعاج الشرطة وهي تبدو بلا حول ولا قوة في أغلب الأحوال في مواجهة مئات من الشبان ينهبون المتاجر ويضرمون النار في شركات ومتاجر ومنازل خلال 4 أيام من الاضطرابات. ولكن أوزبورن قال إن المشاكل لن تحل ببعثرة الأموال على الشرطة فحسب. وأضاف أن الحكومة لا تزال عازمة على خفض ملياري جنيه استرليني من ميزانية الشرطة مما يعني فقدان نحو 30 ألف وظيفة. وتابع وزير المالية بقوله “نحن ملتزمون كما أوضح وزير الداخلية ورئيس الوزراء وأنا الأسبوع الماضي، بالخطة التي وضعناها لإصلاح الشرطة”. وقال إن الأمر لا يتعلق بالعدد ولكن “بتحسين وجود الشرطة في مجتمعاتنا بحيث تصبح الشرطة مرئية بشكل أكبر”. وفي مواجهة الانتقادات بشأن معالجتها للشغب، استعانت الحكومة البريطانية ببراتون خبير جرائم الشوارع الأميركي و”ثقافة العصابات”، لتقديم النصح بشأن التعامل مع عنف العصابات. وقالت ناطقة باسم رئاسة الحكومة البريطانية إن “كاميرون تحدث إلى براتون للتعبير عن شكره على موافقته المشاركة في سلسلة اجتماعات في بريطانيا الخريف لعرض خبرته في مواجهة العصابات عندما كان قائداً للشرطة في بوسطن ونيويورك ولوس أنجلوس”. وأضافت أن كاميرون “يسعى لتزويد الحكومة بالخبرة والتجربة التي بنتها دول أخرى وبريطانيا”، مؤكدة أن “براتون الذي يقيم علاقات قديمة مع الشرطة البريطانية، سيقدم نصائحه الشخصية ومن دون أي مبلغ مالي”. وكانت شبكتا “إن بي سي” وأي بي سي نيوز” الأميركيتان ذكرتا أن براتون تلقى اتصالاً هاتفياً من كاميرون أمس الأول، ليطلب منه العمل مستشاراً لدى شرطة “اسكتلنديارد”. وأكد براتون لشبكة “إن بي سي” أنه يتوقع أن يتولى مهامه هذه قريباً لكنه لا ينوي الإقامة بشكل دائم في بريطانيا. وستكون هذه المهمة طويلة الأمد وليست مخصصة لمواجهة أعمال الشغب الحالية التي هزت لندن ومدناً أخرى. وقال براتون لصحيفة “ديلي تلجراف” إن مثيري الشغب صغار السن يجب أن يشعروا بالخوف من الشرطة ومن إمكانية مواجهة عقاب خطير. وأضاف الرجل البالغ (63 عاماً)، “يجب العمل على إخافة قدرتهم على اتباع سلوك إجرامي وتوقيفهم وملاحقتهم بالقضاء وحبسهم”. وتابع “تجربتي علمتني أن المجرمين الشباب لا يخافون من الشرطة ويميلون إلى القيام بتحدي الشرطة”، موضحاً أنه “يجب إفهامهم منذ صغرهم أن هذا السلوك المقيت والمعادي لن يسمح به”. وكان براتون من أهم الشخصيات في الشرطة التي دعت إلى اعتماد مبدأ عدم التسامح إطلاقاً مع الإجرام في نيويورك. وقال “إذا حصلت أمور على نطاق ضيق، فيجب عدم السماح باتساعها لتصبح مشاكل أكبر”، مؤكداً أن الشرطة تحتاج إلى “أدوات كثيرة” جاهزة لمواجهة أي أعمال شغب. وأشار إلى أن “الجدل يدور حالياً حول الرصاص المطاطي وأسلحة غير قاتلة مثل بخاخ الفلفل وخراطيم المياه ومسدسات تازر”. وأكد أن الشرطة يجب أن تقوم بمهامها بشكل دستوري وثابت واتباع السياسة نفسها في الأحياء الفقيرة والغنية. وقالت الصحف إن كاميرون كان متحمساً جداً للاستعانة ببراتون ليتولى قيادة الشرطة البريطانية، لكن وزيرة الداخلية رفضت ذلك، مؤكدة أن المنصب يجب أن يشغله بريطاني. واستقال قائد الشرطة البريطانية بول ستيفنسن من منصبه في 17 يوليو المنصرم إثر فضيحة التنصت على الاتصالات الهاتفية من قبل “نيوز اوف ذي وورلد”، بعد الكشف عن علاقات بين ضباط والصحيفة. وقال أوزبورن “نريد أن نستعين بنصيحة أشخاص أمثال براتون لمعالجة بعض المشاكل الاجتماعية الدفينة، مثل ثقافة العصابات في مجتمعنا بشكل حقيقي”. وأضاف “ولكن الأمر لا يقتصر على ميزانيات الشرطة، بل يتعلق بتحد أكبر كثيراً لمجتمعنا الذي يتعامل مع أشخاص جرى تجاهلهم لفترة طويلة ومساعدتهم لكي يشعروا بأن لهم دوراً في المجتمع ويشعروا أنهم يدركون الفرق بين الصواب والخطأ ويفهموا مسؤولياتهم تجاه المجتمعات الأخرى وليس حقوقهم فحسب، وهو تحد للحكومة في المستقبل”. وذاع صيت براتون بالحد من جرائم الشوارع أثناء عمله كقائد للشرطة في نيويورك ولوس أنجلوس وبوسطن. وأبلغ تلفزيون “أي بي سي” أمس بالقول، “لا تستطيع أن تعتمد على الاعتقالات وحدها للتخلص من المشكلة”. وتابع “من المؤكد أن الاعتقال مناسب للأعنف والذي يتعذر إصلاحه ولكن يمكن التعامل مع كثير منها بطرق أخرى وهي ليست مشكلة شرطية وحسب وإنما هي في الواقع مشكلة مجتمعية”. وساد الهدوء في المدن البريطانية أمس لليوم الثالث على التوالي، إلى حد كبير، حيث تدفقت الشرطة على الشوارع لضمان ألا تؤدي عطلة نهاية الأسبوع إلى تجدد أعمال الشغب.
المصدر: لندن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©