الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حامي الدار

15 أكتوبر 2006 02:00
حكى الفضل بن يزيد: قال: نزل علينا بنو ثعلب في بعض السنين وكنت مشغوفاً بأخبار العرب ان أسمعها وأجمعها فبينما أنا أدور في بعض أحيائهم إذا أنا بامرأة واقفة في فناء خبائها وهي آخذة بيد غلام قلما رأيت مثله في حسنه وجماله، له ذؤابتان كالسبج المنظوم وهي تعاتبه بلسان رطب وكلام عذب تحن إليه الأسماع، وترتاح له القلوب وأكثر ما أسمع منها أي بني وهو يتبسم في وجهها قد غلب الحياء والخجل كأنه جارية بكر لا يرد جوابا فاستحسنت ما رأيت واستحليت ما سمعت فدنوت منه وسلمت فرد علي السلام فوقفت أنظر إليهما فقال: يا حضري ما حاجتك ؟ فقلت: الاستكثار مما أسمع والاستمتاع بما أرى من هذا الغلام· فقالت: يا حضري ان شئت سقت اليك من خبره ما هو أحسن من منظره· فقلت: قد شئت يرحمك الله فقالت: حملته والرزق عسر والعيش نكد حملاً خفيفاً حتى مضت له تسعة أشهر وشاء الله عز وجل أن أضعه فوضعته خلقاً سوياً فوربك ما هو إلا أن صار ثالث أبويه، حتى أفضل الله عز وجل وأعطى وأتى من الرزق بما كفى وأغنى، ثم أرضعته حولين كاملين فلما استتم الرضاع نقلته من خرق المهد الى فراش أبيه فربي كأنه شبل أسد أقيه برد الشتاء وحر الهجير حتى إذا مضت له خمس سنوات أسلمته الى المؤدب فحفظه القرآن فتلاه، وعلمه الشعر فرواه ورغب في مفاخر قومه وآبائه وأجداده· فلما ان بلغ الحلم واشتد عظمه وكمل خلقه حملته على عتاق الخيل فتفرس وتمرس ولبس السلاح ومشى بين بويتات الحي الخيلاء· فأخذ في قرى الضيف واطعام الطعام وأنا عليه وجلة أشفق عليه من العيون ان تصيبه· فاتفق ان نزلنا بمنهل من المناهل بين أحياء العرب فخرج فتيان الحي في طلب ثأر لهم وشاء الله تعالى ان أصابته وعكة شغلته عن الخروج حتى إذا أمعن القوم ولم يبق في الحي غيره ونحن آمنون وادعون الى ان ادبر الليل وأسفر الصباح حتى طلعت علينا غرر الجياد وطلائع العدو فما هو الا هنيهة حتى أحرزوا الأموال دون أهلها وهو يسألني عن الصوت وأنا أستر عنه الخبر اشفاقاً عليه وضنا به اذ علت الأصوات وبرزت المخدرات رمى دثاره وثار كما يثور الأسد وأمر باسراج فرسه ولبس لأمة حربه وأخذ رمحه بيده ولحق حماة القوم، فطعن أدناهم منه فرمى به ولحق أبعدهم منه فقتله فانصرفت وجوه الفرسان فشاهدوه صبياً صغيراً لا مدد وراءه، فحملوا عليه فأقبل يؤم البيت ونحن ندعو الله عز وجل له بالسلامة حتى اذا مدهم وراءه وامتدوا في أثره عطف عليهم ففرق شملهم وشتت جمعهم وقلل كثرتهم ومزقهم كل ممزق ومرق كما يمرق السهم وناداهم خلوا عن المال فوالله لا رجعت إلا ربه أو لأهلكن دونه فانصرفت اليه الأقران وتمايلت نحوه الفرسان وتميزت له الفتيان وحملوا عليه وقد رفعوا اليه الأسنة وعطفوا عليه بالأعنة فوثب عليهم وهو يهدر كما يهدر الفحل من وراء الإبل، وجعل لا يحمل على ناحية الا حطمها ولا كتيبة الا مزقها حتى لم يبق من القوم الا من نجا به فرسه ثم ساق المال وأقبل به فكبر القوم عند رؤيته وفرح الناس بسلامته فوالله ما رأينا قط يوماً كان أسمح صباحاً وأحسن رواحاً من ذلك اليوم
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©