الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«فن أبوظبي».. العالم بين الماء والصحراء

«فن أبوظبي».. العالم بين الماء والصحراء
10 نوفمبر 2010 19:29
من الطبيعي جداً أن أي معرض عالمي يقام في أي بقعة بالعالم وباشتراك جاليرهات رسم عالمية تقتني أندر اللوحات والمنحوتات، لا بد أن تقدم أثمن ما لديها من جوانب عدة، أهمها تمثيلها للجانب الفني الذي اشتغلت عليه مدرسة فنية ما أو برع فيها فنان عالمي فاقت شهرته الجهات الأربع. وبعيداً عن كل تقييمات محبي المدارس بمختلف صنوفها يبقى اسم الفنان هو معيار شهرة وغلاء اللوحة وتفردها، وذلك ما عرف في سوق الفن التشكيلي والنحت العالمي، هذا بالإضافة إلى ما إذا كانت اللوحة نسخة أولية أو النسخة الـ (100) فما بين هذه وتلك بون شاسع حتى لو كانت للفنان نفسه. الفنان صانع الأعمال، يبدع نصاً اسمه اللوحة الفنية، وتهاجر هذه اللوحة بعد أن يوقع الفنان عليها وعند زاويتها اليسرى عادة، وعند كل خطوة وبلد جديد وبعد آلاف الكيلومترات تزداد قيمة اللوحة، حتى تصبح من النوادر حقاً حينما تبتعد زمانياً ومكانياً عن لحظة اكتشاف خطوطها يوم صاغها الفنان بوجدانه. تقاس عظمة أي معرض بما يحتوي من هذه الأعمال النادرة أولاً وبما تحمل هذه الأعمال من تواقيع لفنانين كبار ثانياً وبما تبتعد زمانياً ومكانياً عن لحظة رسمها الأولى. أي معرض توجد فيه لوحة لبيكاسو، لا بد حينئذ من أن تتصدر، لما لأهمية بيكاسو عالمياً كونه مكتشفاً ورساماً ونحاتاً ومعلماً، ومجترح أفكار لا يوصف. في أبوظبي اجتمعت الفنون، فنون العالم في معرض أطلق عليه “فن أبوظبي 2010”، 50 دار عرض من أميركا وفرنسا وألمانيا.. بل من أوروبا كلها ومن عالمنا العربي كله والشرق كله لتقدم ما لديها من روائع الفن ونادرة المقتنيات ومن أجل مسح كل هذا المعرض اخترنا لوحة لكل جاليري ليكون حديثنا من خلالها. في لوحة Homme a la Pipe التي رسمها بابلو بيكاسو 1969 من الزيت على الجمفاص وبحجم 114X146 سم نجد “اكوافيلا جاليريز” الأميركي قد قدم هذه التحفة، على الرغم من أن ما يكتنزه هذا المعرض من أعمال مثلت الانطباعية والتكعيبية والسريالية يعتبر نادراً فعلياً. بلا عنوان أما “جاليري أجيال للفنون التشكيلية” فقد قدم نبيل نحاس بعمله “بلا عنوان” عام 2008 وهو من الاكرليك على الجمفاص 122X152 سم. هذا الجاليري اللبناني الذي يحتضن المواهب الواعدة ويقدم رواد الفن، تراه هنا يقدم هذه اللوحة الشفيفة بلونها البرتقالي وبرموزها الإيحائية الصامتة. في جاليري أيكن تطالعنا لوحة Sana Arjumand التي رسمت عام 2010 تحت عنوان (In the Play Ground (Voyage من الاكيرليك والحبر والـ Teu - Stain والزيت على الجمفاص بشكل مربع 122X122 سم تمثل الصمت والتأمل بين الطفولة والشيخوخة، بين الإشراق والظلمة، بين البداية والنهاية في انسجام وتناغم روحي عال يتحكم في هذا الاخضرار للغريب، للذات المنطلقة. يعرض هذا الجاليري إبداعات الفنانين الهنود في أميركا وأوروبا. مقابل ذلك يأتي معرض الماين ريتس جاليري ليقدم “فرانس ويست” في عمله النحتي الرباعي الجميل Installation View of Double الذي أنجز في الفترة من 26 مارس حتى 20 مايو 2010 وهو من الورق والاكرليك والاستيل. يبدو الاشتغال في هذه الأعمال الأربعة تجريدياً ضمن حرية مطلقة في تمثيل الأشياء والتعبير عنها. ويشارك “جاليري سوا” بعمل نحتي من الاستيل المطوي للفنان الإماراتي جلال لقمان والذي سبق أن عرض في أحد معارض أبوظبي، ليقدم لقمان في عمله الذي يصل إلى 248X155X200 سم تحت عنوان The Invisible والمنجز عام 2009 من الـ Galvanized Steel، إنه تمثل لإنسان عالم متخيل، للقوة الجسدية في براعة الحركة والتوازن المتميز في الارتكاز، حيث معادلة الأحجام وثقلها ومساحاتها تدعو للإعجاب حقاً، هذا بالإضافة إلى حركة الجسد الفارع وخطوته الجريئة التي تثير الاهتمام حقاً. وحشة الطبيعة في “جاليري أتاسي” من دمشق يأتي عمل توفيق طارق الفنان الذي أنجز هذه اللوحة Landscape في عام 1939 من الزيت على الخشب بحجم 20X30 سم.. لوحة صغيرة وهي غاية في تمثل الجمال، لون واحد متدرج مع احمرار خفيف لشخص فتي يقف مشدوهاً أمام غابة كأنها العاصفة، غيوم وأشجار هائجة الطبيعة تقدم وحشتها. ومن عمان يأتي “جاليري بيت مزنة العماني” حيث الحياة الملكية القديمة، يقدم حسن مير لوحته The Soul of the Virgin التي نفذت عام 2010 وهي فوتغرافي بحجم 115X150 سم لنرى كل تمثلات الحس الإسلامي والموروثي فيها. فتاة تقف لابسة البرقع، عينان متوهجتان وثمة جناحان بارزان ويدان مختفيتان وفوقها هلال ونجمة في أعلى قبة إسلامية، وفي استخدام جميل للحروفية العربية ما بين النصوص القرآنية والنصوص الوعظية.. امتثال كامل للإيحاء في كل مقطع من الصورة. قدم “جاليري باتريس تريجانو” لوحة بابلو بيكاسو التي رسمها عام 1919 من الزيت على الجمفاص بعنوان Nature Morte ala Colombe Oiseau sur une table وبحجم 55X46.7 سم والتي برع فيها بيكاسو في تقديم رؤيته للعالم، ضمن إطار مائدة طعام استطاع من خلالها أن يصف في مشهد بانورامي توخى الترميز ماذا يحصل للعالم خلال الحرب العالمية الأولى. وجاليري بارتيس يمتلك من الأعمال الكلاسيكية لجياكوميتي وبيكاسو وماتيس وميرو ما يدهش حقاً. من جانب آخر استطاع “جاليري تيادوس روباك” الذي أنشئ في سالزبورج في اهتمام بالفن المعاصر الأوروبي أن يقدم لوحة أليكس كاتز المعنونة بـ Vivien With Orange والتي رسمت عام 2007 من الزيت على الجمفاص بحجم 102.9X91.4 سم. المرأة البرتقالية استغلال رائع من أليكس كاتز للون البرتقالي، أرضية اللوحة، وجسد المرأة، وطلاء الشفتين وحركتها الناعسة، المغرية، وأرجوحتها الفارهة بالجسد المتأجج وتأملها الذاتي الموحي. إنها لوحة المنجز الصعب على الرغم من بساطة التنازل ورقة الإحساس، إلا أن العمل بدا واضحاً في تسميتها أيضاً “فيفيان والبرتقالي” بتجانس واضح بين الذاتي والموضوعي. في لوحة عبدالقادر الريس المعنونة بـ Colligraphy 2009 من الألوان المائية بحجم 120X180 سم والتي قدمها “هُنر جاليري” في دبي كونه جاليري للفن، هناك حضور للأشكال الهندسية المربعة والهرمية والمثلث المتقابل مع الحروفية العربية “حرف الهاء” الذي يشترك فيه مع فنانين عالميين اشتغلوا عليه كونه ميداناً خصباً للدلالة. اصفرار ممزوج بالنار في أعلى اللوحة واسوداد في الوسط والحنائي في الأسفل وعند منطقة الاسوداد الوسطى تفور الأشياء، لتتوالد الأفكار فيقدم فيها الريس الأشكال والحروفيات بشكل بارع وكأنها منطقة خلق قادرة على المضي بالتوالد. ولا بد أن يحتفي “معرض ميم” في دبي بلوحة ضياء العزاوي والمعنونة بـ Dialogue Withe the Blue المنفذة في عام 2006 من الاكريليك على الجمفاص بحجم 151X100 سم. معرض ميم مشجع الأعمال المعاصرة والذي يضم أعمالاً للعزاوي وللنحات بارفيز تانافولي والمصور عباس كيار وستامي ونجا المهداوي. في لوحة ضياء العزاوي “حوار الألوان”، نجد الحوار بمعناه الهادئ بين الأحمر المتنحي والأسود الصارم والبنفسجي الخلاق من أجل خلق الإنسان جميع الألوان التي تريد الاقتراب من هذا الكائن لتجسد يديه ورأسه وجذعه وهو العصي على الفهم. الأبيض المحمول والأخضر المتأمل في حوار جاذب يعطي إيحاء بمجازات كثيرة يوظفها العزاوي في هذا الصمت. الفنون البصرية سلوى زيدان تقدم لوحتها في جناح الجاليري الذي يحمل اسمها بعنوان Untitled 2007 وهي صورة من الطباعة على ورق فني بحجم 76X50 سم في استخدام للأحمر والأسود فقط ضمن ضربات للفرشاة بشكل قاسٍ وشفيف في الآن نفسه، ارتفاع للوجه وتقوس للجسد وتمثل لقدمين ويد في احتواء كلي وملموس بتوقيع سلوى زيدان. وعودة إلى أهم الجاليرهات التي تركز على الفنون البصرية في إيران والعالم العربي نجد “زركسيس آرت” وهو يقدم أعمالاً فائقة التعبير مثل لوحة علي أدجالي التي رسمها في 2005 تحت اسم (الرحمة) من الاكرليك والزيت على الجمفاص بحجم 150X150، حيث تتداخل الحروفيات العربية في تعاشق أخاذ تحت سماء الله الزرقاء وهي تمتد إلى اللانهاية وكأنها مركز قبة إسلامية رسمت بحروفيات زرقاء، بينما جاء اللون الأسود ليكون أساسها، خلفيتها، ومن هنا اكتسبت هذه اللوحة دلالاتها من مركزيتها المتناهية اللامرئية ومن أطرافها المنسرحة إلى اللانهاية ومن تداخل الأحرف فيها على وجه الدقة والبراعة في التخيل. آفاق الماضي يحتفي “فن أبوظبي” بحقل فني جديد أطلق عليه “آفاق الماضي” وهو عبارة عن ساحة عرض مفتوحة في الهواء المطلق وهي تحمل بوصفها مبادرة جديدة تعد الإشارة إلى الماضي رمزاً لنقطة انطلاق فنانين من أمثال آي وبوي ولويز بورجوا. الأعمال هنا تعتمد على قوة اللغة والإشارة اللغوية، فالحاضر يمكن أن يكون مقروءاً أو مكتوباً. لنقرأ محوتة اليكسنر لورانت من إل تي إم إتش جاليري L7MH وهي بعنوان Les Chardons التي نفذت في 2009 من الاستيل بحجم 244X152X69 سم حيث التشكيل الواحد/ المتعدد الذي يوازي في المشابهة جسد الإنسان وبتعالقات مختلفة، أما الرأس فهو الشكل الآخر للحقيقة. في منحوتة لويز بورجووا من “هاوز آند ويرث” التي حملت بلا عنوان في 2004 وهي من الألمنيوم بواقع 160X116X70 سم تتشابه مع الإنسان والدوامة. جسد يدور في حبسه، في دوامته، في سجنه الأبدي، غاية في الطرافة والتجدد والتعبيرية الرمزية الفائضة. كذلك في لوحته الأخرى الألمونيومية المشابهة لتلك وكأنها نسخة منها أخرى. في “جاليري هيونداي” نجد اي فايفاي وقد قدمت من دون عنوان 2010 من الخشب ضمن إطار كروي مجوف بحجم 1069X169X169، حيث الزوايا مكتملة والشبابيك والفتحات واحدة. آفاق الحاضر قدم روبرت انديانا لوحته Love الحمراء من الألمنيوم بواقع 365.8X3658.8x182.9 وسبق أن عرضت من جاليري باتريس تريجانو في قصر الإمارات من قبل. كما قدم “جاليري هالسيون” نحتاً للورنزو كوين تمثل بيد (Hand) والسيارة (Car) وهي غاية في التعبيرية بأحجام مختلفة يمتزج فيها الكارتون بالاستيل. أما معرض ميم من دبي فقدم لوحة برويز تناولي الإيراني وهي “هج” 2002، حيث النحات المسحور بالهاء العربية وبتعالقها مع الجيم وهي هنا من الفايبر جلاس، بينما برع في الأسلوب النحتي نفسه ضمن إطار الاستيل أيضاً وهذا العمل بحجم 290X190 سم. آفاق المستقبل قدم نديم كريم ضمن أعمال أيام جاليري عمله المبهر Wild Cut 2009 من الاستنليس ستيل وقدم زاو جوانجي من هانارت تي زد جاليري لوحة Nimi في 2006 من الفايبر جلاس. تلك رؤية لأعمال فن أبوظبي في إطار من التشويق المبهر والمعاصرة الفنية الغارقة في التجريب، إنها أعمال تستحق المشاهدة والتأمل. لوحة الغلاف: «فيفيان باللون البرتقالي» للفنان أليكس كاتز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©