روسيا... استعراض القوة بجيل جديد من الطائرات

فلاديمير بوتين مبتهج، وصناعة الطيران الروسية تشعر بالفخر، وحتى الخبراء العسكريين الذين عادة ما يكونون متشككين، يقولون إنهم معجبون حقا بالتقارير التي نشرت يوم الجمعة الماضي حول قيام روسيا بإجراء تجربة ناجحة على طائرة مقاتلة من "الجيل الخامس". ربما كان لدى الجميع من الأسباب الوجيهة ما يدفعهم للابتهاج: فتصنيع هذا الجيل من الطائرة مكلف للغاية، ومعقد، ومتطور تكنولوجيا، لدرجة أن الولايات المتحدة الأميركية هي الدولة الوحيدة التي تمكنت من استخدام نسخة عملياتية من طائرة تنتمي إلى هذا الجيل وهي طائراتها المعروفة( إف - 22 رابتور). وفقاً لتلك التقارير، تمكنت شركة سوخوي الروسية العملاقة، والمصُنِعّة للطائرات المشهورة التي تحمل اسمها، من إرسال الطائرة سوخوي تي- 50، ذات الجناح المتراجع، والذيل الذي يتخذ شكل حرف V اللاتيني، في أول رحلة طيران لها، استمرت لمدة 47 دقيقة بالقرب من "كومسومولسك ـ ناـ أمور"، في أقصى شرق روسيا، وحققت نجاحاً فاق كل التوقعات. "لقد بدأنا اليوم اختبارات طيران طائرة من الجيل الخامس" كان هذا ما قاله "ميخائيل بوجوسيان"، المدير التنفيذي لشركة "سوخوي" في تصريح لوكالة الأنباء الروسية. وأضاف"بوجوسيان" إنني مقتنع تماماً بأن هذا المشروع سوف يتفوق على المشروعات المنافسة الغربية من ناحية التكلفة - الكفاءة، وأن هذه الطائرة ستصبح العمود الفقري للقوات الجوية الروسية في العقود القليلة القادمة". ويقول الخبراء إن أي طائرة من الجيل الخامس يجب أن يتوافر فيها: خصائص مستقبلية تتمثل في القدرة على التخفي من كافة أنواع الرادار، والقدرة على الطيران لمسافات طويلة بسرعة الصوت، والقدرة على ضرب عدة أهداف برية وبحرية وجوية في ذات الوقت، بالإضافة إلى تكامل المنظومة التسليحية-الملاحية التي يتم السيطرة عليها بوسائل الذكاء الاصطناعي، والقدرة على الرؤية الرادارية لما وراء الأفق وغير ذلك من الخصائص الفائقة التطور التي يتوافر بعضها في الأجيال السابقة أيضا. ويقول الخبراء إن قدرة روسيا على إرسال طائرة من هذه النوعية إلى الجو، يعد إعلاناً واضحاً، عن عودتها مرة أخرى إلى الساحة العالمية كقوة تكنولوجية وعسكرية من الطراز الأول ومنافس رئيسي للولايات المتحدة في تصدير الأسلحة والمعدات العسكرية مثلما كان الحال أيام العهد السوفييتي. في محادثة هاتفية قال "أليكسندر خرامتشيخين" الخبير لدى معهد التحليل السياسي والعسكري المستقل في العاصمة موسكو ": إن ذلك يمثل حدثا ملحمياً بكافة المقاييس، لأنها المرة الأولى -بعد العصر السوفييتي- التي تتمكن فيها الصناعة العسكرية الروسية من إنتاج شيء جديد تماماً". ويضيف "خرامتشيخين" :"إن كل شيء أنتجناه بعد سقوط الاتحاد السوفييتي كان يعتمد على تصميمات سوفييتية. ولم يكن أحد يتوقع أنه سيأتي يوم، ننتج فيه شيئاً متطوراً مثل هذه الطائرة الآن، مما يؤكد أن روسيا قد وصلت إلى مستويات عالية من التطور التكنولوجي في هذا المجال". في نفس الوقت، أثنى رئيس الوزراء الروسي "فلاديمير بوتين"على نجاح تجربة الطائرة سوخوي تي ـ50 وقال إن ذلك يمثل"خطوة كبيرة" على طريق استعادة روسيا لدورها كقوة عسكرية عالمية كبرى، وتعهد بأن القوات الجوية الروسية سوف تبدأ في استلام طائرات من هذا النموذج خلال فترة لن تزيد عن ثلاثة أعوام. ويشار إلى أن "بوتين " عندما كان رئيسا لروسيا، دشن برنامجا ضخما كلفته 200 مليار دولار لإعادة تسليح القوات المسلحة الروسية من خلال إنتاج أجيال جديدة من الغواصات النووية والصواريخ العابرة للقارات وحاملات الطائرات خلال خمسة أعوام من إطلاقه. يقول الخبراء إن منتجي الطائرة المقاتلة سوخوي تي ـ50، والتي تم تطويرها بالشراكة مع الهند التي تعتبر الزبون الرئيسي لروسيا في مجال الأسلحة، سوف يسعون إلى استعادة سمعة المجمع الصناعي ـ العسكري الروسي السابقة، كمورد رئيسي للأسلحة في الأسواق العالمية. يقول "فيتالي شليكوف" خبير التخطيط السوفييتي السابق، والذي يعمل حاليا كمستشار مدني لوزارة الدفاع الروسية:" إن نجاح تجربة هذه الطائرة يحقق دعاية إعلانية لا تقدر بثمن، لأنه يظهر للدول المستوردة للأسلحة والمعدات الروسية، أننا قادرون بالفعل على إنتاج أكثر الأسلحة تطورا، بل وتطويرها كذلك ". ويضيف لما سبق:" لقد استثمرنا كثيرا في هذه الطائرة... وحقيقة أننا قد أصبحنا قادرين على إجراء تجربة عملية عليها أمر له أثر سيكولوجي كبير... ويحمل معنى رمزياً بالنسبة لروسيا ذاتها". مع ذلك، يقول المتشككون إن الأفضل هو الانتظار لمعرفة المزيد من التفاصيل عن هذه الطائرة المحاطة بسرية فائقة، والتي لا يعرف أحد عنها شيئاً حتى الآن باستثناء بعض الصور السطحية القليلة التي لا تكشف عن الكثير. يعلق" اليكسندر جولتز" الخبير العسكري لمجلة "يزيدنيفني جورنال" وهي مجلة خبرية إليكترونية" هناك بعض الخصائص الخارجية التي تتميز بها الطائرة... ولكن ليس لدينا طريقة لمعرفة ما إذا كانت تمتلك الخصائص التكنولوجية التي تجعل منها طائرة تنتمي حقا للجيل الخامس". ويضيف:" إنه لشيء عظيم أن تحلق هذه الطائرة، وأنا سعيد للغاية، ولكني أريد أيضا أن أعرف الكثير عنها". ينشر بترتيب خاص مع خدمة«كريستيان ساينس مونيتور»